تزامن مع «كورونا»... والغلبة فيه للأقل كلفة إنتاج والأكثر تنويعاً لاقتصاده

صراع «نفطي» عالمي يعمّق جراح الميزانية

تصغير
تكبير

هل يطيح الخلاف السعودي - الروسي بـ«الصخري» أم يغرق العالم بالمخزون؟

كلفة إنتاج البرميل الكويتي  بين 5 و7 دولارات

مسؤول سابق: سياسة  «المؤسسة» اعتمدت  التنويع... والتدخلات  الخارجية حدّت من التوسع


إنتاج 3.1 مليون برميل يومياً ليس حلاً في ظل أزمة مركبة

الشطي: حرب أسعار وتخفيض الإمدادات الأميركية... والبرميل إلى 20 دولاراً

الكوح: لتحذر الحكومة   في ظل أسعار تضغط  على الميزانية لعام مقبل


زادت قتامة الأوضاع في السوق النفطي، مع هبوط سعر خام برنت القياسي أمس 31 في المئة إلى 33.04 دولار قبل أن يقلّص خسائره قليلاً لتصل إلى 22 في المئة عند 37.05 دولار للبرميل، ما يزيد جراح الموازنة العامة للدولة عمقاً، في ظل اعتمادها على النفط كمصدر دخل وحيد.
وبعد التأثير الكبير لتداعيات فيروس كورونا على سعر البرميل، والهبوط الكبير لواردات الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، جاء انهيار اتفاق «أوبك» وروسيا في شأن تخفيضات الإنتاج ليزيد طين الموازنة بلة، فالسعر التقديري للبرميل في الموازنة 55 دولاراً للبرميل، في حين أن الأسعار الحالية للنفط تدور في خانة الـ30مع توقعات لتقارير عالمية باحتمال هبوطها إلى 20 دولاراً، ما يعني عجزاً هائلاً يفوق التقديرات الحكومية، واستنفاداً أسرع من المتوقع لصندوق الاحتياطي العام.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار بداية حرب أسعار ومعركة حصص سوقية، بعد انهيار اتفاق «أوبك+»، وإعلان السعودية تخفيضات كبيرة في أسعار خاماتها لشهر أبريل، مع نيتها زيادة إنتاجها إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً، فإن ذلك يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة للكويت، لا سيما مع التوقعات التي أعلنتها وكالة الطاقة الدولية، بانكماش الطلب العالمي على النفط هذا العام.وإذا كان باستطاعة الكويت الوصول بإنتاجها إلى نحو 3 ملايين برميل يومياً، فإنها ستجد نفسها مضطرة إلى تخفيض أسعار بيع نفطها لمجاراة حرب شرسة في الأسواق العالمية، وهذا يعني أن إنتاجاً أكبر للكويت قد لا يكون كافياً لتعويض خسائر تراجع الأسعار، بل إن إيجاد منافذ لبيع النفط الكويتي، في ظل الانكماش المتوقع للطلب، تحدّ آخر يواجه القطاع النفطي الكويتي.
ولفتت المصادر إلى أن الكويت أمام مفترق طرق، أحلاهما مر، فرغم أنها من أقل دول العالم بكلفة إنتاج النفط وبمتوسط 5 إلى 7 دولارات للبرميل، إلا أن المعضلة الأكبر تبقى في حجم المصروفات التي تم تقليصها أساساً وكذلك سلم الرواتب والتوظيف المستمر بلا حاجة، وهو التحدي الأكبر الذي يواجه كلفة برميل النفط الكويتي.
ورغم أن انهيار أسعار النفط هو انهيار مرحلي، وفقاً للمصادر، فإنها تطرح تساؤلاً حول الخطوات الاستباقية السابقة لأي أزمة محتملة، قائلة «من المسؤول عن توقف مشاريع كانت طوق نجاة في مثل هذه الازمات؟».
وحذرت مصادر مسؤولة من أن الأزمة الحالية تتداخل فيها المشكلة الصحية بسبب فيروس كورونا، مع الأزمة النفطية وحرب الأسعار والتباطؤ الاقتصادي العالمي، ما يصعّب من مهمة إيجاد الحلول المناسبة، مبينة أنه ما لم يكن هناك حل للأزمة النفطية وحرب الأسعار خلال شهر، فإنها ستتعمّق وستتكدس المخزونات النفطية عالمياً كما حدث في 2014.
وشددت على أنه «حتى لو تم اتفاق بعدها، فإن تصريف ذلك المخزون سيتطلب وقتاً»، مشيرة إلى أنه «في حال إنتاج الدول من دون التزام بحصص، فإن الكويت لديها القدرة على إنتاج نحو 3 إلى 3.1 مليون برميل نفط يومياً مع عودة المنطقة المقسومة»، إلا أن هذا ليس حلاً، إذ اننا أمام أزمة عالمية مركبة، اقتصادية صحية نفطية، تختلف عن ما سبق.
وقالت المصادر إنه «في كل الأحوال، فإن الأزمة لا أحد يعرف إلى أين ستصل، لكنها ستحل باتفاق سياسي عالمي لوقف الانهيار في أسعار النفط».
وتثير التطورات الأخيرة في سوق النفط، بعد اجتماعات «أوبك» و«أوبك +»، وانهيار سعر البرميل ليصل إلى مستويات الثلاثين دولاراً، تساؤلات في القطاع من قبيل: «هل تلقّن السعودية العالم درساً في التعاطي مع ملف النفط وإدارة الاقتصاد؟ وهل يكون (الصخري) الأميركي ضحية الصراع «النفطي» السعودي - الروسي أم يغرق العالم بتخمة المعروض كما حدث في 2014؟»، فيما تعتبر مصادر نفطية مطلعة أن ما يحدث في أسواق النفط العالمية بمثابة استعراض قوى، اليد العليا فيه للأقل كلفة إنتاج وتنويعاً للدخل.
دروس للمستقبل

وفي تصريح خاص لـ«الراي»، قال مسؤول نفطي سابق رفيع المستوى «لا مجال اليوم لاستعراض ما لم يتم عمله أو التحوط منه، فما يحدث حالياً تجب الاستفادة منه كدروس للمستقبل، من أجل تنويع الأسواق مستقبلا، والتخزين المناسب في الأماكن المناسبة، والاستثمار في الصناعات التحويلية، التي يمكن من خلالها تصريف نفوطنا دون الاعتماد كثيراً على الاسواق الخارجية».
وأضاف أن سياسة مؤسسة البترول اعتمدت هذه الإستراتيجية، لكن التدخلات من خارج القطاع حدّت من التوسع في هذا الاتجاه، وبالتالي فنحن نجني اليوم حصاد هذه التدخلات، مشيراً إلى أن «الإستراتيجية التي تم اعتمادها تدعو لتصريف نحو مليون برميل من خلال مصافي للبترول في عمان و فيتنام و الهند».
وبين أن إنتاج المصافي يُستخدم في الصناعات البتروكيماوية التي تنتج أكثر من 14 مليون طن سنوياً حسب الإستراتيجية، مؤكداً أن هذا التنويع يخفف من مخاطر الاعتماد كلياً على بيع النفط الخام فقط ويوفر للدولة مصادر أخرى لإيرادات الميزانية.
أما بالنسبة للحوار مع المنتجين من خارج «أوبك»، فأكد المسؤول النفطي السابق أن الديبلوماسية كانت تلعب دوراً كبيراً في إقناع الدول من داخل وخارج «أوبك» بالدخول في اتفاقيات لمصلحة الجميع، مشيراً إلى أنه في فترة سابقة كان مستوى الاجتماعات يصل إلى رؤساء الدول، من خلال القنوات الديبلوماسية المختلفة، لإقناعهم بجدوى تلك الاتفاقيات، إلا أن الوضع اليوم مختلف.
واعتبر الوضع الحالي موقتاً، وأن الأزمة ستنجلي بدخول فصل الصيف من خلال ارتفاع الحرارة وعودة المصانع في الشرق الاقصى للعمل بأقصى طاقتها، مطالباً بضرورة دراسة الأوضاع عن كثب والاحتياط للفترة المقبلة من خلال تقليص المصروفات غير الضرورية وترشيد الاستهلاك المحلي من الطاقة والموارد الطبيعية.
الكل خاسر

من ناحيته، توقع المحلل النفطي محمد الشطي انخفاض أسعار النفط لتصل إلى 20 دولارا للبرميل، مشيراً إلى أن الموقف الروسي برفض التخفيض وإفشال اتفاق خفض الانتاج في «اوبك+» كان يهدف إلى الضغط على منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، بعد أن ملّ الروس من خفض الإنتاج وترك مساحة لهم.
وقال الشطي إن المرحلة المقبلة ستشهد حرب أسعار وتخفيض في الإمدادات من الولايات المتحدة على المدى القصير، مبيناً أن روسيا يمكنها ان تتحمل الأسعار بين 20 و30 دولاراً للبرميل.
وأضاف «في كل الأحوال، ومع تضرر المنتجين جميعاً، فمن المؤكد التوصل إلى حل وسط يعيد الأمور إلى نصابها كما حدث في 2016، وإلا فالكل خاسر».
نتيجة طبيعية

أما الأستاذ في كلية هندسة البترول بجامعة الكويت، الدكتور أحمد الكوح، فأكد أن ما نشاهده حالياً في السوق النفطي نتيجة طبيعية لعدم توافق «أوبك +» رغم تأكيد «أوبك» تحمّلها ضعف تخفيض الدول خارجها.
وقال «للأسف فإن اجتماع (أوبك+) الأخير أثر سلباً على أسواق النفط، مع عدم حرص الجانب الروسي على استقرار أوضاع السوق، لذلك شهدنا تخفيض سعر البيع من الجانب السعودي في الأسواق الأميركية والآسيوية والأوروبية، وبدأت حرب أسعار للحصول على الحصة الأكبر من الأسواق».
واستبعد الكوح اتفاقاً سعودياً روسياً للضغط على النفط الصخري الأميركي، مشيراً إلى عدم توافق واضح بين البلدين، مطالباً الحكومة بالحذر في ظل أسعار نفط ستضغط على الميزانية العامة لعام آت، لافتاً إلى أن هذا هو الوقت الحقيقي لتنويع مصادر دخل الدولة.

نصف مليار دولار خسائر دول «أوبك» يومياً

هل تنفد ثروات الخليج بـ 2027؟

توقّعت دراسة سابقة لصندوق النقد الدولي أن الثروة السيادية للكويت ستنفد في عام 2052، في حين رجّحت أن تنفد الثروات السيادية لدول الخليج الأخرى خلال 15 عاماً، وذلك في حال عدم تنفيذ إصلاحات مالية كبيرة. كما توقع صندوق النقد أن تنفد ثروات دول الخليج بحلول 2027، إذا بلغ سعر برميل النفط 20 دولاراً، ما يطرح تساؤلاً مستحقاً حول إمكان تحقق تنبؤات الصندوق، لا سيما مع توقعات ببلوغ البرميل 20 دولاراً قريباً.
من جانب آخر، تفيد حسابات أجرتها «رويترز» أنه في ظل فقد النفط أكثر من ثلث قيمته، تنزف الدول الأعضاء في منظمة أوبك أكثر من نصف المليار دولار يومياً بسبب فاقد الإيرادات.
وقال مدير التصنيفات السيادية للشرق الأوسط وافريقيا لدى «فيتش»، يان فريدريخ «يخفض نزول 10 دولارات للبرميل في أسعار النفط الإيرادات المالية بين 2 و4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على حسب البلد، وأسعار  التعادل المالي تزيد كثيراً على المستويات الحالية بالنسبة لجميع دول الخليج».

 أكبر خسارة يومية منذ حرب الخليج في 1991

«وكالة الطاقة»:  طلب النفط سينكمش في 2020

وكالات - فقدت أسعار النفط ما يصل إلى ثلث قيمتها أمس، في أكبر خسائرها اليومية منذ حرب الخليج عام 1991، وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 22 في المئة إلى 37.05 دولار للبرميل، بعد أن نزلت في وقت سابق 31 في المئة إلى 31.02، وهو أدنى مستوى منذ 12 فبراير 2016، فيما انخفض الخام الأميركي أكثر من 24 في المئة إلى 33.2 دولار للبرميل.   وذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش العام الحالي للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، متوقعة أن يبلغ الطلب 99.9 مليون برميل يومياً في 2020، لتخفض بذلك توقعاتها السنوية بمليون برميل يومياً، وتشير إلى انكماش قدره 90 ألف برميل في أول تراجع للطلب منذ 2009. وتابعت الوكالة أنه في حال فشل الحكومات في احتواء تفشي كورونا، فإن الاستهلاك قد ينخفض بما يصل إلى 730 ألف برميل يومياً.
 وخفض «غولدمان ساكس» توقعاته لسعر برنت في الربعين الثاني والثالث إلى 30 دولاراً للبرميل، فيما أشار «سيتي غروب» إلى أن النفط يعاني تزامناً فريداً بين صدمتي العرض والطلب قد يدفع الأسعار إلى العشرين دولاراً.

ترامب: تهاوي النفط سيعود بالنفع على الأميركيين

ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب باللوم على معركة حصص سوق النفط الدائرة بين السعودية وروسيا وعلى «أخبار كاذبة» لم يحددها في التراجع المطرد لأسعار الأسهم الأميركية أمس.
وقال ترامب في سلسلة تغريدات إن تهاوي أسعار النفط سيعود بالنفع على الأميركيين، مضيفاً «جيد للمستهلك، أسعار البنزين تنزل!»
وقال إن إدارة ترامب تدرس عدداً من الخطوات بما في ذلك إجازات مرضية مدفوعة الأجر.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي