ألوان
احترام الماء
تدعو الحكومة إلى ترشيد الإنفاق في المياه والكهرباء منذ عقود من الزمن، وهو أمر طبيعي كوننا بلدا ليس لديه مصدر مائي، في الوقت الذي نجد فيه الدول المتطورة التي تملك الأنهار والشلالات تعمل على الاقتصاد في المياه، وهو أمر يدعو له ديننا حيث إن التبذير أمر سيئ في كل شيء، فما بالك بالماء وهو عصب الحياة.
وما زلت أذكر أنني كنت ذاهباً لتأدية واجب العزاء في إحدى المناطق وشاهدت أحد العمالة الآسيوية يقوم بغسل السيارات بصورة مبالغ فيها، كما لاحظت آخر وهو يقوم بملاحقة ورقة سقطت من الشجرة التي في منزله عبر «الهوز» فقط كي يدفعها بالماء الى الشارع، ولكم أن تتصورا كمية المياه التي صرفت فقط من أجل ذلك.
ومن هذا المنطلق فإنني أطالب بوضع كاميرات في الشوارع الداخلية لضبط مثل هؤلاء غير المنضبطين بعملية ترشيد المياه، ووضع أغلظ المخالفات كي يتوقفوا عن تكرار ذلك الأمر إضافة إلى أنهم سيكونون عبرة لمن يعتبر.
والأمر نفسه ينطبق على المواطنين والمقيمين من دون استثناء، لأن عملية المياه باتت مشكلة دولية يعاني منها الكثير من الدول، وهناك احتدام في العلاقات بين الدول بسبب المياه، فما بالك بدولة مثل الكويت ليس لديها مصدر مياه غير عملية تحلية مياه الخليج العربي.
ومن جهة أخرى، أتمنى من تلفزيون الكويت بالتعاون مع وزارة الكهرباء والماء إنتاج أفلام وثائقية عن تاريخ المياه في الكويت وعن عملية إحضار أول محطة تحلية مياه في الكويت، وأظن أنها محطة الشويخ مع ذكر تفاصيل أكثر عما إذا كانت ما زالت تعمل أم تم تغييرها أو تطويرها، مع ذكر حجم المياه العذبة التي تنتجها بشكل يومي، فمثل تلك الأمور تساعد في عملية التوعية، بل إنني أتمنى أن تكون مادة في التعليم في إحدى المواد المدرسية في المرحلة الثانوية.
ولا أعرف التفاصيل عن مدى إنتاج الآبار التي في الكويت مثل الروضتين، وهل هناك اكتشافات علمية تشير إلى وجود مياه جوفية في الكويت في أماكن لم يتم التعامل معها بعد، وربما مؤسسة الكويت للتقدم العلمي هي خير من يقوم بالإجابة عن ذلك السؤال.
علينا أن نحمد الخالق كثيراً على سهولة العيش في الكويت في الكثير من أمور الحياة ومنها المياه، حيث إن تاريخ الآباء والأجداد في عملية جلب المياه إلى الكويت مضنٍ، وكان ضمن أهم التحديات التي كانت تواجه الحياة في المجتمع الكويتي قديماً.
وعلينا أن نحترم الخيرات التي لدينا كي ننعم بها أولاً، وكي نعمل على إيصالها إلى الأجيال المقبلة ومنها المياه عبر التوعية واحترام المياه القليلة التي نملكها الآن، فهي كنز ثمين لا نفكر فيه كثيراً، ولنا أن نتخيل لو انقطعت المياه عن بيوتنا بضع ساعات ونحن مقبلون على فصل الصيف، حيث تزداد معدلات الاستهلاك، وهذا الأمر يقودنا إلى التفكير في مسألة مهمة وجوهرية وحساسة لكل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة ومفادها: نسمع كثيراً عن الأمن الغذائي في الكويت وأن هناك إجراءات في حالة الأزمات أو الحروب خصوصاً أننا نعيش في منطقة تغلي منذ عقود من الزمن ولكن لم نسمع قط عن الأمن المائي، وأتمنى من الحكومة الجديدة بقيادة معالي رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد وفريق عمله أن يخبروا المجتمع الكويتي عبر الوسائل المتاحة عن الأمن المائي، فنحن نجهل ما إذا كانت هناك إجراءات قد تمت فعلاً أو أن هناك إجراءات معينة سيقومون بها، ولا أعرف مدى نجاعة مسألة تخزين المياه في باطن الأرض، مع وضع خطط بديلة في حالة تعطل البنية التحتية الحالية لوصول المياه إلى المنازل أو تعرضها للتخريب عندها ماذا نفعل؟!
* كاتب وفنان تشكيلي