واضح

رُبْع فلامنك!

تصغير
تكبير

العنوان أعلاه لـ«سكتش» قصير مدته دقيقتان أنتجه شباب مصريون يعرّفون أنفسهم بأنهم أسّسوا مؤسسة للارتقاء بالمحتوى الثقافي والترفيهي على مواقع التواصل، وهو فيديو هادف مؤثر ومنتج بمستوى فني رائع، يناقش فن التسويق والذوق العام واختلافاته بطريقة فلسفية كوميدية جميلة، و«فلامنك» نوع من أنواع الجبن جاء أحدهم لبقالة يطلب ربع كيلو منها ودار الحوار في هذا السكتش حولها، بالبحث وجدت أن عشرين شاباً اشتركوا في العمل في هذا الفيديو القصير.
ما يهمنا في هذا العمل أنه عمل هادف يزاحم هذا الغث الإعلامي المنتشر، والأهم أنه يقوم به شباب في دولة يعاني أغلبية سكانها من ظروف اقتصادية قد تكون خانقة لكنها بلا شك تملك ثروات فكرية وعملية كبيرة، قلت قبل ذلك إن في مصر مئات المنصات الإعلامية والمحاولات الهادفة والمؤثرة التي تحاول خلق توازن مع هذا العبث في مجال الإعلام والنشر رغم صعوبة الظروف المادية هناك، في دولة مثل لبنان تعاني من ذات الظروف هناك أيضا عشرات المنصات والبرامج الإعلامية ذات التأثير العالي والقوي في المجتمع، في مثل هذه الدول استطاع بعض الشباب خلق منصات إخبارية تسابق الحدث وأثبتت مكانتها في هذا المجال رغم هذا الهراء الذي يملأ الفضاء إلا أن المحاولات موجودة وفاعلة أيضاً.
في المقابل عجزت كل جهودنا هنا عن إنشاء منصة إلكترونية إخبارية واحدة تكون فاعلة - عدا المؤسسات الإعلامية - كما أن هذا الزخم على مواقع التواصل ومشاهيره ومنتجيه وفاعليه لم يخرج عنه عمل هادف مؤثر رغم الوفرة المادية! إلا أن هذا الجانب ما زال حكراً «للغث» عندنا!
في هذا الحدث الصحي الذي شغل العالم كله - ومن ضمنه شغلنا أيضاً - عانى الأداء الإعلامي الحكومي من الكلاسيكية في التعامل مع الحدث، بمعنى أنه تعامل مع الحدث وفقاً للقواعد الفنية في الستينات من القرن الماضي! المضحك أنه عندما جاء إعلامنا الرسمي ليواكب التطور راح إلى الجهاز الرسمي للدولة ليتعاون مع إعلامي ينشر إشاعة بفيديو مصور انتشرت في المجتمع كما تنتشر النار في الهشيم، ثم يأتي بعد فترة ليكذّب هذه الإشاعة بهدف التنبيه عن كيفية صنع الأخبار الكاذبة والتحذير منها! هكذا تفتق ذهن القائمين على الإعلام عندنا عن هذه الطريقة لمحاربة الإشاعة! الآن تعالَ لتقنع المجتمع أن الفيديو الأول إشاعة؟ قد تحتاج لمعجزة! لا أعلم من هذا الإعلامي العبقري الذي اقترح هذا السيناريو؟
على مستوى مواقع التواصل بلا شك هناك جهود شخصية رائعة لأطباء ومختصين ومشاهير أدت دوراً توعوياً مهماً، لكننا نفتقد العمل المؤسسي الجماعي الذي ينتج أعمالاً هادفة رغم الكثرة في المنصات، إلا أنها فعلاً عاجزة عن الابتكار.
باختصار... الأزمات كلها في العالم في شقها الأهم... إعلامي، مهما كانت هذه الأزمات، ما لم تملك زمام التواجد الإعلامي المؤثر ووفقاً لقواعده الجديدة المتطورة، فسوف تعجز عن مواجهة أزمتك - مجتمعياً على الأقل - الإعلام مثل الحديد المسلح في قواعد البناء! فخامة الرخام، جودة الإسمنت، روعة لون الصبغ، لن يغنيك أبداً عن قواعد حديدية يقوم عليها هذا البناء.

@lawyermodalsbti

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي