مخاوف من تأثر قطاع الأغذية بخفض الاستهلاك
الدواجن تُفسد المناخ... وأرباح الشركات
تحقيق الأهداف المناخية يتطلب خفض استهلاك اللحوم والألبان للنصف بحلول 2030
قُوبلت دعوات علماء وناشطين في قضية التغير المناخي للمستهلكين إلى التخلي عن تناول اللحوم الحمراء واستبدالها بالدواجن، كجزء من محاولتهم لضبط السلوك الاستهلاكي للتخفيف من حدة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، بالرفض خلال الآونة الأخيرة من قبل جمعيات متخصصة في الآونة الأخيرة، إذ أكدت تلك الجمعيات وجود دلائل على أن استهلاك الدجاج يساهم وبشكل كبير في إفساد المناخ، وهو ما يرى فيه اقتصاديون مؤشراً إلى انخفاض مقبل في إنتاج واستهلاك الدجاج، ستتأثر به شركات الأغذية التي تنشط في هذا الجانب، لا سيما مع التحول العالمي الآخذ في التوسع نحو أنشطة «نظيفة» بيئياً.
ووفقاً لجمعية «Green peace»، فإنه لتناول اللحوم الحمراء تأثير بيئي ضخم، إلا أن هذا الأمر ينسحب أيضاً على الدجاج، حيث أدى إطعام مليارات الدجاج التي يتم تناولها كل عام في جميع أنحاء العالم بفول الصويا، إلى إزالة الكثير من الغابات، ما نتج عنه تسارع في التغير المناخي ودفع الحياة البرية نحو الانقراض.
وبحسب تقرير لموقع «Vox.com»، ارتفعت كمية الدجاج التي يتم تناولها بشكل كبير عالمياً، وبنحو 31 في المئة بين عامي 2000 و2011، في حين ارتفع استهلاك اللحوم الحمراء 13 في المئة. ومنذ 1990 حتى 2013، ارتفع الإنتاج العالمي من الدواجن 165 في المئة، مقابل 23 في المئة بالنسبة للحوم.
وذكر التقرير أنه «في الوقت الذي يعتبر فيه تلوث الهواء والماء، وتدهور الأراضي الصالحة للزراعة، وفقدان الكثير من أنواع الحيوانات، والمناطق الميتة الضخمة بالمحيطات، أضراراً جانبية لإنتاج اللحوم، تلعب صناعة الدواجن دوراً كبيراً في التدهور البيئي، لاسيما مع كبر حجم صناعة الدواجن في العقود الأخيرة، وكذلك تأثيرها على النظم الإيكولوجية في جميع أنحاء العالم»، مضيفاً أن التحول إلى تناول الدواجن بدلاً من اللحوم أفضل للتغير المناخي، لكن الاستهلاك الكبير للدواجن بالحجم الحالي ليس من صالح كوكب الأرض.
وبحسب «Green peace»، ينتهي المطاف بكميات ضخمة من فول الصويا القادمة من البرازيل إلى دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر ثاني أكبر مستورد لهذه السلعة في العالم، إذ يُستخدم معظمها لتغذية الحيوانات، ويذهب نصفها لإطعام الدجاج.
ومن ناحية أخرى، تتسبب صناعة الأعلاف الحيوانية في أضرار كبيرة للعديد من المناظر الطبيعية في البرازيل، بما في ذلك منطقة سيرادو الاستوائية، وتحتوي هذه«السافانا» الشاسعة، التي تتميز بالأراضي العشبية الجافة المليئة بالأشجار، على مجموعة متنوعة مذهلة من النباتات والحيوانات، كما تُعرف هذه المنطقة أيضاً باسم «مهد المياه» كونها تغذي معظم أنهار البرازيل الرئيسية، بما في ذلك نهر الأمازون.
كما أن فول الصويا إضافة إلى تربية الماشية يدمّران«غران تشاكو»، ثاني أكبر غابة في أميركا الجنوبية، حيث تختفي هذه الغابة بشكل أسرع من أي غابة أخرى مع توسع الزراعة الصناعية في المنطقة.
وأوضح التقرير أنه من خلال تدمير هذه المناظر الطبيعية، تسهم شركات الأغذية مساهمة كبيرة في أزمة المناخ، بالإضافة إلى تهديدها للأنواع البرية بالانقراض، مبيناً أن الطريقة التي يتم بها إنتاج غذائنا وتوزيعه تولّد ما يقرب من ربع إجمالي الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري، وتعتبر صناعة الألبان واللحوم الأكثر تضرراً.
وأشار إلى أن الطلب على المنتجات الحيوانية الأرخص، وبالتالي الأعلاف الحيوانية الرخيصة، يشجّع صناعة فول الصويا على المضي قدماً في سيرادو وغران تشاكو، منوهاً إلى أن إنتاج الصويا ارتفع في البرازيل، التي تنتج أربعة أضعاف ما كانت تنتجه قبل 20 عاماً.
ولفت التقرير إلى أنه رغم تحول الكثير من الناس من تناول لحوم البقر إلى الدجاج كخيار أكثر ملاءمة للمناخ، إلا أن الأعداد الهائلة للدجاج التي يتم تناولها تعني أن الدواجن تسهم بشكل كبير في تغير المناخ، إلى جانب التلوث الإضافي الناتج عن المزارع، لذا فإن الانتقال من اللحوم الحمراء إلى الدجاج ليس حلاً، مؤكداً أننا نحتاج إلى خفض كمية اللحوم بشكل عام، ومنتجات الألبان التي نتناولها.
وبيّن التقرير أنه لتحقيق أهداف التغير المناخي، لابد من خفض الاستهلاك العالمي للحوم ومنتجات الألبان بنسبة 50 في المئة بحلول 2030، مضيفاً «يمكننا جميعاً إجراء تغييرات في عادات الأكل لدينا لتشمل المزيد من الحبوب والفواكه والخضراوات، لكن التغيير الحقيقي سيأتي فقط من شركات المواد الغذائية، التي بإمكانها أن تقرر ما هو الغذاء المطروح على رفوف الأسواق والمحلات، إضافة إلى التأثير الكبير لإعلاناتها وعروضها الخاصة على خيارات المتسوّقين».
الحل بالأغذية النباتية
أفاد التقرير بأن تقليص استخدام اللحوم والجبن والحليب يعني انخفاض استهلاك الأبقار والدجاج، وبالتالي ستكون هناك حاجة إلى مساحة أقل من الأراضي للرعي وزراعة فول الصويا، ما يترك مساحة أكبر للغابات والحياة البرية.
وبين أنه«إذا كنا جادين في التعامل مع حالات الطوارئ المتعلقة بالمناخ والطبيعة، فيجب على شركات الأغذية ومحلات السوبر ماركت البدء في استبدال اللحوم ومنتجات الألبان في منتجاتها بأطعمة نباتية صحية، وبأسعار معقولة».