«التيار الحر» إلى الأرض اليوم بوجه حاكم «المركزي»... والحريري يمْضي بمهاجمة باسيل

صوتُ «إعادة هيكلة» الدين العام يرتفع في لبنان

No Image
تصغير
تكبير

يعكس «ابتلاعُ» المأزقِ المالي في لبنان سريعاً للأحداث السياسية على أهميّتها، حجمَ انكشافِ الواقع المحلي على أعتى الأزمات التي تضرب البلاد منذ نشأتها والتي اقتربتْ من لحظة «أبيض أو أسود» في ما خص خيارات المعالجة التي باتت تراوح بين «أهون الشرّيْن».
فلم تعمّر في بيروت طويلاً المعاني «فوق العادية» لمبارَكة طهران المباشرة (عبر زيارة علي لاريجاني) لتشكيل الحكومة الجديدة الموضوعة «تحت الرقابة» العربية والدولية، ولا صَمَدَ «على الرادار» عرْضُها بالدعم والتعاون مع لبنان في قطاعاتٍ حيوية كالكهرباء وإنتاج الأدوية ومواد البناء، ولا أخذتْ بيروت وقتَها في التوقف عند رمزية زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس لها في وقت يعتقد كثيرون أن أزمة «بلاد الأرز» المالية صارتْ أخطر من «اليوْننة»، ولا بقيتْ طويلاً «تحت العدسة» الضوضاءُ السياسيةُ لـ«الحروب الصغيرة» بين أطراف وازنين سواء داخل البيت الحكومي الواحد، أو بين أفرقاء فيه وأحزاب انتقلتْ إلى معارضة «مع وقف التنفيذ».
وبدا واضحاً أن العدّ العكسي الذي فَرَضَه استحقاق سندات «يوروبوندر» بقيمة 1.2 مليار دولار في 9 مارس المقبل، أصبح الشغل الشاغل للسلطة التي يتعيّن عليها حسْم خيارها في ما خص السداد أو عدمه، وهو القرار الذي سيتحدّد معه المسار الذي ستعتمده الحكومة لمقاربة مجمل الدين العام وإعادة هيكلته التي تحوّلت «كأساً مُرّة» لا مفرّ منها، وإن كانت آلياتها وطبيعتها وحدودها ما زالت محور غموض يعكس دقّة المرحلة التي تمرّ بها «بلاد ما بين الناريْن»: الأزمة المالية التي تُنذِر بحرْق «الهيكل» اللبناني ما لم تتم محاصرتها «الأمس قبل اليوم»، و«التشوّه» السياسي الذي وُلدت معه الحكومة الجديدة برعاية «حزب الله» وفريق الرئيس ميشال عون.
وقبيل وصول فريقٍ من خبراء صندوق النقد الدولي إلى بيروت مساء أمس في زيارة تستمر حتى الأحد، بناءً على طلب لبنان المشورة الفنية بشأن السياسات الممكنة للتعامل مع التحديات الاقتصادية الكلية التي تواجه الاقتصاد، لاحت مؤشراتٌ إلى قرب اكتمال «بازل» الخيارات الحكومية الممكنة في ما خصّ مقاربة استحقاق 9 مارس (وهو واحِدٌ من استحقاقات عدة في 2020 بقيمة 2.5 مليار دولار بلا الفوائد) كما الأرضية القانونية اللازمة.
وفي هذا السياق، أمكن التوقف عند النقاط الآتية:
• التأكيدات المتوالية بأن صندوق النقد ليس من مهماته تحديد خيار لبنان بدفع سندات «اليوروبوند» او عدمها، بل سيقوم بما يشبه عملية «مسْح» للواقع المالي ويقترح بناء عليها كيفية مد لبنان بالدعم المطلوب، علماً أن هذه العملية ستساعد بيروت في مفاوضاتها مع حاملي السندات ولا سيما في الخارج، على أن تترافق مع خطة لا بد منها للتصدي لعبء الدين وسدّ الفجوة المالية (بين 40 و60 مليار دولار) التي شكّلها «تبخُّر» المبالغ بالعملات الأجنبيّة التي وظّفتها المصارف في القطاع العام، أيّ في سندات «اليوروبوندز» وإيداعات القطاع المصرفي في مصرف لبنان وفي الوقت نفسه توفير السيولة بالدولار لمنْع «اختناق» الاقتصاد وإبقاء «شريان» الاستيراد للمواد الاستراتيجية.
• ازدياد المؤشرات إلى أن خيار عدم دفع استحقاق 9 مارس يتقدّم على السداد في ظلّ عدم رغبةٍ في المزيد من استنزاف احتياطي المركزي بالعملات الأجنبية، وتَراجُع جدوى الدفع لحاملي السندات الأجانب واعتماد «سواب» مع حامليها من مصارف لبنانية (بسندات أخرى أطول أجَلاً)، وذلك بعدما عمد أكثر من مصرف الى بيع سندات مارس مع خسارة 50 في المئة من قيمتها الى جهات خارجية بهدف الحصول على سيولة، وهو ما قَلَبَ أرقام هذا الاستحقاق من 60 في المئة سندات محمولة داخلياً و40 خارجياً إلى العكس.
وتعزّز هذا المناخ مع مجاهرة رئيس البرلمان نبيه بري أمس، في مقاربته استحقاقات «اليوروبوندز» بـ«ان إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعده يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل له ما دام نصف الدين العام إضافة الى العجز السنوي يأتي من هذا الملف»، وسط غموض ما زال يلفّ المسارات التي قد تُعتمد في سياق إعادة الهيكلة وهل يقتصر على حسْم أرباح الفوائد المحققة من أصحاب الودائع (لما يفوق معدّل 4 في المئة مثلاً) وهل يكفي ذلك لتفادي المساس بأصل الودائع.
كذلك عبّر كلام رئيس جمعية المصارف في لبنان سليم صفير بعد لقائه رئيس الحكومة حسان دياب عن ارتفاع أسهم عدم سداد استحقاق مارس، إذ قال «إذا كانت الحكومة متّجهة إلى جدولة الدين فعلى هذه الجدولة أن تتم بشكل منظّم أي بالتفاوض مع حاملي سندات الدين ولا سيما الصناديق الاستثمارية في الخارج، والذين أظهروا حتى الآن جهوزية للتفاوض على هذا الأساس»، معلناً أن «أي قرار في موضوع الـ(يوروبوندز) تتخذه الحكومة حصراً بما تراه مناسباً للبنان».
• اتجاه لبنان إلى تعيين ‏مستشار مالي ومستشار قانوني في الطريق إلى التفاوض مع الدائنين وخصوصاً مع صندوق «أشمور» الذي صار يحمل 25 في المئة من سندات مارس، بالإضافة إلى ‏نسبة مماثلة من استحقاقَيْن آخرين في 2020، وذلك لضمان مسارات آمنة قانونياً تجنّب البلاد أي مقاضاة دولية ستكون أمام محاكم نيويورك.
ونقلتْ «رويترز» عن مصدر مطلع أن لبنان سيدعو 8 شركات دولية لتقديم عروض لتقوم بدور مستشاره المالي في وقت يدرس كل الخيارات بشأن ديونه السيادية، مؤكداً أن الدعوة لتقديم عروض لا «تعني أن لبنان قرّر إعادة هيكلةٍ، لكنها تعني أن لبنان يدرس جميع الخيارات والتداعيات اللاحقة».
وفي موازاة ذلك، وفيما تكتسب التظاهرة التي ينظّمها «التيار الوطني الحر»، اليوم، أمام مصرف لبنان «من أجل المطالبة بمعرفة كامل الحقائق في ملف الاموال المهرَّبة الى الخارج وبضرورة استردادها» أهمية خاصة باعتبار أنها تؤشر لانتقال «المعركة» مع حاكم «المركزي» رياض سلامة ومع السياسات المالية والنقدية التي اعتُمدت في الأعوام الثلاثين الماضية «إلى الأرض»، لفت ردّ ضمني من الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري الذي اعتبر «ان ما يحصل بالمصارف والهجوم على الحاكم يدلّ على وجع الناس ولكن هناك أفرقاء يستعملون الهجوم لتغيير أسباب الوصول الى هنا».
واذ كرّر وصْف رئيس «التيار الحر» جبران باسيل بـ«رئيس الظل»، سأل «لماذا اضطررنا ان نتحمل نصف الدين على الكهرباء؟ لان المشكلة الاساس هنا في قطاع الكهرباء»، ومشيراً إلى أنه «إذا أردْنا حل المشكلة الاقتصادية علينا أن نشخّصها من من دون أن يلقي التيار اللوم على الغير، وأي شيء اصلاحي لن أقف بوجهه».

تحقيقاتٌ في بيع مصارف
سنداتها «اليوروبوندز»

| بيروت - «الراي» |

طلبتْ وزيرة العدل ماري كلود نجم، من النائب العام التمييزي غسان عويدات، توجيه كتاب إلى هيئة ‏التحقيق الخاصة في مصرف لبنان يطلب إيداعه المعلومات المتوافرة لديها عن عمليات متعلّقة ‏بسندات «اليوروبوندز» جرت في الأيام الماضية ، وذلك لتبيان حقيقة ما يتم التداول به في الإعلام من أنّ بعض المصارف وضعت سنداتها باسم بعض المؤسسات‏ خارج لبنان لتمارس على الدولة ضغوطاً في عملية التفاوض معها ‏لتسديد المستحقات‎.‎
كذلك، طلبت من عويدات إجراء المقتضى اللازم ومراسلة ‏هيئة الرقابة على الأسواق المالية ‏في لندن لتبيان الحقيقة في موضوع ‏حجم التداول بالسندات اللبنانية القصيرة الأجل، الذي تضاعف عشرات المرات من ‏خلال صندوق «اشمور»، ‏ما يطرح تساؤلات يجب إيضاحها‎.‎
وفي موازاة ذلك، أطلع عويدات رئيس الحكومة حسان دياب على النتائج الأولية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتباراً من 17 اكتوبر 2019، وسط معلومات عن أنه تم البحث في إمكان التوسع بالتحقيقات لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحوّلة إلى سويسرا، وأيضاً إمكان توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي