رفض حكومي - قضائي تام... وتباين في المواقف النيابية
العفو... عند وليّ الأمر
• «الأعلى للقضاء»: الاقتراحات تجور على اختصاص أصيل للسلطة القضائية
• النيابة العامة: وجوب تنفيذ العقوبات للمحكومين تحقيقاً للردع العام والخاص
• «العدل»: العفو في الجرائم الفردية يختص بإصداره سمو الأمير
• «الداخلية»: الاقتراحات تُشكّل في حقيقتها عفواً جزئياً وليس شاملاً
لا يبدو الطريق ممهداً أمام تقارير العفو الشامل في جلسة مجلس الأمة غداً، وسط حالة من الرفض الحكومي - القضائي التام لها، وتباين المواقف النيابية نفسها من القضية، وهو ما يشي بأن الجلسة ستكون ساخنة وقد تشهد سجالات حادة، تنتهي برفض التقرير بمقترحاته الأربعة، وفق مصادر نيابية أكدت أن التوجه العام في المسألة أن يكون طلب العفو وفق القناة التي سار عليها من سلموا أنفسهم ونالوه.
فالتقرير، يحل على جدول أعمال المجلس، مصحوباً بـ«لا» حكومية - قضائية قوية تعكسها آراء الجهات المعنية بالأمر، فالمجلس الأعلى للقضاء أكد أن صدور العفو الشامل عن هذا الكم من الجرائم الخطرة وما ارتبط بها من جرائم أخرى، والإفراج عن كل المتهمين، تتأذى منه فكرة العدالة، مشدداً على أن الجرائم المشمولة بالعفو تتسم بالخطورة الشديدة على أمن الدولة في الداخل والخارج، وأن الاقتراحات بقوانين في صيغتها وتوقيتها تهدّد ما نص عليه الدستور بشأن استقلال السلطات، وتجور على اختصاص أصيل للسلطة القضائية.
كما انتهى رأي النيابة العامة إلى أن العفو الشامل يكون عن الجرائم وليس عن القضايا أو عن المحكوم عليهم، وأن العفو عن الجرائم التي دين بها أشخاص معينون في قضايا معينة ينطوي على إهدار لقيمة وحجية الحكم القضائي، ويعد تدخلاً سافراً من السلطة التشريعية في عمل السلطة القضائية. وبينت أن الجرائم التي تنطبق عليها الاقتراحات بقوانين جرائم شديدة الأهمية وبالغة الخطورة مما لا يستساغ العفو عنها عفواً شاملاً، بل يتعين وجوب إدانة المتهمين بارتكابها وتنفيذ العقوبات المحكوم بها فيها تحقيقاً للردع العام والخاص. ورأت أن يكون العفو عن هؤلاء الأشخاص وفقاً لما يراه سمو أمير البلاد المفدى الذي يختص بسلطة العفو الخاص.
وأيدت وزارة العدل رأي النيابة العامة والمجلس الأعلى للقضاء، وأبدت عدداً من الملاحظات، بأنه مع العفو لا بد أن تتوافر حالة تدعو فيها المصلحة القومية العليا للبلاد لممارسة هذه السلطة، ولا يسوغ تقرير هذا العفو لاعتبارات شخصية أو تحقيقاً للمجاملة الفردية للمحكوم عليه، مبينة أن العفو عن العقوبة في حال الجرائم الفردية يختص بإصداره وفقاً للدستور سمو أمير البلاد.
واعتبرت وزارة الداخلية أن الاقتراحات بقوانين الثلاثة لم تراع شروط وأهداف العفو الشامل الذي يتصف بالعمومية والشمولية، وأنها في حقيقتها تشكل عفواً جزئياً، ينظمه العفو الخاص الذي يختص به سمو الأمير وفقاً للدستور.
وبينما رفض نواب دمج مقترحات العفو بتقرير واحد على جدول أعمال الجلسة، رد رئيس اللجنة التشريعية خالد الشطي على من استهجن دمج أربع تقارير تتعلق بالعفو في تقرير واحد، وقال «أنا مؤمن بأن العفو من حق سمو الأمير وبابه مفتوح، إلا أن بعض الأداء السياسي يتطلب الندية السياسية... ومن يتهم غيره بخلط الأوراق فهو من خلط الأوراق».
وفي السياق نفسه، قال النائب سعدون حماد لـ«الراي» إن المجلس «سبق أن ناقش موضوع العفو ورُفض لأن غالبية النواب على قناعة بأن من يملك العفو هو سمو الأمير»، موضحاً أنه «إما أن يكون العفو بموافقته ورضاه، وإما بعدم موافقته، ونحن كنواب لا يمكن أن نوافق على شيء سمو الأمير غير موافق عليه، وخط سير العفو يبدأ بتسليم من عليه حكم نفسه، وتقديم كتاب اعتذار، وتالياً يحصل على العفو ويخرج من السجن، فلماذا ندخل مجلس الأمة في متاهات؟».