حوار / مؤلف كتاب «الأسطورة عبدالحسين عبدالرضا في الصحافة»

عيسى دشتي لـ«الراي»: «بوعدنان» قرأ الفصل الناقص... «قبل أن يُكتب»!

تصغير
تكبير
  • أردت أن يكون كتابي ذا فكرة جديدة يوثّق حياته... حفظاً لتراثه 
  • عندما عرضت عليه «البروفة» منحني ملاحظاته الخاصة بالكتب أبرزها تصنيفه وفقاً للحقب وشطب أسماء كان مشكوكاً فيها 
  • هناك أشخاص استغلوا حاجتي للأرشيف... فاشتريت دليل التلفزيون بمبلغ 90 ديناراً كويتياً ومجلات الواحدة منها بمبلغ 200 دينار!

من باب ردّ الوفاء والحب للفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا، انطلقت لدى الدكتور عيسى دشتي فكرة إعداد كتاب يوثق مسيرة عطائه تخطت الـ50 عاماً، امتلأت بالإنجازات والأعمال التي ما زالت خالدة إلى يومنا الحالي، وتبلور ذلك من خلال كتاب «الأسطورة عبدالحسين عبدالرضا في الصحافة».
دشتي، وفي حواره مع «الراي»، كشف عن كيفية انطلاق فكرة الكتاب، والكواليس التي رافقته من خلال جلساته المتعددة مع الراحل «بوعدنان»، مشيراً إلى الذاكرة القوية التي كان يتمتع بها واهتمامه الكبير بأدق التفاصيل، ورغبته في عمل ليلة تدشين خاصة بالكتاب. كما كشف دشتي عن أن الراحل كان شعر بأن رحلته إلى لندن هي الاخيرة عندما طلب منه كتابة الفصل الناقص من الكتاب رغم اكتماله.

• كيف انطلقت فكرة إطلاق كتاب «الأسطورة عبدالحسين عبدالرضا في الصحافة»؟
- هذا ليس الكتاب الأول الذي أقوم بإعداده وأصدره، إذ هناك كتب ذات مواضيع مختلقة أغلبها تخصّ تاريخ الكويت والعلاقات الكويتية - البريطانية وتاريخ البريد والطوابع وغيرها من الكتب الفنية مثل كتاب الفنان خالد النفيسي. أما كتاب «الأسطورة الراحل عبدالحسين عبدالرضا في الصحافة»، فيحمل الرقم 18 في رصيدي حتى اليوم، وجاءت فكرة إعداده لعدم وجود كتاب يحكي مسيرته الفنية.
• لكن هناك كتاب أصدره الناقد الصحافي عبدالستار ناجي عنه؟
- هذا صحيح، وهناك أيضاً كتاب أصدرته إمارة الشارقة وإمارة عجمان، لكنني أعتبرها كتيبات صغيرة تتكلم عن حياته من الناحية الاعتيادية. لهذا أردت أن يكون كتابي ذا فكرة جديدة يوثق حياته وحفظاً لتراثه، وأيضاً لإبراز دور الصحافة والصحافي في تتبع حياة الفنانين.
• اروِ لنا تفاصيل الخطوات الأولى من صناعة الكتاب؟
- أذكر في أول لقاء لي معه أخبرته عن فكرة الكتاب، فأخبرني عن تكليف المجلس الوطني للناقد الصحافي عبدالستار ناجي بعمل كتاب «الأيقونة». مع ذلك لم يحبطني، بل طلب مني المضي قدماً بما أريد وإطلاعه على المستجدات أولاً بأول، لكن بعد الاطلاع على كتاب «الأيقونة».
• وماذا حصل بعد ذلك؟
- بعد مرور شهرين تقريباً من لقائي به، صدر كتاب «الأيقونة» ورأيت أنه كتاب مصوّر يحتوي على ما يقارب 400 صورة من أعماله الفنية و«البروشورات» في بداياته من الستينات إلى السبعينات، بعدها جلست معه مجدداً وأخبرته ملاحظتي حياله، وهي غياب التعليق على كل صورة، ما يجعل الأجيال القادمة تجهل هوية مَنْ في الصور، وفعلاً أيدني بذلك الأمر.
• وماذا كانت الخطوة التالية؟
- أخبرته أنني بصدد جمع وتوثيق جميع أخباره ولقاءاته الصحافية كاملة خليجياً وعربياً من بدايته إلى اليوم الذي نحن فيه وصفّها وفق تسلسل زمني منظّم، بالتالي سوف يتمكن قارئ الكتاب من قراءة مسيرتك الفنية من الألف إلى الياء، مع معرفة ما الذي كان يدور في ذهنك آنذاك ومعرفة مشاريعك التي تحققت وغيرها، ومنها نكون قد جمعنا أرشيفك ليكون أول أرشيف فني يجمع لفنان. عندها أخبرني عن إعجابه بالفكرة وحثني على المضي بها قدماً، وشعرت بأنه يريد أن يلمس مدى جديتي في الموضوع، فأخذت منه موعداً آخر فور حصولي على مادة كافية للمباشرة بالكتاب.
• هل نجحت في الاختبار؟
- بدأت بالبحث في المجلات والصحف والمكتبات الخاصة وزيارة أهل «الأنتيكات» والمجلات القديمة، وبعد إكمالي لـ40 في المئة من الكتاب في ستة أشهر، قابلته وأطلعته على ما أنجزت، فأعجب بها وأخذني معه إلى مكتبه وساعدني في الحصول على ما تبقى من أرشيفه الخاص لضمه إلى ما أملك، بعدها باشر بالمتابعة معي أولاً بأول، وأصبحت بيننا زيارات متقطعة كلما حصلت على أرشيف جديد، وعندما كنت أغيب عنه أجد منه اتصالاً يسألني لأي مرحلة وصلت. كانت ذاكرته قوية جداً، إذ كان يخبرني عن لقاءات مهمة أجراها مع المجلات والصحف ويطلعني بتاريخ السنوات التي أجريت فيها.
• هل كان مهتماً بالجهة التي ستقوم باصدار الكتاب؟
- عندما وصلت إلى 80 في المئة من الكتاب، سألني من الجهة التي ستتولى طباعته وإصداره، وأخبرته أن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هو أفضل من يقوم بذلك، بحكم أنني أمتلك تجارب سابقة معهم، وفعلاً قابلت حينها الأمين العام للمجلس المهندس علي اليوحة الذي لم يتردد لحظة عن الموافقة لدرجة أنه طلب مني تقديم طلب بخط اليد حتى يوقع عليه فوراً للمباشرة، عندها أبلغته بموافقة المجلس وسُعد كثيراً، لنكمل بعد ذلك مشورانا في جمع ما تبقى من أرشيف حيث كان يدلني على لقاءات مع مجلات عربية كان قد أجراها في لندن ومصر وغيرها من الدول. فعلاً كان مرشداً لي في صناعة هذا الكتاب.
• عند انتهاء جمع الأرشيف كاملاً، هل وضع «بوعدنان» لمساته؟
- في اللحظة التي انتهيت بها من جمع الكتاب عرضت عليه البروفة، حينها بدأ بمنحي ملاحظاته الخاصة، أبرزها تصنيف الكتاب وفقاً للحقب الزمنية، وطلب مني وضع جميع أخبار «هذا سيفوه» وحيدة منفصلة عن البقية، والسبب أنه كان مهتماً بها بقوله «قضية المسرحية وايد تهمني، وأبي أبرز الرأي والرأي الآخر حولها»، إذ لو تقرأ الكتاب وخاصة هذا الفصل سوف تجد أنني وضعت جميع الآراء حولها سواء بالإيجاب أو السلب. وأيضاً من ملاحظاته كانت شطب جميع الأسماء التي هاجمته وتقدمت بالشكوى بعد «هذا سيفوه»، والأشخاص الذين كان مشكوكاً بهم في تفجير مركز الفنون، ومحاولة اغتياله بعد مسرحية «سيف العرب» بقوله «ماله داعي تنكتب، أنا مسامح الجميع». كذلك اتفقنا على طريقة تصميم الكتاب وعرض الصفحات.
• وبعد اكتمال الكتاب كاملاً في العام 2017، ما الذي حصل؟
- اكتمل الكتاب حينها بواقع 390 صفحة، وحينها قال لي إنه ممتاز وجميل ولم يتوقع أن يصبح كذلك، فطلبت منه توقيع الكتاب حتى يتسنى للمجلس طباعته، لكنه أجّل ذلك بسبب سفره إلى لندن، وطلب أن أحضر إليه مجدداً فور سماعي بأنه قد عاد إلى الكويت لمباشرة توقيعه، وأخبرني أنه هناك فصلاً ناقصاً في الكتاب طالباً مني إكماله في ما بعد، الأمر الذي وضعني في حيرة من أمري ووضع أيضاً مسؤولي المجلس الوطني الذين لم يجدوا شيئاً ناقصاً في الكتاب. وبعد وفاة بوعدنان بيومين، هاتفني المهندس علي اليوحة معزياً، وأخبرني «هل عرفت الآن الفصل الناقص الذي أخبرك عن إكماله بوعدنان؟» وأخبرته بالإيجاب، عندها طلب مني إنهاء كتابة الفصل وفاء له للمباشرة في الطباعة.
• بعد تسلم كامل العبدالجليل منصب الأمين العام الجديد، هل وجدت ترحيباً منه لإكمال مسيرة الطباعة؟
- كان متعاوناً ومرحباً كثيراً أيضاً بفكرة طباعة الكتاب، وساهم في إسراع إجراءات طباعته وإنجاز ليلة التدشين كما كان «بوعدنان» متصورها بالضبط، إذ أخبرني قبل سفره إلى لندن عن رغبته في عمل حفل تدشين للكتاب في المسرح، مع وضع جميع مقتنياته الفنية، وأذكر أنه طلب تغطية الكتاب بستارة ووضع المقطع الأخير من مسرحية «هذا سيفوه».
• ما عدد النسخ المطبوعة من الكتاب، وهل هو مجاني؟
- تمت طباعة النسخة الأولى منه (1000 نسخة) وعدد صفحاته 490 كبيرة الحجم، وسعره 10 دنانير فقط، وهو متوافر في مبنى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. وبهذا يعتبر أول مرجع شامل يضم مسيرة الفنان، ويمكن أن يكون مرجعاً لأي شخص مهتم بمسيرة الراحل.
• لماذا لم يكتب الراحل مقدمة الكتاب؟
- كان المفترض أن يقوم بذلك، لكن رحلة علاجه إلى لندن حالت دون ذلك. لكن ما أثراه هو كتابة زوجته نبيلة الصانع للمقدمة بنفسها، حيث كتبتها بطريقة أدبية جميلة جداً بينت لنا جوانب اجتماعية بينها وبين الراحل «بوعدنان» لم يكن أحد يعلم عنها طوال عشرة دامت 52 عاماً.
• هل توقعت يوماً أن تصدر كتاباً عن الراحل، أو تتقرب منه كثيراً؟
- ربما لا يعلم الكثيرون ذلك، وهو أنه تجمعني به صلة قرابة، فهو ابن خالة الوالد، لذلك كنت أراه دائماً في المناسبات العائلية منذ صغري، ورغم هذا تبقى له هيبة مختلفة واحترام حتى في مقابلاتي معه الأخيرة، وفعلاً لم أتوقع يوماً من الأيام أن أكتب كتاباً عنه.
• ما الصعوبة التي واجهتك خلال عملية البحث والجمع؟
- لا أنكر أنني واجهت صعوبة كبيرة جداً، إذ هناك أشخاص من الكويت استغلوا حاجتي للأرشيف. وعلى سبيل المثال، اشتريت دليل التلفزيون بمبلغ 90 ديناراً كويتياً ومجلات، الواحدة منها بمبلغ 200 دينار. في المقابل، هناك أشخاص تعاونوا معي بمنحي نسخاً عن أرشيفهم بالمجان أذكر منهم جابر الهندال، الدكتور حمد أشكناني، سالم الشمري، يوسف عبدالله بوناشي، علي سلمان، منى ابنة الفنان الراحل أيضاً وغيرهم. وهنا لا أستطيع نكران مساعدة عائلتي لي وأصدقائي المقربين في جمع أكبر عدد ممكن من الأرشيف.
• هل تفكر في إطلاق كتاب آخر عن الراحل بوعدنان بمادة مختلفة جديدة؟
- في ليلة تدشين الكتاب وصلني أرشيف جديد لم يكن مدرجاً في الكتاب، لهذا بدأت بتجهيز الطبعة الثانية منه، والذي قد يصل عدد صفحاته إلى 600 صفحة بواقع 200 صفحة جديدة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي