واضح

استضعاف الحكومة في غدير!

تصغير
تكبير

تحقيق الأهداف في المرمى السياسي هو أساس هذه «اللعبة» التي يسمونها ديموقراطية، سواء تحقق هذا الهدف بفنيّات ومهارات عالية أو من دونها، وسواء تحقق بجهد اللاعب أو بخطأ الفريق المقابل أيضاً لا يهم، حتى لو ارتطمت الكرة بحكم المباراة ودخلت المرمى فهي هدف محقق، طريقة تحقيق هذه الأهداف غير مهمة أبداً في قوانين الحياة السياسية كما هو الحال في لعبة كرة القدم، الشيء الوحيد المهم هو أن يتحقق الهدف.
الاستجواب الذي توجّه إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة غدير أسيري لا يخرج عن هذه القواعد أبداً، وعلينا التعامل معه وفقها، العمر المتبقي لمجلس الأمة لا يتعدى بضعة أشهر، والنواب تنتظرهم معركة انتخابية يخافون خلالها فقد «حلاوة» هذا المنصب، والناس حانقين - كالعادة - على أداء المجلس، والمطلوب من أي نائب وفق قواعد هذه اللعبة أن يحقق أي هدف في هذا الوقت المتبقي من زمن «المباراة»، ومن هنا تم استضعاف الحكومة عن طريق الدكتورة أسيري لا بسبب مادة الاستجواب أبداً، ولا بسبب أداء الوزيرة كوزيرة بل لأسباب أخرى نحن في غنى عن ذكرها لأنها معروفة للجميع، وما مادة الاستجواب إلا غطاء لهذا الاستضعاف الذي مارسه النواب على الحكومة.
ما مارسه النواب من سلوك سياسي لا يمت للشفافية والعدالة بصلة، لكنه مسألة عادية متقبلة في عالم السياسة لا ضير بها وفقا لقواعدها، وعلى الحكومة أن تتقبل نتائج هذه القواعد لأنها تمارسها أيضاً، وعلى الدكتورة غدير أسيري أيضاً تقبل ما حدث وما قد يحدث، مهما كان، لأن هذه هي طبائع الحياة السياسية... لا منطق عادل... هناك هدف يجب أن يتحقق على حساب أي أحد.
إن لم تكن تلك الممارسات وغيرها خارجة عن قوانين اللعبة السياسية، وأنه يجب على الجميع تقبل نتائجها، إذاً أين تقع المشكلة؟ المشكلة أن هناك في الزاوية البعيدة جداً للمشهد السياسي تقبع المصلحة العامة والتنمية المستدامة والتطور وتحقيق مصالح العباد والبلاد، وكأنهم - وهم في هذه الزاوية البعيدة - يبكون ويشكون ابتعاد كل اللاعبين السياسيين عنهم ونسيانهم وإهمال قواعد إنجازهم!
المشكلة في أن المجتمع ما زال يظن أن هذه الديموقراطية بهذا الشكل قد تنتج يوما ما إصلاحاً! وهي لن تفعل أبداً مهما طال بها الزمن لسوء ممارستها وسوء إدارتها، ما زلنا نراهن على مخرجات جديدة لمجلس أو حكومة، والواقع أن الجديد كالقديم، يدور في ذات الحلقة ولن يخرج عن قواعدها.
هذه الحقائق ليست غائبة عن اللاعبين الأساسيين في هذه اللعبة، هم يعرفون تماماً أن هذه الممارسة بهذا الشكل لن تنتج شيئاً أبداً، لكنهم يثرون على حسابها أيما ثراء ويحققون مصالحهم من خلالها، ولهذا فهم يتمسكون بها ويحاولون جاهدين إقناع المجتمع في أن هذه اللعبة هي ضمان الديموقراطية والحياة السياسية الناجزة، وهكذا تستمر اللعبة ويستمر تحقيق المصالح، ويستمر المجتمع معهم ليكون حطب تلك النار ووقودها.

@lawyermodalsbti

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي