جودة الحياة

أهلا 2020

No Image
تصغير
تكبير

اعتدت دوماً - وفي بداية كل عام - أن أجلس مع نفسي أتدبر ما مضى من وقت وما الذي عليّ أن أنجزه في قادم الأيام، بالطبع لا أدير صراعاً مع الوقت ولكني على ثقة أنه من الأمور الجوهرية في الحياة. وعبر تتابع الأيام والشهور - والتي تتوج بنهاية العام - أستطيع أن أقيس ما تمكنت من تحقيقه على جميع الأصعدة والمستويات في حياتي الشخصية والاجتماعية والعملية والمهنية، ليس عبثاً إذاً اهتمامنا بالوقت فمنه يأتي كل جديد، وتضيف الأيام والسنوات خبرات تراكمية تصقل مواهبنا على مدى العمر. والعمر عندي لا يقاس بتعاقب الأعوام، إنما هو الذي يطوقني وأتحرك وأتفاعل مع معطياته.
لا أضع أحلاماً كبيرة يصعب عليّ تحقيقها ولا أقبل التراجع بسهولة عن أهدافي، عمّا سهرت في التخطيط له، ولن يعجزني يوماً ما يعترض طريقي من عقبات من هنا وهناك، أو حتى من صنع الآخرين .
أجدني دوماً على تمام الثقة بقدراتي ومواهبي التي حباني بها الله، وعلى أتمّ الاستعداد للتعامل الإيجابي المتبصر مع الواقع.
لست مثالية ولا حالمة أغض الطرف عن واقع العصر وتحديات الحياة في مضمونها الحقيقي، وأعيش في المثالية والمجرد، ولكني لا أعرف التشاؤم أبداً، فقد تعودت أن أرى الورد قبل أن أبصر ما يختبئ في طياته من أشواك، ولا أشتكي الأيام وألوم الآخرين إذا تعثرت خطاي.
يقول الشاعر ايليا ابو ماضي: «أيها المشتكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلاً... ترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى الندى فوقها إكليلاً».
في نهاية كل عام أتوقف مع ذاتي، وقفة جادة حقيقية أعيد فيها حساباتي وأرتب أولوياتي بشكل سليم وفق ما مضى من أيام، ولأتبيّن خطواتي إلى أين سأمضي وكيف سأواجه ما يعترضني من إشاكالات في الحياة، كيف أقود خطط التغيير والسيناريوهات المحتملة لتحقيق أهدافي. فرحلة الحياة تنطوي على قدر من الصعاب والعقبات ينبغي مواجهتها من دون تردد، فلن أؤجل أمراً عليّ انجازه في وقت محدد من العام حتى أتفرغ لغيره. وليس في جدول أعمالي وأجندتي للعام الجديد ما أستطيع أن أتجاهله أو أغض الطرف عنه مما يزعجني، فلن أتعايش أبداً مع ما يقلقني ويتحدى قدراتي على تحقيق ما أريده من أهداف وأمنيات. لطالما اجتهدت في تمهيد وتهيئة الظروف والخطوات الضرورية لإنجازها خلال العام، لا أستبق الأحداث ولكني أتفاءل على كل حال، ومع الصبر أستطيع أن أقول أنني كنت دوماً محظوظة في الوصول لما أريد، وليس كل ما يتمناه المرء يدركه بالطبع، ولكني في المقابل أؤمن بأن ما لا يدرك جُله لا يترك كله.
مع بداية العام الجديد ثمة أمل في أوقات أفضل وتجارب جديدة تتسم بالجدية والمرح نقضيها مع الأهل والأصدقاء، ثمة أمور وارتباطات وربما علاقات نستطيع أن نقرر أنها لن تستمر معنا في السنة الجديدة فلا يصح إلا الصحيح، لا يمكننا بالطبع نسيان حقيقة أن ثمة أموراً وإشكالات معلقة تحتاج لقرارات مصيرية لتجاوزها مع حلول كل عام جديد، وهنالك أيضاً ما يمكن أن نتركه لينتهي مع الوقت، فالأمور الجوهرية في حياة أي إنسان فاعل يبتغي أن يكون له دور في خدمة مجتمعه، لا يجب أن تكون محلاً للتردد والتوجس، وإنما محل إقدام ومواجهة ووضع الأمور في نصابها الصحيح.
انقضى عام ودلفنا إلى آخر لا نعلم ما تخبئه لنا الأيام، ولكني أؤمن بأنني أتقلب بين نعم الله التي لا تحصى ولا تعد وعلى تمام اليقين بأن الله هو من يكتب الأقدار كلها، وأسأله دوماً أن يلطف بنا في ما جرت به المقادير، فلطفه كما رحمته وسعت كل شيء.

* مستشار جودة الحياة
Twitter : t_almutairi
Instagram : t_almutairii
[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي