فلسفة قلم
سيكولوجية الذباب والذئاب الإلكترونية
عندما كتبت في مقالي السابق عن وعي الجماهير واللاعقلانية، التي يتحول لها الفرد الواعي عندما يذوب عقله مع الجماهير، بدأت أتساءل هل من الممكن للصفات الجماهيرية اللاواعية أن تنطبق على جماعات وأفراد مواقع التواصل الاجتماعي؟ في الحقيقة لم أصل إلى جواب يقيني، ولعله من الأفضل أن أبتعد عن الجواب أصلاً وأنثر افكاري في حروف هذا المقام، لتحدد طبيعة المقال وأترك كل شخص يغربل دماغه لعله يصل إلى الجواب الذي لم أتوصل إليه.
في مواقع التواصل الاجتماعي لا أحد ينكر أن هناك ذباباً إلكترونياً وذئاباً إلكترونية أيضاً منهم مَنْ يحشد الحشود في قضايا معينة، ومنهم مَنْ يقتنص فرائسه ليتغذى بها ويشبع عقده النفسية، وكذلك الحال خارج الفضاء السيبراني في الحياة الواقعية، ولذلك فإن شخوص الجماهير هم أنفسهم مرتادو المواقع الالكترونية، ولكن كيف تتشكل الجماهير في الشبكة العنكبوتية؟
من وجهة نظري أن الجماهير تتشكل في الأكثر تداولاً الـ«ترند»، ومن هنا يتشكل الحشد الجماهيري لأي قضية كانت بالتأييد او الرفض، وبكل تأكيد فإن المغالطات المنطقية على رأسها مغالطة رجل القش والحشد العاطفي ليست بمعزل عن إنشاء الترند أو حتى اختراقه والتأثير على أهدافه الأصلية، وسواء كانت قضية الأكثر تداولاً مستحقة أو غير مستحقة، يجب أن يتنبه مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي من شر الذباب والذئاب الإلكترونيين، الذين يتفننون في اصطياد ضحاياهم ويوقعونهم في المجهول، سواء من خلال التشويه والحرق الشعبي أو من خلال جرّهم إلى محظورات قانونية.
إذا ما اعتبرنا أن الترند حشد جماهيري فهل من الممكن أن تذوب عقول مرتاديه في عقلية الجماهير اللاواعية، وأن تتكون لديها كل صفات سيكولوجية الجماهير، فيركبون قطار اللاعقلانية لمسايرة التوجه السائد، شخصياً لا أنفي ولا أجزم بذلك وبعيداً عن مع أو ضد (أنت معانا ولا معاهم)، فإن المقال موضوعي تشخيصي لتشكيل وعي في أنماط التفكير لا أكثر من ذلك.