هذه أول مقالة أكتبها في هذه السنة، تماشياً مع أول قهوة، وأول تغريدة وأول بوست وأول سيلفي.
ووسط التهافت العربي على كل ما هو أول يقفز السؤل: وهل نحن في سباق؟ ومع من إن كنا جميعنا أوائل؟ هل مع الزمن؟ ومن يسبق الزمن؟
بعيداً عن الفلسفة نستذكر العرب الأوائل حين قال شاعرهم: «أنا وإن كنت الأخير زمانه/ لآت بما لم تستطعه الأوائل» لنكتشف تقدم ماضينا على حاضرنا، في موازاة تقدم حواضر الآخرين على حاضرنا، لسبب واحد إصرارنا على أن نكون في المركز الأول وليس الثاني فنخسر المركزين!
يقول زميل لبناني مازحاً: «ظلينا نقول لنا الصدر دون العالمين أو القبر لحد ما انقبرنا»!
نحن «المقبورين» ننفض غبار قبرنا على طريقة بدر بن عبد المحسن لنرفض المسافة والباب والسور والحارس ونكتب: أول تغريدة ونحن نشرب أول قهوة ونلتقط أول سيلفي، وكل منا يؤكد أنه أول واحد عملها... والعمل؟
جميعنا نخلط بين الفوز والنجاح، الفوز قائم على تقدم بسبب تراجع الآخرين يقدم عليه الضعفاء أما النجاح فتكمن قوته في منافسة الأقوياء والتقدم معاً لتقديم الأفضل، الأول يضعفنا مهما سبقنا غيرنا سيأتي من يسبقنا ولن يعود بإمكاننا أن نعدو لنسبق ظلنا إلا حين نجلس على الأطلال لنستمع الى أطلال كوكب الشرق!
أما النجاح فله ألف باب وباب، وألف طريقة وطريقة للإبداع، حتى من خلال الفشل، فبعض الفشل نجاح والنجاح يكمن في تجاوزه.
في العقد الجديد نحتاج إلى التخلص من عقدنا القديمة، واللهث للتسابق بين بعضنا البعض، بدلاً من التنافس لإخراج أفضل ما لدينا يكمل بعضنا البعض، من دون مراكز أولى وثانية وثالثة، فالأخير مثل الأول طالما هو يكمله ولا يلغيه.
هل قلت إن هذا هو المقال الأول؟ ليس هذا مهم... المهم ألا يكون الأخير إن كان يهمكم!
***
بعد كتابة المقال مباشرة فجعت برحيل خالي، وكأن الحياة تعطينا درساً بأنها أقصر مما نتصور!
***
رحم الله خالي الجميل... ستظل صورته جميلة دائماً في عيني وقلبي... وقوية... أقوى من المرض... وشامخة... راضية... مرضية بقضاء الله وقدره.