«الراي» أضاءت على الإطلالة «الخافتة» لـ 2020
شح رأس المال «نكّس» رأس السنة في لبنان
- الرامي: حركة المطاعم انخفضت 70 في المئة
- الأشقر: حجوزات الفنادق بعيدة جداً عن الأعوام الماضية
- عبود: ملاءة الطائرات لم تتعد 80 في المئة
- الحسن: نسبةً لأوضاع البلد الحركة مقبولة
لم يكن لبنان «على عادته» في وداعِ عامٍ واستقبال آخَر، فـ «انفجاراتُ الفرح» الصاخبة التي لطالما عمّتْه، بدا وكأن «عمى ألوانٍ» حَجَبها، رغم إصرار اللبنانيين على معانَدة «رياح» اليأس والذعر «من الآتي الأعظم» مالياً واقتصادياً ورفْضهم «تنكيس» مَظاهر العيد الذي «احترفوا» الاحتفاء به وتحويله احتفالاتٍ يوميةً على مدار السنة استحقّتْ معها عاصمتهم أكثر من مَرّة دخول لائحة أفضل المدن للسهر في العالم.
وعلى طريقة «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»، احتفى اللبنانيون بإطفاء «شمعة» 2019 بمشهديةٍ غير مألوفةٍ كانت فيها «حواضر البيت» الأكثر حضوراً في ليلة رأس السنة التي كانت تسجّل في أعوام سابقة أرقاماً مذهلة في «عدّاد» ملايين الدولارات التي تُنفق فيها والتي بلغتْ مثلاً 50 مليوناً في 2008، بينها نحو 25 مليوناً في سهرات فاخرة أقيمت في فنادق الدرجة الأولى لا سيما في بيروت.
وما أبعد نهاية 2019 عن سابقاتها... فاللبنانيون الذين لم تقْوَ على فرْحتهم الحروب ولا «قوس» النزاعات «على أنواعها»، بدا أن الأزمةَ المالية غير المسبوقة التي دَهَمتْهم، من خلف جدران الصراعات السياسية «المزمنة» ولعبة تقاسُم الأدوار بين «الكيانات» الطائفية «الخائفة» أو «المخيفة»، أنْهكتْهم.
... وهكذا جاءت «حال» العيد على غير ما يرامُ ويُرادُ من ليلةٍ كانت تختزن كل الأبعاد، السيكولوجية للبنانيّ الغارِقِ في «حب الحياة»، والاقتصادية لقطاعاتٍ متداخلة لطالما عوّلتْ على احتفالية نهاية السنة لـ«تصفيح» واقعها المثقوب بفعل وضع البلاد التي لا تنفكّ تجد نفسها في «عين عواصف» داخلية وإقليمية، وصولاً إلى انفجار «ثورة 17 أكتوبر» بوجه السلطة الحاكِمة ونهْجها ومحاصَصاتها ومشاريع بعض أطرافها والفساد المستشري وطلائع السقوط المالي الذي كان بدأ يتمظهر مع نقص السيولة بالدولار الذي سرعان ما استجرّ قيوداً صارمة للمصارف على السحوبات بالعملة الصعبة والتحويلات بها إلى الخارج، وما رافق ذلك من خسارة الليرة اللبنانية أكثر من 30 في المئة من قيمتها وشبه «الموت الاقتصادي» من عمليات صرف جماعي وقفل مؤسسات وخفْض رواتب.
ومع شحِّ رأس المال أو تحوّله «حبيساً» في المصارف وفقدان الكثير من اللبنانيين من مداخيلهم وانزلاق آخَرين نحو خط الفقر، حلّ رأس السنة كئيباً، أولاً مع غياب «طقوس» العيد من زينة وأضواء، وصولاً إلى ليلة 31 ديسمبر التي حلّت باهتةً... في فنادق العديدُ منها سبق أن أقفل أقسامَ منه وبعض مطاعمه، لتغيب عن غالبيتها الساحقة سهراتُ العيد والتي هجرها فنانو الصف الأول إلى عواصم عربية... وفي مطاعم وملاه تقاوم بعناء جاذبية الإقفال وحاولت «جذب» الساهرين بعروض غير مسبوقة، وسط انكفاء في حركة الدخول إلى «بلاد الأرز» في فترة العيد، من «أبناء المهجر» كما من السياح، وهو ما كانت مؤشراته لاحت قبل أسابيع عدة وتكيّفت معه بعض شركات الطيران التي خفّضت من عدد رحلاتها إلى بيروت.
وفي «لغة الأرقام»، أبلغ نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسيري في لبنان طوني الرامي «الراي» أن الأسعار في الملاهي الليلية والحانات التي راودها الشباب خصوصاً، راوحت بين 75 ألف ليرة لبنانية و225 ألف ليرة، ما ساهم في تشجيع الحركة فيها قليلاً، «أما وضع المطاعم فكان متوسطاً إلى متواضع على الرغم من أن الدفع حُدد على الطلب» (a la carte).
وعن الإقبال مقارنة بالعام الماضي، قال: «في المطاعم انخفضت الحركة عن العام الماضي بنسبة 70 في المئة»، عازياً غياب السهرات الفنية وإحياء النجوم الحفلات خارج لبنان إلى «الوضع الاقتصادي وانخفاض القدرة الشرائية بما لم يسمح لكبار النجوم بإحياء السهرات في لبنان».
وعن حال الحجوزات في الفنادق،أكد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر لـ«الراي» أنها لم تكن جيدة بل «عاطلة» (سيئة) وبعيدة جداً عن الأعوام الماضية التي وصلت فيها نسبة الحجوزات الى 95 بالمئة، أما هذه السنة فناهز 25 بالمئة. وأضاف:«الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان، وعدم تمكّن المودعين من سحب أموالهم من المصارف، وحال الهلع، كلها أسباب أدت إلى ذلك، مع العلم أن الأمن مستتب وكل ما يحصل في البلد بطريقة سلمية وحضارية وديموقراطية، لكن يوجد خوف كبير لدى الناس من المستقبل، فالقضية مالية اقتصادية».
وعن وضع قطاع الفنادق وإذا كان مهدَّداً، أجاب «كأي بلد في العالم إذا طالت أزمةٌ كهذه فهو مهدَّد، مع العلم أن أزمتنا بدأت منذ 2011 مع الأزمة السورية وخسارتنا 350 ألف سائح عربي، منهم 200 ألف أردني كانوا يترددون إلى لبنان (عبر البرّ)، وبعدها مررنا بظروف استثنائية أمنية في طرابلس وصيدا وعرسال ولكنها انتهت. أما الوضع المالي، فمحكومٌ بتراكُم الخسائر وفوائدها على المؤسسات منذ 2011».
وفي ما يتعلق بحركة السفر الى لبنان، شرح نقيب أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود لـ«الراي» أنها «لم تكن كالأعوام الماضية. وقد شهدنا حركة خلال الأيام العشرة الأخيرة مقارنة بالشهرين الماضيين، حيث كانت حركة معقولة من لبنانيين ومغتربين، لكن في العادة في هذا التوقيت من السنة كنا نشهد ملاءة مئة في المئة، وكانت شركات الطيران تضع رحلات إضافية لاستيعاب طلب المجيء إلى لبنان، أما هذه السنة فنسبة ملاءة الطائرات المجدولة من كل البلدان لم تتعد ثمانين في المئة، وتالياً لم تضع شركات الطيران رحلات إضافية هذه السنة». وشرح«الطلب العام الماضية تجاوز العرض، الفارق يراوح بين 40 الى 50 بالمئة بين الفترتين».
من جهته، أكد رئيس مطار رفيق الحريري الدولي فادي الحسن لـ«الراي» أن «أرقام حركة الطيران في الأيام العشرة الأخيرة كانت متقاربة مع أرقام العام الماضي، لكن مجمل الشهر أقل من 2018، حيث كان مجموع الحركة في أواخر العام الماضي 8 ملايين و840 ألفاً، يشمل العدد القادمين والمغادرين والترانزيت، وفي آخر 2019 الرقم قريب من ذلك، أي نحو 8 ملايين و600 ألف، وبشكل عام يمكن القول إنه نسبةً لأوضاع البلد الحركة مقبولة».
ومن خلف خطوط القلق، أطلّت «ثورة رأس السنة» من ساحة الشهداء في وسط بيروت، معقل «ثورة 17 أكتوبر»، في رسالة أمل و«ربْط نزاع» بالفرح مع 2020 لانتفاضة ستستمر»«على الحلوة والمُرة».
وقد احتشد أكثر من عشرة آلاف شخص في«سهرة الثورة» التي طبعها كرنفال فرح وأضواء وموسيقى وأغنيات اختلط فيها الوطني بالسياسي.