رواق

حلم العودة

تصغير
تكبير

اعتدت أن أستخدم مفكرة أجندة العجيري للمكتب في كل سنة لا لتدوين الملاحظات والمواعيد، بل للاستمتاع بقراءة المواعظ والطرائف والحكم في كل صفحة، وكأن كل يوم يحمل معه مفاجأة جديدة بعبارة جديدة.
وفي اليوم الأخير من 2019 طلبت من العامل تغيير ورق المفكرة بأجندة العام المقبل، ففوجئت به يضع بالخطأ 2019 مكان 2019!
خطأ غير مقصود... قصد السؤال ماذا لو كان ثمة اختبار في نهاية السنة ينتقل الناجح فيه إلى السنة، التي تليها مباشرة ويعيد الراسب السنة حتى يجتازها؟


بعض التقدم تراجع وبعض التراجع تقدم... الأهم أن نخطو الخطوة الصحيحة أياً كان اتجاهها!
تخيل أن نفترق في نهاية كل سنة بعضنا ينتقل إلى سنة جديدة، وبعضنا يبقى عالقاً في السنة نفسها؟ صحيح ستتاح لنا فرص تعلم دروس جديدة، قبل أن نتخرج من الحياة ولكن سنفارق ناساً لا تستوعب هذه الدروس، ونلتقي بالفاهمين في السنة الجديدة، وهذا في حد ذاته فرصة أكبر لفهم الحياة فبعض الناس... فراقهم عيد!
وتخيل لو أتاحت لنا الحياة خيار الإعادة بالعودة الى السنة التي نرغب في الاستفادة من دروسها في حدها الأقصى؟ ستتاح للشيخ العودة إلى صباه وسيعود الكبار إلى طفولتهم عندما يخرجون من فخ انتهاء اللعبة ليلعبوا أكثر وستعود النساء إلى السنة التي كن فيها صغيرات وجميلات!
في داخل كل منا حلم عودة صغير، المغترب إلى وطنه، والموظف إلى جامعته، والجامعي إلى مدرسته وربما المعلم إلى صفوف الطلبة، جزء من هذا الحلم مرتبط بالحنين لكن الجزء الأكبر مرتبط بالجمال، فالمرء يحن إلى كل ما هو جميل في حياته ليتجمل معه، صحيح كن جميلاً ترى الوجود جميلاً، ولكن إن كان الوجود جميلاً ستكون جميلاً من دون إرادتك لأنك جزء جميل من جمال الوجود!
‏في خضم تلك التساؤلات سألني أحد الزملاء القدامى عن عودتي لعملي القديم، كان سؤاله: «رجعتي مشتاقة والا مغصوبة»؟ فجاوبته بعفوية: بل حققت حلم العودة!، ثم سألت نفسي: لماذا العودة حلم؟ ارتبط حلم العودة بالوطن وفهد عافت يقول:
‏لا تحن العصافير إلى الشجرة بل إلى العش
‏الوطن هو ما نبنيه لا ما نسكنه!
أما غازي القصيبي يقول: المدن لا تحب ولا تكره إلا بسبب الذكريات، وحب الوطن قائم أساساً على الذكريات، بدليل أن فاقدي الذاكرة لايحبون أوطانهم.
بذكريات جميلة عدنا والعود أجمل إلى المكان القديم في عام جديد عساه سعيد علينا وعليكم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي