أعضاء لجنة التفاوض شرحوا مكاسبها والتوافق التام بين الجانبين في مضمونها
اتفاقية «المنطقة المقسومة»... تعزيز لسيادة الكويت وانعكاس فعلي للعلاقات الإستراتيجية مع السعودية
- مجدي الظفيري:
- مرزوق الغانم كان الجندي المجهول حيث عمل بالتوجيه السامي للوصول إلى هذه النتيجة
- توجيهات القيادة السياسية بأن يكون إطار التفاوض احتراماً كاملاً لوجهة النظر القانونية في حق الاختلاف
- غانم الغانم:
- مذكرة التفاهم يغلب عليها الطابع الفني بتحديد الشركات التي ترعى مصالح الجانبين
- الاتفاقية عالجت انسيابية حركة العمالة بين الدولتين وموضوع حقل الدرة البحري
- سالم الشبلي:
- لا توجد اتفاقية حدود جديدة بل ملحقة لتأكيد الواقع وتوضيح المفاهيم
- الخط الفاصل للمنطقة المقسومة حدود دولية رسمية وتم وضعه بشكل رسمي
أكدت لجنة الحدود الكويتية المعنية بالتفاوض مع الجانب السعودي في شأن المنطقة المقسومة، أهمية الاتفاقية الملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة، واتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة ومذكرة تفاهم بين الكويت والسعودية لاستئناف الانتاج النفطي لدى الجانبين التي تم التوقيع عليها أخيراً مع المملكة، معتبرة أنها إنجاز يعكس المستوى الاستراتيجي للعلاقات الكويتية - السعودية فعلياً، إضافة إلى تعزيز سيادة كل دولة على جانبي الحدود.
وفي حلقة خاصة على تلفزيون الكويت، مساء اول من امس، استضافت رئيس اللجنة السفير مجدي الظفيري ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية نائب رئيس اللجنة السفير غانم الغانم، ونائب مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية عضو ومقرر اللجنة المستشار سالم الشبلي، لشرح الاتفاقية، تطرق الأعضاء لجوانب الاتفاقية، مؤكدين أن السعودية عمق استراتيجي للكويت كما أن الكويت عمق استراتيجي للسعودية.
في البداية، أكد السفير الظفيري ان هذا التوافق التاريخي يعد تجسيدا للعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين، وان هذه الاتفاقية تشكل أحد أهم الانجازات التاريخية وتعكس مستوى العلاقات المتقدمة بين البلدين «فعلياً وليس لفظياً».
وأضاف ان البلدين بقيادة صاحب السمو وخادم الحرمين الشريفين جسدا إطاراً واضحاً لمستوى العلاقة مبنيا على أساس من الصراحة والخصوصية والتوافق والمصلحة المشتركة، وفق قاعدة العمق الاستراتيجي الممتد بين الدولتين. واشار الى أن القيادة السياسية حرصت على إعطاء توجيه للفرق السياسية والقانونية والفنية بأن يكون إطار التفاوض في اطار الاتفاقيات، وفي حدود التوافق، للوصول الى اتفاق مع احترام كامل لخصوصية وجهة النظر القانونية في حق الاختلاف وليس الخلاف.
ورأى أن ذلك تكلل بمسيرة طويلة بعد 10 سنوات، بتوافق شامل كامل على أساس الاتفاق الاخير الذي تم توقيعه الاسبوع الماضي، ويعتبر أحد انجازات العلاقات الثنائية كنموذج للعلاقات بين البلدين والعلاقات الاستراتيجية الممتدة بينهما. وقال «أنا اليوم استطيع أن أتكلم وعلى أرض صلبة، كيف استطعنا وبتوجيه سام من سمو أمير البلاد ألا نتجاوز حدود خصوصية تلك العلاقة ومستوها السياسي، والحفاظ على زخمها في ظل التوجيه السامي وبدعم من الحكومة ووزير الخارجية انذاك سمو رئيس الوزراء الحالي الشيخ صباح الخالد».
واضاف انه بناء على التوجيهات المباشرة لاعضاء الفريق التفاوضي ولجنة الحدود «خلقنا ما يسمى بالتوافق الرسمي للتعامل مع الاشقاء في المملكة، ونحن ننطلق من وحدة المصير والمصلحة المشتركة والهدف الاتفاق وليس الافتراق»، مؤكداً أن السعودية عمق استراتيجي للكويت كما أن الكويت عمق استراتيجي للسعودية.
واعتبر ان هذا الانجاز وثق الروابط والعلاقات والمصالح المشتركة، وخلال تجربة السنوات العشر تحصنت العلاقة وتكللت بهذا الانجاز التاريخي، مؤكدا ان التوصل الى توافق يعكس استراتيجية العلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين وما بينهما من حلف استراتيجي وعمق استراتيجي. وأكد ان اتفاقية العام 1920 حددت تلك الحدود، واعتبرت ذلك وضعاً موقتاً، لا يمكن في ذهن المشرع في ذلك الوقت ان تستمر المنطقة المحايدة وذلك بسبب التداخل.
وقال انه كان لدولة الكويت حقوق و«كنا قد حجزنا ارضا في الخفجي في سنة 1958، وما دامت الحقوق متساوية فيمكن حجز أرض والقيام بعملية استكشاف وإعطاء امتياز، وهذه الحقوق التي للكويت كانت مساوية أيضاً لحقوق الأشقاء في المملكة. ونتيجة لهذا التداخل الكبير بين نظامين واجراءات وقوانين، قررت قيادتا البلدين في ذلك الوقت ضرورة وضع حد لهذا التداخل في الاجراءات، لما له من تأثير على موضوع استغلال الثروة، فبدأت المفاوضات في العام 1960 وانتهت بعد خمس سنوات الى اتفاق العام 1965 بقرار تقسيم المنطقة مناصفة».
واستذكر السفير مجدي الظفيري الموقف الرائع لسمو ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، الذي حسم هذه القضية بشكل كامل وأصر على تطبيق مفهوم السيادة الشاملة الكاملة لكلا البلدين، وكذلك التوافق الحكومي الرسمي مع الموقف الشعبي وخصوصا في مجلس الأمة ورئيسه مرزوق الغانم الذي كان بمثابة الجندي المجهول حيث عمل بالتوجيه السامي من سمو الأمير من دون كلل أو ملل للوصول إلى هذه النتيجة التي انعكست بشكل كبير على موضوع الوصول للاتفاق، مؤكداً أن الكويت من الدول القلائل التي تلتزم نصاً وحرفاً وروحاً بجميع تعهداتها من دون أن تتجاوز، والكويت نموذج نفتخر فيه وهذا واقع فلا يوجد خرق كويتي واحد لأي تعهد أو اتفاق أو مذكرة تفاهم مع أي كائن فما بالكم مع الأشقاء في المملكة.
وثمّن الدور الذي قام به وزير النفط الدكتور خالد الفاضل في ادارته لموضوع الحوار وحدود الموقف الفني النفطي، بحيث توافق تماماً مع الموقف السياسي القانوني والذي يعتبر ملحمة من ملاحم التوافق في مؤسسات الدولة الكويتية في هذه الجزئية بالذات.
الجميع رابح
من جانبه، تحدث السفير غانم الغانم عن الجانب القانوني للاتفاقية قائلا ان التعليمات كانت واضحة بأنه «لا يوجد مكسب أو خسارة واننا اذا توصلنا الى اتفاقية فان المكسب للطرفين» مؤكدا ان ما تحقق يعتبر نموذجا يحتذى به لدى الدول. واضاف ان الاطار القانوني للمنطقة تاريخيا يعود الى اتفاقية العقير في عام 1922 والتي اوجدت منطقة محايدة في ذلك الوقت، حيث استمر العمل بين الدولتين الشقيقتين في هذه المنطقة وكان هناك صعوبات نظرا للصلاحيات المتداخلة.
واوضح الغانم أن هذا الوضع استمر لغاية العام 1965 حين رأت قيادتا البلدين ان يتم تقسيم المنطقة وتم إبرام اتفاقية التقسيم عام 1965 واصبحت هذه المنطقة تسمى المنطقة المقسومة. وقال انه تم تقسيم المنطقة الى جزء شمالي يضم الى اقليم الكويت وجزء جنوبي يضم لإقليم المملكة العربية السعودية الشقيقة، على أن تبقى ثروات المنطقة مشتركة ومملوكة للجانبين في جزأيها البري والبحري. وافاد أنه استمر العمل بموجب نموذج الأرض المقسومة الى ان تم الانتهاء في سنة 2000 من تحديد المنطقة البحرية المحاذية للمنطقة المقسومة.
وأوضح أن مذكرة التفاهم يغلب عليها الطابع الفني فقد حددت الشركات التي ترعى مصالح الجانبين، فمن الجانب الكويتي شركة نفط الخليج ومن الجانب السعودي شركتي شيفرون وأرامكو، حيث سيعملون معا لاستغلال الثروات في هذه المنطقة، كما تطرقت مذكرة التفاهم لتطوير اتفاقيات التشغيل وانسياب حركة العمالة التابعة لهذه الشركات بين جانبي الحدود، وعن تطوير حقل الدرة في المستقبل القريب، وكذلك اعادة الانتاج في المنطقة المقسومة، كما عالجت موضوع انتقال شركة شيفرون إلى الجزء الجنوبي في المملكة، وتخصيص مقرها لمنطقة عمليات مشتركة يديرها الجانبين، مؤكدا أن هذا الاتفاق قد حصن العلاقات بين البلدين ونأى عن أي أمر قد يعكر هذه العلاقات المتميزة والتاريخية.
حدود العقير
بدوره أكد المستشار سالم الشبلي انه لا توجد اتفاقية حدود جديدة بين البلدين، بل هي حدود قائمة منذ اتفاقية العقير عام 1922، وبعدها اتفاقية 1965 لتقسيم المنطقة المحايدة، والاتفاقية الجديدة هي اتفاقية ملحقة لاتفاقية تقسيم المنطقة 1965 والمنطقة المغمورة المحاذية عام 2000 وان الاتفاقية الحالية جاءت لتأكيد مفاهيم أثبتت تطبيقا عمليا.
وقال ان الاتفاقية اكدت مجموعة من النقاط منها الخط الفاصل باعتباره خطا دوليا بين البلدين حيث انه كان يشار اليه سابقاً على انه خط تقسيم في عام 1965 كما أكدت الاتفاقية تطبيق السيادة الكاملة لدولة الكويت على الجزء الشمالي والمنطقة المغمورة والسيادة الكاملة للشقيقة السعودية على الجزء الجنوبي.
وأكد انه لم تكن هناك في السابق نصوص واضحة تنص على ذلك مبينا ان الاتفاقية بينت ايضا ان الثروات تبقى مشتركة بين البلدين وهذا منصوص عليه سابقا فيما اكدت الاتفاقية حق استغلال كل دولة لثرواتها الموجودة لدى الطرف الاخر وفق القوانين.
كما أكد السفير الغانم ردا على سؤال ان الاتفاقية ومذكرة التفاهم عالجت ايضا موضوع الارض المحجوزة في منطقة الزور وهو ان الشركة التي كانت في هذه المنطقة ستنقل الى داخل حدود المملكة وتخصص هذه المنطقة للعمليات المشتركة وهو النموذج الموجود في الخفجي وسوف يكون نموذج آخر في الزور.
وقال ان هناك شركات ستعمل على تقييم المباني القائمة، مشيراً إلى أن إدارة المنطقة ستكون مشتركة وهذا من ضمن بنود الاتفاقية والمذكرة. وذكر أن مذكرة التفاهم بينت مرافق التصدير الموجودة حاليا التي تملكها شركة شيفرون ستكون ملك للشركتين اللتان ستعملان وفق العمليات المشتركة تنفيذا للمفاهيم والمبادئ التي أقرتها الاتفاقية الملحقة بأن يكون استغلال الثروات من خلال العمليات المشتركة.
وأكد الشبلي ان الاتفاقيات بين البلدين نظمت العلاقات بالمنطقة المقسومة وكل بلد يطبق القوانين السارية لديه في الجزء الذي ضم الى إقليمه من هذه المنطقة.
قضايا في الاتفاقية
آلية العمليات المشتركة
قال السفير مجدي الظفيري ان الامتياز السعودي في القسم الشمالي، وهذا يرتب واقعا جديدا «ومن هنا انطلقنا الى مسألة التفكير في كيفية إدارة هذه المنطقة والثروات المشتركة بعد انتهاء الامتيازات». ورأى أنه «من حسن الطالع أن انتهاء الامتياز الكويتي في منطقة الخفجي أسس لما يسمى بآلية العمليات المشتركة وهو يقوم بعمليات الاستكشافات المتكاملة لكل مصادر الهايدروكربون في المنطقة وتكاليفها مناصفة». واضاف ان هناك آلية مشتركة لادارة الثروات المشتركة، والاستثمار «بيننا وبين الاشقاء في المملكة لا حدود له» ومذكرة التفاهم تكلمت عن أوجه التعاون سواء في الاستثمارات في البحر أو حقل الدرة أو الحقول على الخط الدولي النهائي، وكذلك آليات حقل الخفجي وعودة الإنتاج وغيرها من الامور.
اتفاقية وامتيازات
أوضح الظفيري أن «اتفاقية العام 1965 خلقت استثناء واحداً، وهو احترام الامتيازات القائمة، الامتياز الكويتي الممنوح لشركة الزيت العربية والذي ينتهي في العام 2000 والبحري العام 2003، وكذلك الامتياز الممنوح لشركة (تكساكو) من جانب الحكومة السعودية بكل تفاصيله مما رتب وضعاً فوق مستوى القوانين». ولفت الى أن الاتفاقية البحرية استكمال لاتفاقية العام 1965، والاتفاق النهائي هو نتاج لانتهاء ما يسمى بالامتيازات سارية المفعول والقائمة، وانتهت في فبراير 2009.
المنطقة المغمورة والاستثمار المشترك
تطرق السفير غانم الغانم إلى اتفاقية العام 2000 بشأن المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة، وقال ان وضع المنطقة المغمورة مماثل للمنطقة المقسومة، بحيث يكون الجانب الشمالي للكويت والجنوبي للمملكة. وذكر ان اتفاقية عام 2000 جاءت لتحدد حدود هذه المنطقة بشكل دقيق، بإشراف فريق مشترك من الجانبين كما تمت الاستعانة باستشاري عالمي لتحديد الحدود وخط الوسط، وأيضا أن يكون الاستثمار النفطي فيها مشتركا.
وقال الغانم ان الاتفاقية قامت ايضا اضافة الى الحدود بتحديد الاستثمار النفطي المشترك بحيث تقوم شركة كويتية مقابل شركة سعودية للعمل بنظام العمليات المشتركة،«ولقد عالجت الاتفاقية الجديدة موضوع الأرض في منطقة الزور، حيث سيتم نقل مقر الشركة منه لداخل حدود المملكة وتخصص هذه المنطقة للعمليات المشتركة وهناك شركات ستعمل على تقييم المباني النفطية على هذه المنطقة». وأكد ان الاتفاق الاخير يمثل انعكاسا لتوافق واتفاق لحسم القضايا كلها باعتبار ان خط التقسيم يصبح خطا حدوديا نهائيا بين البلدين وتطبق القوانين السارية على كل الاعمال الفنية والنفطية بما يحفظ المبدأ الاساسي الذي «تمسكنا به مع اشقائنا في المملكة» بأن تكون الحقوق والثروات مناصفة في كامل المنطقة المحايدة.