الوزيرة المؤمنة بالإحلال التدريجي والمتطلعة إلى «كويت 2035»
مريم العقيل... ترى الحلم أقرب ما يكون وهي من صُنّاعه
هدوء يتحول إلى عاصفة معلوماتية وذاكرة ملأى بالأرقام وذهنية تضج بالقوانين
تناور إن كانت المناورة طريقاً إلى التعاون وتحاور إن كان الحوار مجدياً
ترى أن سياسة الإحلال مطبقة وفق المخطط وأنه لا توجد بطالة في الكويت
لم تجنح نحو المطالبة بإحلال فوري... هناك وظائف فنية لا يمكن الاستغناء فيها عن الوافدين
سرعان ما يتحول الهدوء الذي يخيم على وزيرة المالية، وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية بالوكالة مريم العقيل إلى «عاصفة معلوماتية» تتدفق بانسيابية مفرطة، عندما يحين وقت الكلام، ويستوجب الظرف رداً على أمر يتعلق بمهام عملها الوزاري.
فالعقيل الحائزة درجة البكالوريوس في مجال المحاسبة بجامعة الكويت، تمتلك ذاكرة ملأى بالأرقام، وذهنية تضج بالقوانين، وبديهية تعج بالردود المقنعة، ومن يتعامل معها يشعر أحياناً بجنوحها إلى الجدية الصارمة، ولكنها انضباطية في العمل، ومسطرة في القانون، تحفظ ما يخص عملها عن ظهر قلب، تناور إن كانت المناورة طريقاً إلى التعاون، وتحاور إن كان الحوار مجدياً ويخلق فضاء للإنجاز، وتتخذ القرار إن كان لا مناص من اتخاذه.
والوزيرة تدرّجت في حياتها المهنية، فشغلت منصب وكيلة مساعدة بالإدارة المركزية للإحصاء بدرجة وكيل وزارة، ثم عينت مديراً عاماً للإدارة المركزية للإحصاء، كما تم انتخابها نائبة لرئيس اللجنة الإحصائية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي لعامي 2015 و2016، ما عكس مكانة الكويت على المستويين الإقليمي والدولي، كما تم تعيينها في سبتمبر 2015 نائبا لرئيس جهاز المراقبين الماليين، وهي ترنو نحو حياة عملية بعيدة المدى، وتضع في مخيلتها الكويت الجديدة، وهذا ما أكدته في آخر ظهور إعلامي لها لجهة «ضرورة تضافر الجهود لتحقيق كويت جديدة 2035»، وكأنها ترى الحلم أقرب ما يكون، وهي من ضمن صنّاعه.
وربما كان «الإحلال» الملف الأكثر توهجاً وطرحاً في مجلس الأمة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، لكن العقيل التي يقع ديوان الخدمة المدنية ضمن تبعيتها عرفت كيف تتعامل معه، إذ لم تجنح نحو المطالبة بإحلال فوري، وهي تعرف أن هناك وظائف فنية لا يمكن الاستغناء فيها عن الوافدين، وقالت غير مرة: «سياسة الإحلال مطبقة وفق ما هو مخطط له، ولا توجد بطالة في الكويت وإنما هناك من يرفض ما يعرض عليه بغرض التعيين في وزارات معينة، وهناك وظائف فنية تتطلب راهناً وجود الوافدين».
وللتغلب على ذلك، شكلت لجنة مواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل، بين ديوان الخدمة المدنية والمجلس الأعلى للتخطيط، وجامعة الكويت، والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والإدارة العامة للإحصاء، ووزارة المالية، وذلك لتحديد ومعرفة التخصصات المرغوبة في سوق العمل أو غير المرغوبة لاكتفاء الجهات، أو لعدم الإقبال على التخصص كالتمريض والتدريس، وديوان الخدمة المدنية يقوم بفرز الجهات الحكومية لمواءمة التخصصات وشغل الوظائف.
وتفضل العقيل التعامل بلغة الأرقام، معتمدة على إرث مالي اكتسبته من دراستها للمحاسبة، وعملها في مؤسسات مالية عدة، ونستشف من ردودها انحيازها المطلق للأرقام.
فعندما أثير ملف الهيئة العامة للقوى العاملة، وأنها تقبل وافدين أميين أو شهاداتهم متدنية، وأن سياسة الاحلال لا تطبق كما ينبغي، كان ردها: الهيئة تعمل في إطار الضوابط المحددة بقانون العمل رقم 6 لسنة 2010 والقرارات المنفذة له، ويتم التقيد بشأن طلبات اصحاب العمل بما ورد في لائحة تقدير الاحتياج الى العمال والتي فرضت شروطا موضوعية في إطار قواعد منضبطة، والهيئة تعمل على تلبية طلبات أصحاب العمل في استقدام العمالة الوافدة لسوق العمل الكويتي، بناء على تراخيص الأنشطة التي يحصلون عليها من وزارة التجارة والصناعة، أو من أي جهة حكومية لها الحق في إصدار التراخيص، بما تتضمنه من مهن مطلوبة لمزاولة تلك الأنشطة المرخص فيها، بالإضافة إلى طلبات اصحاب العمل التي يتم تقديرها بواسطة الجهات العامة تنفيذا للعقود الحكومية، و«القوى العاملة» تلتزم بقرارات مجلس الخدمة المدنية رقم (2) لسنة 1997، ورقم (2) لسنة 2000 بشأن تنفيذ سياسة الإحلال، وقرار مجلس الخدمة المدنية، رقم (13) لسنة 2007 بشأن قواعد وإجراءات تكويت الوظائف الحكومية، فضلا عن التزامها بكل الضوابط المقررة في شأن تعيين الوافدين بالوظائف الحكومية.
وأكدت العقيل في معرض ردها على زيادة معدلات البطالة، أنه لا توجد بطالة لدينا، والمسجلون في ديوان الخدمة راهنا نحو 3600، والمسألة تخضع للعرض والطلب، والحكومة توفر وظائف للباحثين عن عمل، ولكن هناك من يرفض ما يعرض عليه لأنه يرغب بالتعيين في وزارات معينة، وأن سياسة الاحلال مطبقة كما هو مخطط لها، وفي العام الماضي استغني عن أكثر من 3100 بمعنى أن الحكومة تطبق سياسة الاحلال وفق الخطة التي أعلن عنها.
وقدمت العقيل أرقاماً بعيدة المدى وخططاً وبرامج لتوظيف الكويتيين في القطاعين الحكومي والخاص خلال العشر سنوات المقبلة وفق خطة 2030.
ورأت أن تنويع القاعدة الإنتاجية وزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل منتجة للكويتيين، تعد من الأهداف الأساسية التي ستعمل الحكومة على تحقيقها في المرحلة المقبلة، وذلك من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بالمشروعات الكبرى باعتبارها أنشطة مغذية لها.
وخصت العقيل فئة الشباب في خططها، خصوصا أنها تشكل 60 في المئة من عدد المواطنين، مؤكدة أن الحكومة ستعتمد على الشباب من خلال تفعيل دور الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ولفتت الى تشجيع الشباب على إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات العائد البيئي المرتفع، مثل مشروعات تدوير النفايات، وكذلك المشروعات التي تعزز التشابكات القطاعية الأمامية والخلفية للاقتصاد الكويتي، وتنظيم سوق العمل، لأن وضع استراتيجية طويلة في تنظيم سوق العمل يجب أن يرتبط مع نظام تعليمي يخدم هذه الاستراتيجية على المدى الطويل، إضافة لوضع خطط واستراتيجيات تضعف هيمنة العمالة غير الماهرة والهامشية على المكون غير الكويتي في سوق العمل.
ونوهت بالتوسع في إنشاء المرافق الشبابية والترفيهية للشباب من الجنسين في جميع المحافظات، وانشاء مجلس الشباب الكويتي لإشراك الشباب في اتخاذ القرار، وتحويل مراكز الشباب إلى مراكز اجتماعية عائلية، تتعامل مع الأسرة بوجه عام ومع الشباب بوجه خاص، والتوسع في برامج توعية الشباب حول العواقب الخطرة للمواد المخدرة والمنشطات، وافتتاح أندية جديدة لرياضة ذوي الإعاقة، وأندية متخصصة للفتيات.