«المسرح الشعبي» أسدل الستار على عروض «الكويت المسرحي 20»
«صرخة»... لا حياة من دون امرأة ولا أمل بلا رجل
«صرخة» أسدلت الستار أول من أمس على مسرح الدسمة.
فقد اختتمت فرقة المسرح الشعبي عروض مهرجان الكويت المسرحي بدورته العشرين، الذي يُنظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بتقديم مسرحية بعنوان «صرخة»، علماً أن الفعاليات تنتهي مساء اليوم بتوزيع الجوائز.
وتطرقت المسرحية إلى حب التملك والاستحواذ لدى الرجل الظالم والمستبد الذي يأخذ امرأة رغماً عنها، ولم تمثل السينوغرافيا إلا في الشخصية الرئيسية التي جسدتها الممثلة الدكتورة أحلام حسن. وكانت الرسالة أن لا حياة من دون امرأة ولا أمل من دون رجل، فبالإثنين تكتمل مسيرة الحياة، كما دلت الجماجم في العمل على الأموات الذين رحلوا بسبب الطاغي الذي جسد دوره أحمد إيراج.
رغم أهمية رسالة المسرحية، إلا أن النص كان غير مترابط، ومفككاً، وكان في حاجة إلى حبكة أكبر لكي لا يحتاج المشاهد إلى بذل جهد لفهمه.
أما على صعيد الأداء، فالشهادة بحسن وإيراج مجروحة، إلا أن الصراخ كان كثيراً وغير مبرر، وكان من المفترض إيجاد بدائل له، لا سيما وأن العرض افتقد إلى الخفة، والموقف يؤدي إلى كوميديا سوداء.
العرض فقد مصداقيته بسبب غياب الرؤية، ويظهر ذلك في الخلط في لغة العرض بين الفصحى والعامية، تماماً كما كانت في الأزياء ثنائية التراثي والحداثي. أضف إلى ذلك، الضبابية التي طغت عليه من خلال إغراقه في أيقونة واحدة.
مسرحية «صرخة» من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج خالد أمين وإعداد فلول الفيلكاوي، وبطولة كل من الدكتورة أحلام حسن وأحمد إيراج وعلي الششتري ورازي الشطي.
الندوة التطبيقية
أعقبت العرض ندوة تطبيقية أدارها الفنان أحمد البلوشي، حيث استضاف فيها المعقب المدرس المساعد بقسم المسرح التابع لكلية الآداب في جامعة حلوان الدكتور أحمد عامر، الذي قال: «سوف أعتمد في محاولة قراءة العرض على تعريف بسيط للبنية، يذهب إلى أن البنية هي مجموعة من العناصر مكونة بطريقة ما حتى تنتج المعنى للبنية البسيطة مثل لعب الأطفال، عندما تكتمل، تتكون الصورة ونفهم معناها، ولتكن لطائر مثلاً أو حيوان».
وأضاف «حال اكتمال الصورة وتركيبها بشكل صحيح، سيتولد المعنى، وهنا يمكن أن نعتبرها البنية، لكن الحكاية بنى معقدة مثل حكاية العرض المسرحي معقدة، فعناصرها عندما يتم تركيبها لا تنتج المعنى، لكن لا بد أن يكون لها نظام تشغيلي، وهو الذي يحكم أي معاني أو كم المعاني الذي وصل للجمهور أو لم يصل».
وتابع «بمجرد أن يبدأ العرض، يستمع الجمهور إلى مجموعتين قبل أن يراهما، وربما هنا نبدأ في إدراك شيء، وهو أن العرض مختلف المصادر ويعرض أمام جمهور مختلف المرجعيات. بمعنى أن العرض مثلاً قائم على مصادر تراثية، وبالتالي الجمهور الخليجي عامة والكويتي بشكل خاص لديه مرجعيات تنبهه لشيفرات أكثر صلاحية من الجمهور غير الخليجي أو الكويتي. لكن العرض ليس تراثياً فقط، بل يقدم أيضاً شيفرات حداثية تمكن ربما المتخصص أو المتعمق أكثر من فك شيفرات لن يتمكن منها الآخر».
وأشار إلى أن «الرجل المستبد من أهم العناصر البنائية التي ساهمت في فك شيفرة العرض المسرحي، لكن عندما نرجع إلى جملة المُعدة فلول الفيلكاوي في البروشور الخاص بالعرض وفي الجزء الاجتماعي، لم يكن على الدرجة نفسها من المساواة مع الجزء الذي يمكن أن نسميه سياسياً أو اجتماعياً علوياً حتى على مستوى الصورة».
وبفتح المجال أمام المداخلات، كان للدكتور هشام زين الدين مداخلة قال خلالها «العرض يؤكد أننا لا نزال نغوص في الكلاسيكية في الأداء رغم أن الكلاسيكية الأوروبية انتهت. فقد غرق العرض في الكلاسيكية، ما يقطع الصِّلة مع المتلقي، وهذه الصِّلة الحية أهم ما يميز المسرح الآن كفنّ، فيجب عدم التفلسف على حساب أداء الممثل واللغة البسيطة».
وفي تعقيب للمؤلفة فلول الفيلكاوي قالت «أشكر المؤلف إسماعيل عبدالله على إتاحة الفرصة لي لاستخدام هذه النصوص. وبالنسبة إلى الكولاج، لمن اطلع على نصوص إسماعيل عبدالله، يعرف أن شخصاً واحداً ينتصر، إما رجل أو المرأة، فهذا الكولاج يؤكد أن لا حياة من دون امرأة ولا أمل من دون رجل، فبالإثنين تكتمل مسيرة الحياة وتلك كانت وجهة نظري التي أضفتها من خلال هذا الكولاج وتعكس الكلمة التي تمنيت أن توصل في البروشور».
وعقّب المخرج خالد أمين قائلاً «بداية أودّ أن أتكلم عن نصوص إسماعيل عبدالله، وأعلم أن أكثركم قرأها، لكنني وجدت في نصوصه معاناة دائماً وأبداً، وهناك امرأة تنتصر كما قالت فلول الفيلكاوي. ففي نهاية النصوص هناك شخص يعامل معاملة العبيد ويُقتل أو يقتل السيد فيصبح سيداً، فأخذنا حالات من نصوصه ولم نأخذ مشاهد كما هي وتبنيناها واشتغلنا عليها».
وأضاف «أما الجواب على لماذا هناك مبالغة في المشاهد؟ نعم، لأننا اشتغلنا على البوتو الياباني تحديداً، فكنت أريد التركيز على الجسد كما في البوتو الذي لا بد أن يكون الأداء فيه داخلياً والصرخات فيه مبالغ فيها لدرجة الإزعاج، فلي حق كمخرج أن أجرب كل أنواع الأداء».
وتابع أمين «أما بالنسبة إلى بعض الملاحظات، فنحن للأسف أصحاب العرض اليتيم الذي لم يعرض من قبل، لذا تحدث أخطاء تقنية وهذا متوقع. فإذا قمنا ببروفات مثلاً على المسرح ذاته، لتجنبنا الكثير من المشاكل، فلدي مناطق معينة كان بها مشاكل، ما أفقدني القدرة على إيصال معان معينة».
وأردف «كما أود التوضيح أنني غصت في الكلاسيكية رغم أنني قمت بأعمال غير كلاسيكية، فالبوتو مأخوذ عن كارثة هوري شيما عندما خرج اليابانيون يمشون مصبوغين بالأبيض وبأداء تعبيري طوره الغرب وأميركا اللاتينية، وأصبح كلاسيكياً جداً، حتى (الماسكات) غريبة، فرحت في هذا الاتجاه رغم أن الجمهور لا يستسيغ ذلك، لكنني أحببت هذا اللون واسمحوا لي أن أجرب، ونعدكم إذا تكرر العرض سوف نتلافى الأخطاء».
المركز الإعلامي اختتم فعالياته
المطيري:
عروض المهرجان تفاوتت...
لكنها متماسكة في الطرح
اختتمت فعاليات المركز الاعلامي في مهرجان الكويت المسرحي بدورته العشرين، بلقاء مفتوح عقده مدير المهرجان فالح المطيري صباح أمس مع وسائل الإعلام، وذلك في فندق الجميرا، وأداره رئيس المركز الإعلامي الزميل مفرح الشمري. وشهد اللقاء مداخلات عدة من ضيوف المهرجان من الشخصيات المسرحية الخليجية والعربية.
وقال المطيري في مستهل حديثه إن الدورة سيكون نجاحها مقروناً بنجاح قرارات لجنة التحكيم، لافتاً إلى أن المهرجان حرص على اختيار أفضل النصوص من أصل نصوص عدة تقدمت للمشاركة، مع استبعاد أخرى، مشيراً إلى أن عروض المهرجان المسرحية كانت متفاوتة، ولكنها متماسكة في الطرح كون جميع الفرق المسرحية المشاركة بذلت الجهود.
ورداً على تساؤل حول وقت الندوة التطبيقية، بيّن المطيري أن الأفضل إقامتها بعد العرض المسرحي مباشرة، كونها تعطي الروح والرونق للندوة، لافتاً إلى «أننا في المهرجان لا نتدخل في اختيارات نصوص الفرقة المسرحية المشاركة، كونهم يحرصون على تقديم أفضل النصوص، ونحن ليس لدينا صلاحية في الاعتراض، لكن نعمل وفق المحاذير الرقابية».
وأضاف أن «إدارة المهرجان تعمدت استقطاب ضيوف جدد بنسبة تغيير بلغت 70 في المئة من غالبية الدول الخليجية والعربية، والذين أثروا الدورة بإسهاماتهم ونشاطهم الفاعل، مشيداً بالجهود الداعمة من الأمين العام المساعد لقطاع الفنون الدكتور بدر الدويش وكل العاملين في المهرجان».
وذكّر أن آلية اختيار لجنة التحكيم تتم وفق توفر عناصر العرض المسرحي كافة من التأليف والإخراج والسينوغرافيا وغيرها، مبيناً أن عملية الحجب عن أي جائزة تعود إلى رأي وقرارات لجنة التحكيم، ونحن لا نتدخل في هذا الجانب.
وكشف المطيري عن أن هناك فكرة قائمة للدورة المقبلة للمهرجان ستكون من خلال طرح النصوص المسرحية المشاركة ضمن كتيّب سيتاح للجمهور الاطلاع عليه، موضحاً أن إقامة الندوة الفكرية على يومين متتاليين، رغبة لحضور أكبر قدر من الضيوف والجمهور.
وأشار المطيري إلى «أننا نستلم النصوص المجازة قبل ثلاثة أشهر، ومن ثم تعرض على لجنة القراءة، وبعدها تتم الموافقة أو الرفض»، مؤكداً أن «المهرجان قائم على الفرق الأهلية المحلية، وأسس بنوده كبار الفنانين الرواد مثل فؤاد الشطي وعبدالعزيز السريع وسليمان الشطي، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن جائزة السينوغرافيا كانت موجودة ولكنها تجزأت وهناك مطالبة لعودتها مجدداً».