دخلت دواوين عدة خلال هذا الأسبوع فوجدت أن الجميع يتكلم عن الفساد في الكويت، والكل يضرب أمثلة عن ذلك الفساد في جميع نواحي المجتمع!
لا شك أن الفساد غول إذا اجتاح المجتمعات فإنه يدمرها ويبدد ثرواتها، ويدمر طاقات شبابها وجهدهم وقد يؤدي إلى ثورات وانتفاضات شعبية عارمة، كما نرى اليوم في العراق ولبنان!
بداية تلك الانتفاضات تأتي من شعور الناس بأن غيرهم ممن لا يستحق هو الذي يهيمن على الأمور في البلد، ويسرق الأموال ويستأثر بالمناصب والأعطيات بينما بقية الشعب محروم من حقه بالانتفاع من ثروات بلاده!
في الكويت، نحن ننعم بثروات كبيرة بفضل الله تعالى ولا يمكن مقارنتنا بالدول من حولنا، كما وفرت لنا الدولة الكثير من الخدمات شبه المجانية أو المجانية مثل الصحة والتعليم وحرية الكلمة، ولكن ما زلنا نعاني من مشكلة الفساد المالي والإداري، والذي أصبح مكشوفاً أمام الكثير من الناس، وتتكشف في كل يوم قضايا فساد تجعل المواطن محتاراً في أسبابها وسبب عدم معالجتها من الحكومة ومنها:
أولاً: التعيينات الباراشوتية في جميع الوظائف القيادية والعادية، ومع أن ديوان الخدمة المدنية يستقبل طلبات التوظيف ويوزع المتقدمين على جميع الوظائف المختلفة، لكن كثيراً من الوزراء والوكلاء والمديرين يستغلون ضعف الإدارة الحكومية ليقوموا بتعيين أصدقائهم ومقربيهم في وظائف لا يستحقونها أو بتخطي من هم أولى منهم، وللأسف إن نوائب الشعب (جميع النواب) ترى كثيراً منهم ينحصر دوره في الاستفادة من تلك الثغرات في تلك الوظائف عن طريق الضغط على الوزراء والوكلاء، ويتساءل المواطن عن قوانين شغل الوظائف القيادية وأولويات التوظيف: لماذا لم تقر أصلاً؟! ولو أقرت فهل يمكن تطبيقها في ظل تلك الفوضى العارمة؟!
ومجلس الوزراء الذي يهيمن على جميع مقدرات الحكومة، لماذا لا يتدخل في قبول أو رفض من لا تنطبق عليه الشروط؟!
ثانياً: الإنفاق المالي المتخبط والذي تتم جميع قضايا الفساد المالي من تحت جناحه، والذي قدرت مؤسسات التصنيف الائتماني بأن تلجأ الكويت إلى سحب 27 مليار دينار من احتياطي الأجيال القادمة لسد العجز في الإنفاق، فهل يعقل أن جميع مدخرات الكويت خلال سنوات طويلة قد تحولت إلى عجز ينخر في العظم، ألا وهو احتياطي الأجيال القادمة؟!
ثالثاً: رغم وجود الأدوات الرقابية الكثيرة والصارمة إلا أن مفعولها ضعيف في ردع سراق المال العام، فديوان المحاسبة ولجنة المناقصات والرقابة البرلمانية وغيرها من الأدوات لا تردع سراق المال العام، بل ازدادت جرائم النهب والسطو على المال العام، مما يدل على أن هؤلاء لا يلقون بالاً للأحكام ويطبقون سياسة: «حلال عمك لا يهمك» فهل رأيتم حكماً صارماً على وزير ومدير يتعظ الناس منه؟!
رابعاً: عدم اعتماد الكفاءة في توزير الوزراء لا سيما من وزراء الأسرة الحاكمة، بل يتم توزير من لا خبرة لهم ولا كفاءة، وإذا تصدى المجلس لبعضهم وقارب على طرح الثقة فيهم، يتم مناقلتهم إلى مناصب أعلى ومكافأتهم، مما يسقط من هيبة العقاب على المخطئين والمقصرين ويشجعهم على التمادي في كسر القوانين!
خامساً: التجنيس العشوائي وغياب الشفافية والاهتمام بتوافه الأمور على حساب الأمور المهمة، مما يفقد الناس ثقتهم في الحكومة!