يقول هوفستيد في بحثه المنشور بعام 1983 إن المجتمعات العربية (من ضمنها الكويت) ثقافة المجتمع فيها تقع تحت ثقافة العمل الجماعي (Collectivism)، أي أن الفرد يأخذ تصوراته في العمل وطريقة العمل ضمن المجموعة وأعضائها وهي إما أن تكون «الكتلة»، «القبيلة»، «الحزب»، «الفئة» أو أي مجموعة سياسية أو اجتماعية التوجه، وهي ثقافة تعزز الولاء للأعضاء داخل المجموعة «الجماعة»، وبالتالي تكون النتائج نابعة عن فكر معين يكون فيه العطاء معبراً عن أهداف تلك المجموعة، وقد ذكرت دراسات أخرى أن الولاء في الكويت لتلك الفئات، كما شرحته دراسات أخرى.
هذا هو الشاهد على ما تعانيه الكويت، فكل وزير في الحكومة السابقة كان محمياً بغطاء «الجماعة»، ونقصد هنا بعض الوزراء المحسوبين على التكتلات، ولذلك كانت حال العطاء من منظور العمل الجماعي، الذي يعود الولاء فيه للوطن، شبه مفقود إلا في أضيق الحدود والجميع عينه على سلوك «نفسي... نفسي»، وهذه السمة كان لها الأثر في الانعكاس السلبي على أداء بعض الوزراء، وحتى في ظل تغطية الكتل لأخطائهم، سرعان ما انكشفت السلبيات بعد تزايدها لتصبح مادة حيوية للصحافة التي لا تنتمي إلى تلك الكتل إلا ما ندر!
إن الاختيار الحقيقي للقادة يجب أن يكون في حس ثقافة العمل الفردي «Individualism»، وهو الأساس إن كنا نبحث عن العطاء الفردي للقائد الذي يعطي صفة اتخاذ القرار، عندما ينوي معالجة القضايا المطروحة، حسب قناعة قيادية فردية، ولاؤها يعود للجميع والوطن الذي يعطي دستوره وقانونه حماية وغطاء عادلاً للفرد الذي يعمل ضمن مجموعة من القادة المراد منهم إصلاح الأوضاع.
وقضية حادثة الطفلة بدرية والمسؤول عنها «ولا تخبروا أحداً» مثالاً على واقع الحال السيئة التي تمر فيها مؤسسات الدولة، وأصبح الوضع المتردي بحاجة ماسة إلى زرع طريقة اختيار مختلفة عن المتبعة، والتي أدت إلى تدهور الحركة التشغيلية لمنشآت الدولة.
إن الاختيار صعب، ولكنه ليس بالمستحيل في حال توافر النية السليمة في تجاوز مرحلة التذبذب في العطاء وميله إلى جانب القصور و«الطمطمة» على المواضيع المثارة.
خبر: مرضى الأمراض السارية «تجمدوا» من البرد، وتحول بعضهم إلى العناية الفائقة لأن تشغيل أجهزة التدفئة بحاجة إلى أمر بالموافقة من الوزارة... والله كارثة!
إنها حاجة البلد إلى الولاء الوطني المطلوب، فهل يأتي اليوم الذي نشاهد فيه حالات نبذ للسلوك الفردي السلبي؟ والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]