No Script

«بحرين سوزا»... كلّ القمصان مبللّة

تصغير
تكبير

شهد تاريخ بطولة كأس الخليج على مدار نصف قرن من الزمان أحداثاً وقصصاً عدة كان لكل منها «بطل».
وفيما جرت العادة، في المنافسات الرياضية، على أن يستأثر اللاعبون بالدرجة الأولى بدور البطولة، إلا أن ثمة مدربين استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم نجوماً في مناسبات، من بينها كأس الخليج.
فمن اليوغوسلافي ليوبيتيا بروشتش الذي فاجأ الجميع بالاعتماد على لاعب صغير قادم من ناد يلعب في دوري الدرجة الثانية، هو فتحي كميل ليفرض نفسه نجماً للمباراة النهائية، مروراً بالبرازيلي الشهير ماريو زاغالو و«الخدعة الكبيرة» التي قام بها قبل المباراة الفاصلة لـ«خليجي 4» في الدوحة، عندما ترك العراقيين يراقبون المهاجمين جاسم يعقوب وفيصل الدخيل ويغفلون عن عبدالعزيز العنبري الذي سجل ثلاثية تاريخية قادت «الأزرق» الى فوز مشهود، والعراقي الكبير عمو بابا صاحب أنجح مسيرة لمدرب في البطولة بتحقيقه 3 ألقاب من 3 مشاركات رسمية، وانتهاء بالتشيكي ميلان ماتشالا الذي قاد منتخب الكويت من الصفوف الخلفية لاحراز لقبين متتاليين في مسقط 1996 والمنامة 1998.


كل هؤلاء فرضوا أنفسهم نجوماً للنسخ التي شاركوا فيها، بعدما نجحوا في لعب دور «البطولة»، أسوة بلاعبيهم.
آخر «المدربين النجوم» في كأس الخليج، كان البرتغالي هيليو سوزا الذي قاد منتخب البحرين إلى تحقيق لقب انتظره قرابة 50 عاماً، بعدما انتهج أسلوباً فريداً ربما لم تشهده أي بطولة عالمية أو اقليمية من قبل.
حضر «الأحمر» الى الدوحة بعد مخاض عسير أثمر إنهاء قرار مقاطعة البطولة، ومن دون خوض أي مباراة ودية، لكنه في المقابل كان في وضعية جيدة لجهة التحضير البدني والفني بعدما فرغ تواً من خوض الجولتين الخامسة والسادسة من التصفيات المشتركة لكأس العالم 2022 وكأس آسيا 2023.
ورغم تتويج البحرين بلقبها الرسمي الأول في بطولة غرب آسيا التي أقيمت في العراق بعد الفوز على المنتخب المضيف في النهائي، وإبلائها حسناً في التصفيات المشتركة ضمن مجموعة تضم ايران والعراق ومحافظتها على سجلها خالياً من الهزائم، إلا أنها لم تكن مرشحة فوق العادة لاحراز اللقب الخليجي مقارنة بمنافسين آخرين مثل المستضيفة قطر بطلة آسيا، وعمان حاملة اللقب، والسعودية والعراق وبدرجة أقل الكويت والامارات.
ومع هذا الاستبعاد من الترشيحات، والتعادل السلبي في اللقاء الافتتاحي مع عمان رغم الفرص التي لاحت للفريق في أواخر اللقاء، شعر الكثيرون أن «الأحمر» لم يأت الى الدوحة للمنافسة، وتعزز هذا الشعور مع ما قام به سوزا في اللقاء التالي أمام السعودية عندما قرّر الزج بتشكيلة مختلفة تماماً عن تلك التي واجهت منتخب السلطنة في تصرف قوبل بانتقادات وردود فعل عنيفة خاصة بعد الهزيمة بهدفين والتراجع الى مؤخرة ترتيب المجموعة الثانية.
دخلت البحرين اللقاء الثالث مع الكويت بعد 48 ساعة فقط من مواجهة السعودية، وفي ظل فرص محددة للتأهل: الفوز على «الأزرق» في مقابل خسارة السعودية أمام عُمان أو خسارة الأخيرة والدخول في حسبة أهداف معها.
ومن جديد، عاد سوزا إلى أسلوبه غير المعتاد وأشرك القائمة نفسها التي لعبت في الافتتاح لكن مع تغيير وحيد تمثل في دخول الحارس المخضرم سيد محمد جعفر بدل سيد شبر علوي.
حقق «الأحمر» المطلوب بفوز مثير 4-2 ضمن له البطاقة الثانية عن المجموعة على حساب عمان التي خسرت أمام «الاخضر» 1-3، وبات على المدرب البرتغالي التطلع الى نصف النهائي أمام متصدر المجموعة الأولى، العراق.
واصل سوزا القيام بما يمكن وصفه بأنه «تغيير الطقم بالكامل»، ودخل مواجهة «أسود الرافدين» بالتشكيلة التي خسرت أمام السعودية في الجولة الثانية لدور المجموعات مع اشراك الحارس سيد شبر بدلاً من حمد الدوسري الذي يعتبر الوحيد بين الــ23 لاعباً الذي خاض مباراة واحدة فقط.
وبعد منافسة شديدة، امتدت الى شوطين اضافيين اثر التعادل 2-2، تم اللجوء إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت للبحرين (5-4) ومنحتها التأهل إلى النهائي للمرة الأولى في تاريخ مشاركاتها الـ22 السابقة.
عاد «الأحمر» ليواجه السعودية مجدداً لكن في النهائي هذه المرة، ومن جديد فرض سوزا نفسه على المشهد بعدما ترقبت اوساط البطولة ووسائل الاعلام التشكيلة التي سيختارها لخوض «مباراة الحلم»، وما إذا ستكون تلك التي اجتازت العراق المرشح للقب في نصف النهائي، أم أخرى مختلفة.
وقبل انطلاق المباراة الختامية، ظهرت قائمة المنتخب وكانت، كالعادة، مختلفة عن سابقتها، ومطابقة لتلك التي هزمت «الأزرق» قبل 6 أيام، والتي تعتبر الوحيدة التي حققت الفوز في المباريات السابقة ضمن البطولة في مقابل تعادلين مع عمان العراق وهزيمة أمام السعودية.
لم تخيّب التشكيلة الأخيرة ظن البرتغالي، وكانت على مستوى الحدث وأهدت البحرين لقباً عزيزاً طال انتظاره، وشارك فيه في حدث نادر وغير مسبوق اللاعبون الـ23 كافة ومن خلفهم مدرب جريء يثق في قدراتهم، ولا يتوانى عن اتخاذ قرارات قد يجدها نظراؤه من المدربين... ضرباً من الجنون.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي