من المعروف أن الأدب هو انعكاس للواقع بشكل فني، ومن خلال الأدب تطرح كل الموضوعات بلا استثناء، ولأن الواقع متغير بشكل مطلق، فإن الأدب بجميع أنواعه يتغير تبعاً لتغير الواقع.
فأياً كان التطور الحادث في حياتنا، سينعكس على ما يطرحه الأدب، بما في ذلك التطورات التكنولوجية، والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فلا يوجد شيء في الواقع لا يمكن استخدامه كموضوع لعمل أدبي.
ومنذ الثورة الصناعية وتغير التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية من اقطاعية إلى رأسمالية، طرأ أمر جديد على واقعنا، وهو التلوث البيئي والتغير المناخي، وما يسببه من كوارث على الإنسان، وما قد يعكس تأثيره على الحياة بشكل عام.
وقد سبب التلوث البيئي والاحتباس الحراري، تغيراً في الوعي البيئي، فتأسست أحزاب سياسية لها علاقة بهذا الأمر مثل حزب الخضر، كما أصبحت الموضوعات البيئية، محط اهتمام دولي قامت على اثره بتوقيع اتفاقات دولية، وقامت مؤسسات مخصصة لقضايا البيئة، التي تمس صحة الإنسان وحياته، وتمس بغذائه وتغير طبيعة الأرض والهواء.
والأدب لم يوفر موضوع البيئة، فنتج عن ذلك ما يسمى بـ«الأدب البيئي»، حاول كتابه التحذير من مخاطر التغير البيئي بطرق مختلفة، ولم يكتفِ بعض الأدباء بتصوير الأمر بصورته الواقعية، بل عمدوا إلى كتابته بخيال علمي، يصور مستقبل العالم في ظل الكارثة البيئية المحتومة، مثل حصر المناطق الخضراء أو المحافظة على بيئة صحية، بجزر معزولة أو ولايات منفصلة، وهو ما يستلزم سياسات طوباوية، لعزلها عن العالم الخارجي الملوث.
وقد حاول بعض النقاد العرب، البحث عن أعمال أدبية عربية، يمكن أن تصنف كأدب بيئي، فقد كتب إبراهيم طه عن ثلاثة كتّاب، كتبوا في هذا الاتجاه، مثل الفلسطيني محمد نفاع وإبراهيم الكوني وعبد الرحمن منيف.
لكن برأيي أن انعكاس بيئة البلد في الأدب، مثل الصحراء أو الطبيعة أو غيرهما، لا يعني أن هذا الأدب بيئي، فالأدب يجمع بين الإنسان والمكان والزمان، لكن المقصود بالأدب البيئي كما اعتقد، هو تناوله موضوع التغيرات البيئية والمناخية، وتأثيرها على الإنسان ومستقبله على الأرض، أو خطر التغير البيئي على الوجود البشري.
والموضوع البيئي في الأدب، يمكن تناوله بتفصيلات ومن زوايا عدة، مثل الأثر السلبي للحروب، التي يمكن الحديث عن تأثيرها الشامل، أو انعكاسها على شخصية معينة في العمل الأدبي، ففي الأدب هناك غنى في التفاصيل، وتسليط الضوء على نقاط عدة.