ألوان

جمال الردهان...

No Image
تصغير
تكبير

تتميز الكويت بكثرة مبدعيها في المجالات كافة، رغم قلة عدد سكانها نسبياً مقارنة بالكثير من الدول العربية، ومن بين تلك المجالات الوسط الفني، حيث إن الكويت هي الرائدة في الحركة الفنية خليجياً، والمميزة والمنافسة عربياً ولها إنجازات كثيرة عبر سلسلة من الإبداعات.
وتضم الكويت أسماء فنية لامعة في سماء الفن والثقافة، ومن بينها الفنان جمال عيسى الردهان، الذي كان مع مجموعة من الشباب من جيله الذي صقل موهبته بدراسته للفن إضافة إلى العمل مع رموز الحركة الفنية الكويتية أمثال عبدالحسين عبد الرضا وحياة الفهد وآخرين، فكان مع أبناء جيله يقومون باجترار الإبداعات الفنية لإكمال المسيرة، وتلك نقطة مهمة فكم من موهبة كانت لها بداية جيدة ثم سرعان ما توقفت لأسباب معينة، بيد أن الردهان كان قد وضع خطة تتناسب مع آماله في أن يصبح فناناً فدرس التمثيل والإخراج، بل إنه عمل محاضراً لمادة الإلقاء في المعهد العالي للفنون المسرحية.
ولا يمكن التحدث عن مسيرة الردهان كونها امتدت إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، شارك بها مع زملائه الفنانين الذين ينتمون إلى أكثر من جيل، بأعمال فنية عدة، سواء كانت مسرحيات مثل محاكمة علي بابا وفرسان بني هلال وأبطال السلاحف ووحش الليل ومصاص الدماء والزوج يريد تغيير المدام والياخور، مع مجموعة مهمة من الدراما التلفزيونية مثل الغرباء وصغيرات على الحياة والطماعون وللحياة بقية وقاصد خير والصحيح ما يطيح والدردور والخطر معهم وخطوات على الجليد وقلوب لا تنبض بالحب والشقردي وشاهين والأخ صالحة وعبرة شارع، إضافة إلى بعض الدراما الإذاعية مثل نافذة على التاريخ ونجوم القمة وراعي الديوانية وضاعت الأندلس وصاحب الزمردة الحمراء تيمور لنك، وبعض الأعمال السينمائية مثل حبيب الأرض.


ولا يمكن التطرق لكل الأدوار المختلفة التي قام بتجسيدها الفنان الردهان لكثرتها، إلا أنني أكتفي بذكر دوره المميز في مسلسل «الداية» في عام 2008م مع الفنانين حياة الفهد ومحمد جابر ومحمد المنيع وباسمة حمادة، حيث عصر الردهان موهبته الممزوجة بخبرته الطويلة في تجسيد المشاعر والأحاسيس العميقة لشخصية بحار عاد ليجد أن زوجته اختفت، وأن ابنه توفي، ولما قام بحمله باكياً وهو يعتصر القلب المجروح، كان مشهداً مؤثراً للغاية يحسب للردهان وليس غريباً عليه أن ينجح في تصوير المشهد بأفضل صورة، يمكن أن يقوم بها أي ممثل مهما كانت قدرته وكأن الدور والمشهد جاءا بصورة لا تليق إلا به.
كما أن للردهان باعاً طويلاً في الإخراج الإذاعي، حيث إنه أخراج العديد من البرامج المختلفة إضافة إلى امتلاكه حنجرة مميزة، فصوته جهوري له طبقة مميزة، أعتقد انه لم يجد النص والمخرج المناسبين لإبراز أبعاد حنجرته، وهذا ما لمسته من خلال حديثه في بعض البرامج التلفزيونية، التي تابعتها حيث عرفت من خلال الحوار أنه ليس ممثلاً مميزاً فحسب بل هو صاحب رؤية فنية كبيرة، ونظرة ثاقبة للارتقاء بالفن، والأمر نفسه ينطبق على الكثير من زملائه الفنانين، الذين يستحقون التقدير والتكريم، وأقترح أن تعقد ورشة عمل مع المسؤولين في وزارتي الإعلام والشؤون والاجتماعية والعمل، لمناقشة قضايا وهموم الشارع الفني والثقافي في الكويت، ولا بأس في أن تكون الجلسات مغلقة كي يتحدثوا بحرية ومن دون إحراج من جهة أو شخص، فالهدف السامي هو الارتقاء بالحركة الفنية في الكويت وليس التجريح أو الإساءة إلى شخص أو جهة معينة.
إن فنان بحجم الردهان لا بد من تكريمه، قبل أن يتقدم في السن، فكم هو جميل أن يتم تكريم المبدع وهو في مرحلة النضج الفني.

* كاتب وفنان تشكيلي

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي