ضوء

يوم المعلم

No Image
تصغير
تكبير

استمر العالم يحتفل بيوم المعلم في 5 أكتوبر منذ عام 1994، وذلك إحياء لذكرى التوصية المشتركة الصادرة عام 1966 عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم بشأن أوضاع المعلمين وحقوقهم.
الجميع يعرف أهمية التعليم، فالتعليم أساس نهضة الشعوب ورقيها، وبالتعليم تنمو وتزدهر الأمم، وبالتعليم تتحقق التنمية والرفاهية، ولدينا أمثلة لا تحصى لدول مثل ماليزيا وسنغافورا والسلفادور وغيرها، دول فقيرة وبالتعليم أصبحت قوة لا يستهان بها.
والتعليم له ركائز أربعة أساسية: الطالب المتعلم، والمنهج الذي يكون الكتاب المدرسي جزء منه، والبيئة التعليمية، والمعلم الذي هو أهم الركائز كلها، فإن صلح المعلم صلح التعليم، والعكس صحيح.


فإن كان لدينا معلم صالح استطعنا خلق شعب صالح، وإن كان لدينا معلم مبدع استطعنا خلق شعب مبدع، لكن كيف نخلق المعلم المبدع وأوضاع التعليم والمعلم في تراجع وتردٍ؟
نعم نؤكد أن التعليم في تراجع، وعلينا أن نعترف ولا نضع رؤوسنا في الرمال، ونرى بأن من ينتقد الوضع نقداً بناء يحب بلده وشعبه، أما من يطبل فهو يحب نفسه لا غير.
لذا علينا أن ننهض بالتعليم بشكل شامل، وأول ركائزه المعلم، الذي علينا أولاً أن نعيد مكانته ونعزز هيبته، فالمعلم نموذج وقدوة، وهو أداة تنفيذية تحركها القيادات التعليمية والسياسية، فيمكن أن يصبح المعلم أداة خلاقة مُحركة، أو أداة جامدة هامدة، أو أداة قاتلة للإبداع.
ويُجمع الناس على أن هيبة المعلم قد قلت أو تلاشت، لذلك يحق لنا أن نتساءل عن الأسباب، فهل الهيبة مرتبطة بمدى إخلاص المعلم وعطائه؟ أم بقوة شخصيته؟ أم بكثرة صلاحياته ومسؤولياته؟
هل قلت هيبة المعلم لأسباب ذاتية أم لأسباب موضوعية مرتبطة بالآخرين؟ سواء كان هؤلاء الآخرون من الطلبة أوأولياء أمورهم أو الإدارة أو الوزارة أو المجتمع؟
هل قلت الهيبة بسبب تغيّر سلوك المعلم وعطائه وطريقة تعامله وفهمه للعملية التربوية؟ حيث أغلب المعلمين الجدد صارت مهنة التعليم بالنسبة لهم ارتزاق فقط، وتعني العذاب، ويريدون الفكاك منها بأسرع طريقة، لأن الوزارة عززت أن يكون التعليم مجرد شكليات ومظاهر وتقارير ورقية لا غير، وهربت الكفاءات الوطنية واستبدلتهم بالعرب والأجانب، على عكس المعلمين والمديرين والتربويين القدامى، الذين يؤمنون بأن مهنة التعليم رسالة مقدسة لابد من التضحية لتأديتها، وكانت لهم هيبة وتقدير.
هل قلت هيبة المعلم بسبب زيادة سلوك الطلبة المتمرد واللا انضباطي؟ حيث معظم الطلبة صاروا يمارسون العنف والفوضى، وتفاقمت المشكلة أكثر وصار الانضباط معدوما وأصبح من غير المستغرب أن يترصد مجموعة من الطلبة أستاذهم ليفاجئوه بالضرب المبرح في أحد الأزقة، بل من الممكن أن يقوم الطالب بضرب المعلم في المدرسة أمام الطلبة! لذا نرى أن الأسلوب المتبع في بعض المدارس العامة والخاصة بوجود قوانين وأنظمة انضباطية إدارية صارمة رادعة ضد سلوك الطلبة الخاطئ أمر واجب.
هل قلت الهيبة بسبب تدخل بعض أولياء أمور الطلبة بشكل سلبي في العملية التربوية؟ حيث إن بعض الآباء والأمهات ما أن يلمس المعلم ولدهم أو يحاسبه، حتى يتراكضون متوجهين مباشرة بالشكوى على المعلم في الوزارة أو في الصحف، على عكس أولياء الأمور في السابق، فكان إذا ضرب المعلم الطفل يأتي الأب شاكراً المدرسة على حسن تأديبها ولده، ونحن بالطبع ضد الضرب المبرح لكن السلوك الاصلاحي والتأديب التربوي أمر مطلوب.
هل قلت الهيبة بسبب قلة صلاحيات المعلم بل والمدرسة برمتها، وبسبب القوانين المفروضة على المعلم من قبل الإدارت المدرسية والتعليمية التي تأتمر بأوامر الوزارة؟ أيضا هذا أمر وارد.
هل قلت هيبة المعلم بسبب قلة الدخل السنوي قياساً إلى المهن التخصصية الأخرى وقياساً للوضع المعيشي؟ علما بأن الكادر الوظيفي للمعلم في البحرين كان من أفضل الكوادر، وقد سبقتنا كل الدول الخليجية في الامتيازات والخدمات المقدمة للمعلم، بعد أن كنا السبّاقين، لكن حتما راتب المعلم حالياً زاد أضعافاً مضاعفة عن راتب المعلم في الخمسينات.  
ونرى بأن على وزارة التربية والتعليم مناقشة جميع هذه الأسباب ووضع الحلول لإعادة هيبة المعلم ومكانته.
ونؤكد مجدداً أن المعلم أهم ركيزة للتعليم، فإن صلح المعلم صلح التعليم، وبه وحده نستطيع أن نصنع أجيالا صالحة من الطلبة تخدم نفسها ومجتمعها ووطنها. وعلى متخذي القرار أن يضعوا نصب أعينهم ذلك إن أرادوا حقا نهضة مجتمعاتهم وأوطانهم. وكل عام وأنتم وجميع المعلمين والتربويين بخير وسلام.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي