حوار / خبير الأرصاد الجوية دعا إلى سن قوانين تُجَرّم أي شخص يتحدث في مواضيع بعيدة عن تخصصه
جمال إبراهيم: دُخلاء يُسمّمون العقول أفرَزَتهم «سوشيال ميديا» على علم الأرصاد
معدلات الأمطار ستكون بكميات المواسم السابقة باستثناء الشتاء الفائت غير المسبوق
إلحاق موظفي إدارة الأرصاد بدورات تدريبية أفضل من حضور المسؤولين المؤتمرات الخارجية
أشك في قراءات محطة مطربة لدرجات الحرارة... ولدينا 28 محطة رصد جوي
حذر خبير الأرصاد الجوية جمال إبراهيم، من خطورة الإشاعات التي يروجها أشخاص غير مختصين بعلم الأرصاد الجوية، الذين أفرزتهم مواقع التواصل الاجتماعي «سوشيال ميديا»، واصفاً هؤلاء بالدخلاء الذين يسممون العقول بالمعلومات الخاطئة، ومطالباً بتشريع قوانين تعاقب الأشخاص غير المختصين الذين يتحدثون في أمور علمية أسوة ببعض الدول التي تجرم مثل هذه الأشياء.
وتوقع إبراهيم، في حوار مع «الراي»، أن تكون أمطار موسم الشتاء المقبل بنفس كميات الأمطار التي هطلت الأعوام الماضية، باستثناء العام الفائت الذي سجل معدلات غير مسبوقة، مبيناً أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على الكويت في منتصف نوفمبر من العام الفائت تتكرر عادة كل 15 أو 20 سنة.
ودعا مسؤولي إدارة الأرصاد الجوية إلى الاهتمام بالكوادر البشرية، من خلال تدريبهم وتأهيلهم عبر دورات تدريبية متخصصة، لكي يستفيدوا منها في تنمية وتطوير ذاتهم، وعدم التركيز على المؤتمرات التي لا فائدة منها سوى الحصول على بدل 220 ديناراً عن اليوم الواحد، متمنياً انتهاء عصر القروبات والشللية الموجود في إدارة الأرصاد والعمل بروح الفريق الواحد.
وفي ما يلي نص الحوار:
? ما توقعاتك بالنسبة لموسم الأمطار خلال فصل الشتاء المقبل؟
أتوقع أن تكون كميات الأمطار بنفس الكميات التي هطلت في السنوات السابقة، باستثناء أمطار السنة الفائتة، حيث سجلت معدلات غير مسبوقة، وهذه الأمطار يمكن أن تتكرر كل 15 أو 20 سنة، لأن الكويت دولة صحراوية وقلة الأمطار فيها شيء طبيعي.
? هناك أشخاص توقعوا أن تكون أمطار الموسم الحالي غزيرة؟
هؤلاء الأشخاص دخلاء على التخصص، ولا يتحدثون بمنطق ودراسات علم الارصاد الجوية، فأحيانا نراهم يتوقعون حالة الطقس لموسم كامل، وهذا في حد ذاته جهل بعلم الارصاد، لذا أتمنى على الجميع عدم الاستماع أو متابعة مثل هؤلاء الأشخاص غير المتخصصين.
? ألا يوجد قانون يجرم مثل هذه الأفعال؟
يفترض أن يكون هناك أداة قانونية تجرم مثل هذه الأفعال، ولا بد أيضاً أن تتدخل إدارة الارصاد الجوية والطيران المدني للحد من إطلاق مثل هذه الاشاعات والمعلومات المغلوطة التي يمكن أن تسمم العقول، مثلما يسمم الطعام الفاسد البدن. ففي الدول الأخرى لا يسمح لشخص الحديث في أمور علمية خارج نطاق تخصصه، وهنا أنتهز الفرصة وأدعو الجميع إلى تلقي أخبار الأرصاد الجوية عبر المصادر الموثوقة، مثل تلفزيون وإذاعة الكويت والصحف التي تنقل أخبارها عن المختصين في علم الارصاد الجوية.
? هل تمتلك إدارة الأرصاد الجوية أجهزة حديثة تمكنها من رصد حالات الطقس بدقة؟
جهاز قياس درجة الحرارة بسيط جداَ، وكذلك الأمر بالنسبة لجهاز قياس معدل الأمطار. وتمتلك الإدارة ستلايت ورادراً يوضح خريطة الغيوم والأمطار الرعدية وكثافة الغبار، ولكن عندما كان يصاب بخلل كان يستغرق إصلاحه وقتا طويلا، لدرجة كان موسم الشتاء يوشك أن ينتهي قبل إصلاحه.
? بعد تقاعدك أخيراً من العمل في إدارة الأرصاد الجوية، لا بد أن هناك أموراً في إدارة الارصاد تتمنى تعديلها للأفضل، أذكر لنا واحداً من هذه الأمور؟
خلال الثلاثين سنة الفائتة كان تركيز المسؤولين المتعاقبين على إدارة الأرصاد الجوية، ينصب أكثر شيء على حضور المؤتمرات في الدول الخارجية التي تؤخذ فيها القرارات المتعلقة بالمناخ العالمي، ونحن كنا نذهب تحصيل حاصل من دون الالتفات إلى تدريب الموظفين من خلال ابتعاثهم إلى دورات تدريبية لتطوير مهاراتهم وإكسابهم الخبرات العلمية اللازمة، لاسيما أن علم الأرصاد تطور في السنوات الأخيرة بشكل سريع.
? ولماذ لم تقم الإدارة بإرسال موظفيها إلى دورات تدريبية؟
لسوء الإدارات التي كانت تتولى المسؤولية.
? كيف؟
عندما يذهب المسؤول إلى مؤتمر كان يحصل على بدل يومي قيمته 220 ديناراً لليوم الواحد، في المقابل تخصص الإدارة بدلا بقيمة 110 دنانير ليوم الدورة التدريبية، لذا نجد المسؤولين يفضلون السفر إلى المؤتمرات للحصول على مبالغ مالية أكثر. وفي المقابل يتم حرمان الموظفين من الدورات التدريبية، وهذه مشكلة كبيرة يجب الالتفات إليها، لاسيما في ظل وجود مجموعة جديدة من المتنبئين يمارسون عملهم بشكل جيد جداً، ويطبقون النظريات الحديثة في تحليلاتهم لخرائط الطقس.
? محطة مطربة سجلت خلال آخر موسمي صيف درجة حرارة مرتفعة جداً، لماذا مطربة تحديدا تسجل أعلى المعدلات؟
رغم أن الأجهزة الموجودة في محطة مطربة تعمل بشكل أوتوماتيكي، وفق مواصفات ومقاييس عالمية، ولكن محطة مطربة كان يوجد حولها شك، خصوصاً عندما سجلت درجة حراراة مرتفعة جداً، وبالفعل بعد فحصها تبيّن لفريق الصيانة وجود خلل في الأجهزة، لذا أنا لا أعتد بمحطة مطربة.
? كم محطة رصد تمتلكها إدارة الأرصاد؟
يوجد لديها نحو 28 محطة رصد جوية أتوماتيكية، منها 4 أو 5 محطات بحرية.
? أحياناً تعلن السفارة الأميركية بأن هواء الكويت ملوث، بناء على أجهزة الرصد الخاصة بدرجة نقاء الهواء، في حين تنفي الهيئة العامة للبيئة وجود ملوثات، فأيهما نصدق؟
عن نفسي أميل إلى تصديق الهيئة العامة للبيئة، كون أجواء الكويت مفتوحة أمام الهواء، فالأجواء المفتوحة أمام حركة الرياح قادرة على تنظيف الجو من الملوثات، والدليل على ذلك أنه بعد إطفاء آخر بئر نفطية قامت الرياح بإزاحة الغيمة الدخانية بعيدا عن أجواء الكويت.
قصة
لا تخرّعوا الناس ... نبّهوهم!
من المواقف الطريفة التي ما زالت راسخة في ذاكرة المتنبئ الجوي جمال إبراهيم موقف يرجع إلى العام 1981، ويستذكره بالقول: عندما قدمت نشرة أخبار التاسعة من مساء يوم الاربعاء، قمت بتحذير المواطنين، خصوصا الحداقة من عدم الخروج إلى البحر، باعتبار ان طقس الخميس، بناء على معلومات وخرائط الارصاد الجوية، سيشهد رياحاً شديدة السرعة تتجاوز 60 كيلومتراً في الساعة، تثير الاتربة والغبار مع أمطار رعدية وأمواج عالية، وكانت هذه أول مرة أصدر فيها تحذيراً من هذا النوع من دون الرجوع لأي مسؤول.
وفي صباح اليوم الثاني مررت على شارع الخليج، وإذا بالطقس بديع والهواء عليل والسماء صافية، وما إن وصلت إلى مقر عملي في إدارة الارصاد الجوية في السابعة من صباح يوم الخميس، حتى انهالت اتصالات المواطنين على هواتف إدارة الأرصاد لتقديم شكاوى ضدي بحجة عدم إلمامي بأخبار الطقس، وتخلل هذه الاتصالات سب وشتم، لدرجة ان أحد المسؤولين في إدارة الطيران المدني وبّخ مدير إدارتنا في ذاك الوقت، حيث قال له «مرة ثانية لا تخرعوا العالم، طالما ما تفتهمون»، وللأسف بعد هذا التوبيخ قام موظفو الإدارة وعلى رأسهم المدير بتغيير النشرة والإعلان بأن طقس اليوم صحو والأمواج خفيفة، وعلى الرغم من ذلك كنت متمسكاً برأيي.
وبعد تغيير النشرة وانتهاء الدوام في الحادية عشرة ظهراً ووصولي للمنزل في الثانية عشرة، بدأت العاصفة وتحولت الرياح المعتدلة إلى نشطة السرعة، حيث تجاوزت سرعتها 70 كيلومتراً في الساعة وتلبد الجو بالغيوم الرعدية وثار الغبار وانعدمت الرؤية، وفي يوم الجمعة صباحاً تم الاعلان عن حدوث وفيات في البحر، وعن أشخاص مفقودين في البر، وفي يوم السبت صباحاً اتصل المسؤول ذاته الذي طلب من مدير ادارتنا بمنعي من الظهور والحديث عن توقعات الطقس مستقبلاً، وقال له «مرة ثانية نبهوا العالم»!... الشيء الذي أريد توضيحه هنا أن المتنبئ عندما يحلل خرائط الطقس يتنبأ لمدة 24 ساعة.