قرار دار الإفتاء المصرية بإعطائها الحق للعمل في هذا المجال أثارَ جدلاً ورفضاً في الكويت
«المأذون»... امرأة!
بدر الحجرف: لم يفتِ عالِم بجواز عملها كمأذون وأن تعقد القِران فهذا ليس من دين الله
حاي الحاي: لم يرد عن علماء الأمة مَن أجاز عملها في هذا المجال الذي اختصّ فيه الرجل
جاسم العيناتي: لا يوجد فتوى جازمة بالمنع ولكن المسألة فيها شبهة شرعية
محمد المنجد: لا يجوز بدليل قول عائشة «يا فلان أنكح فإن النساء لا يُنْكِحن»
أصدرت دار الافتاء المصرية فتوى جديدة بجواز عمل المرأة كمأذون شرعي، في رأي مغاير للآراء السابقة بعدم جواز عمل المرأة في هذا المجال، كونه من أمور الولاية.
وأعلنت الدار أنه يجوز تعيين المرأة في وظيفة مأذون، مشيرة إلى أن «المأذون إنما قد أُذِنَ له من الحاكم وولي الأمر أو القاضي فهو يقوم مقامه، وبذلك لا يقتصر عمل المأذون على التوثيق فقط، بل يمتد في بعض الأحيان إلى بعض أعمال الولاية».
ورأت أنه «ما دامت المرأة لها الولاية على نفسها وعلى غيرها، ويجوز أن يأذن لها القاضي بإنشاء عقد النكاح إذا احتاج إليها كولي، فمن باب أَوْلَى أن يأذن لها في توثيقه، لأن التوثيق يرجع إلى العدالة والمعرفة، وهما يتوافران في المرأة العدل العارفة».
هذا القرار أثار ردود فعل واسعة، لم تكن الكويت في منأى عنها، مع اختلاف آراء علماء الشريعة حول هذا الرأي الذي رفضه بالقطعية عدد منهم وأيده آخرون.
فقد أكد الشيخ الدكتور بدر الحجرف لـ«الراي» أنه «لم يفت أحد من العلماء بجواز عمل المرأة كمأذون شرعي، كما لم نطلع على أحد يفتي بجواز هذا الأمر، ولكن أن تعمل المرأة ككاتبة فلا بأس بذلك، أما أن تعقد القران فهذا ليس من دين الله».
وأضاف ان الأعمال التي أتاحها الإسلام للمرأة كثيرة، فيجب ألا تدخل في الأعمال المحصورة على الرجال، فقد حدد الدين الإسلامي عددا من الوظائف التي اختص بها الرجال دون المرأة لأنها من الولاية العامة.
من جانبه، قال الشيخ حاي الحاي إن عمل المرأة كمأذون شرعي غير جائز، ولم يرد عن علماء الأمة من قال بجواز عملها في هذا المجال الذي اختص فيه الرجل.
في المقابل، قال الشيخ جاسم العيناتي إنه لا يوجد فتوى جازمة بمنع عمل المرأة كمأذون شرعي، رغم أن الأولى في هذا العمل أن يكون للرجل لأنه أعلم بأحوال الناس من المرأة، مبيناً أن عمل المرأة كمأذون يتخلله العديد من الشبهات كون المأذون يكون وليا للمرأة إن لم يكن لها ولي، وهذه مسألة فيها شبهة شرعية.
وأضاف العيناتي أن الحكومة إذا عينت امرأة كمأذون شرعي واعتمدتها، فهو أمر طيب ولكن يجب أن يكون لديها علم شرعي ومعرفة بأحوال الناس، أما إن تم تعيينها من دون عمل ومعرفة فهذا أمر غير سليم، فالعلم الشرعي والمعرفة بأحوال الناس جانب مهم في مثل هذه الوظيفة وطبيعة المرأة تختلف شرعيا عن الرجل.
وفي السياق نفسه، ذكر الشيخ محمد المنجد في موقعه الالكتروني «الاسلام سؤال وجواب» أنه «يطلق على من يكتب عقود الزواج اسم (المأذون) و(مأذون الأنكحة) و(مملِّك) و(عاقد النكاح) وهو من يُجري عقد النكاح على الترتيب الشرعي من حيث الأركان والشروط والواجبات ويوثقه في وثيقة تسمى عقد النكاح».
وأضاف «من أعماله التأكد من رضى المخطوبة وموافقتها على النّكاح، باستئمار المرأة الثّيّب واستئذان البكر، ومعرفة شروط الطرفين، والتأكد من عدم وجود موانع للزواج والتأكد من الولي إن كان موافقاً للشرع أم لا، والتأكد من هوية الشهود وتوثيق شهادتهم وتوثيق تسمية الصّداق ومعرفة مقداره، وهل تسلمته الزوجة أو وليها أم لا، وهل بقي منه شيء مؤجل أم كله قد عُجِّل».
ولفت المنجد إلى أن «المأذونية تعد فرعا من فروع القضاء، بل المأذون نائب عن القاضي الشرعي، ولذا لزم أن يكون المأذون الشرعي متصفاً في شخصه ببعض الصفات المشترطة في القاضي، ومن أعظمها أن يكون مسلماً ذكراً بالغاً عاقلاً رشيداً. ويجوز للمرأة أن تمهِّد لعقد الزواج من حيث الصداق ورضا الطرفين، وأما أن تباشر عقد الزواج فلا يجوز لها ذلك، وفي ذلك أثر عن عائشة رضي الله عنها عن ابن جريج قال: كانت عائشة إذا أرادت نكاح امرأة من نسائها، دعت رهطا من أهلها، فتشهدت، حتى إذا لم يبق إلا النكاح قالت: يا فلان، أنكح فإن النساء لا يُنْكِحن».
وذكر أن «الخلاصة أنه يجوز للمرأة أن تمهِّد لعقد الزواج، ولا يجوز لها أن تباشر التزويج بنفسها ، لأن هذا من فعل القاضي ومن ينوب عنه، ومن شروطهما الذكورة، وإذا تمَّ العقد الشرعي برضا الطرفين وموافقة الولي، وتولت المرأة توثيق عقد النكاح ؛ كأن تكون موظفة في محكمة، أو دائرة شرعية، أو ما يشبه ذلك، من أعمال المأذونية، فلا يظهر المنع، لأن العقد قد تمَّ وليس لها إلا توثيق ذلك على الورق أما تكون هي شاهدةً على عقد النكاح، أو يكون المرجع في تقويم الشهود إليها، أو أن تكون هي التي تلي عقد النكاح، دون الولي، فلا يجوز».
الحركة النسوية... لا تعليق!
رغم أن قضية إعطاء المرأة حق عقد القران من القضايا التي تتعلق بالمرأة، ومطالباتها في المساواة مع الرجل في كثير من الامور، والتي اختلف الامر فيها بجوانب تولي المرأة للولاية العامة، فقد رفضت الكثير من ناشطات الحركة النسائية الكويتية التعليق على رأي المرأة في فتح المجال لها للعمل في الوظائف التي كانت حكرا على الرجل لأسباب دينية، وما إذا كانت المرأة تتقبل أن تقتحم مجالات العمل الدينية، وماذا ستضيف لها هذه المجالات.
فقد وجهت «الراي» الأسئلة لأكثر من ناشطة ومهتمة بالشأن النسائي، فكانت إجابة عدد منهم أنهن غير مهتمات في ما يتعلق بجوانب العمل هذا، وأنه لا يعني المرأة اجتماعياً، فيما أحرج البعض منهن من الأسئلة كونهن غير ملمات في الجوانب الشرعية المتعلقة في الجوانب التي خصصتها الشريعة الإسلامية للمرأة ولم يطلعن عليها «فمن غير الممكن أن نخوض في ما لا نعرف».