«الراي» تلقي الضوء على الفارق بين الماضي والحاضر بعيون تربويين مُخضرمين
التعليم في الكويت... «الله على أيام أول»
محمد الكندري:
طلبة الماضي عانوا الظروف الصعبة ومع ذلك كان للتعليم جدوى أكثر من اليوم
عادل الراشد:
بعض المعلمين انخرط في التدريس طمعاً في الراتب والكادر فتسبّب في اهتزاز صورة المعلم
سالم مشوح:
الفرق بين المعلم قديماً وحديثاً كالفرق بين لاعبي منتخب العصر الذهبي للكويت واليوم
فهد الجري:
التعليم في الماضي أفضل لأن القلوب كانت متآلفة والجميع على قلب واحد
فهد المطيري:
المعلم الحلقة الأضعف حيث انكسرت هيبته ويتحمل عاقبة أي غلطة
البرازي:
لا نؤسس أبناءنا بشكل صحيح فمرحلة التأسيس يجب أن يتولاها أهل الخبرة بالتدريس
منصور سفاح:
على المعلم أن يواكب العصر مع منحه التقدير والثقة للعمل
عبدالكريم الحميداني:
التعليم في الماضي أفضل حيث اتّسم بالجدية وحتى أولياء الأمور تغيّروا
فيما تتسارع خطوات التعليم نحو التكنولوجيا والمباني الذكية وسرعة الوصول للمعلومة، ظلت وسائل التعليم القديمة من مقاعد خشبية وفصول غير مكيفة وطباشير ولوح السبورة السوداء وساحة الألعاب الترابية، متشبثة بأمجادها وماضيها التليد، يحن لها أهلها ولمخرجاتها المتميزة وإبداعها في إيصال المعلومة وعرض الدروس بشكل جميل وجذاب، على الرغم من غياب وسائل التعليم المساندة والرفاهية التي يعيشها الطلبة حالياً، من دون أن تكون مخرجاتها بالمستوى المأمول.
وعلى الرغم من توفير مستلزمات التعليم، وارتفاع كلفة الطالب والصرف السخي على التعليم، من إنشاء مبان ذكية تعمل وفق أحدث وسائل التكنولوجيا، وتنوع أساليب التدريس، من تقنيات تربوية حديثة و«داتا شو» وشاشات ذكية للعرض، ومختبرات لغوية وتطبيق وسائل التعليم الحديثة، فإن هناك ثغرة يشتكي منها الكثيرون، كانت وراء تدني مستوى الطلبة وتراجع مؤشرات التعليم، والعجز أحيانا عن إيصال المعلومة في ظل وجود كل هذه الوفرة من وسائل التعليم المساعدة والمساندة، التي غابت عنها لذة التعليم في الماضي والحماس من أجل الحصول على المعلومة.
تعابير الحنين إلى التعليم في الماضي، مثل «الله على أيام أول» وغيرها، كانت حاضرة في ديوان عادل الراشد، حيث أعاد رواد الديوان شريط ذكريات الماضي ومقارنتها بمخرجات التعليم حالياً، «التي تفتقد إلى روح المسؤولية والعطاء».
حزم ومستوى
وكيل وزارة التربية المساعد للتعليم العام الاسبق محمد الكندري، قال إن المبنى المدرسي في السابق كان بسيطا وغير مناسب، وكان الطلاب يدرسون في فصول بلا تكييف ولا مبان حديثة، ويواجهون صعوبة في الوصول إلى المدارس، نظرا لبعدها الجغرافي وقلة المدارس أصلا، أما في الوقت الحالي فهو متطور ويضم تقنيات حديثة.
وفي ما يتعلق بأعضاء هيئة التدريس، أوضح أنه «في الماضي كان لهم الأفضلية نتيجة عملهم المخلص، مع وجود جداول وأنصبة كبيرة، أما اليوم فمستوى التعليم أقل جودة. والطلبة في السابق كانوا يعانون من الظروف التعليمية الصعبة، ومع ذلك تجد أن التعليم له جدوى ونتائج طيبة، أما اليوم في وقت التطور والتكنولوجيا تجد شكاوى من العملية التعليمية وتذمرا من قبل البعض».
وأشار الكندري إلى أن الادارة المدرسية في السابق كانت أكثر حزماً وإلماماً، بخلاف ماهو موجود في الوقت الحالي، نتيجة قلة الخبرة والتراخي، لافتا إلى أن المناهج في السابق كانت سهلة وبسيطة وعلى مستوى الطالب، أما اليوم فقد ازدادت تعقيدا وحشوا في بعض المواد الدراسية، كما أن الاختبارات كانت قليلة ودقيقة، وهي اليوم كثيرة وتشكل عبئا على الطالب والمعلم والموجه.
وعن وسائل التعليم في الماضي، قال ان الوسائل القديمة كانت بسيطة، أما الان فهي أفضل وأكثر تطوراً، أما لناحية السلبيات فقد كان الطموح محدوداً والمستوى العام متوسطاً، واليوم نعاني من قلة الوظائف وعدم الحاجة لبعض التخصصات وتضاعف الدروس الخصوصية.
صورة المعلم
من جانبه، قال عادل الراشد إن نوعية المعلمين في السابق تختلف عن الوقت الحاضر، فقد كان المعلم طويل البال «ويأخذ راحته مع الطالب»، أما المباني فكانت عبارة عن 3 فصول وأدوات شرح بدائية، لكن الآن جميع الفصول «داتا شو» ومختبرات.
وأضاف أن المعلم في السابق كان من دون هذه الوسائل يوصل المعلومة الى الطالب، أما الآن فإن المجال صار أوسع من خلال البحث عن المعلومات في الانترنت وشرح الوسيلة على الشاشة في الفصل، نريد مزيداً من الاهتمام بالمعلم فهو من يوصل المعلومة وأساس التعليم.
وأكد الراشد أن صورة المعلم اهتزت، وقد يكون المعلم هو السبب الأول في ذلك، وليس الطلبة لأنهم مساكين ويريدون فقط من يجيد التعامل معهم، لذا فإنك تجد بعض المعلمين قد انخرط في سلك التدريس طمعاً في الراتب والكادر، وليس من أجل مهنة التعليم، وهذا حقه ولابد من وجود ضوابط للمعلم الحقيقي.
الحماس والروح
وفي السياق نفسه، قال سالم مشوح، وهو معلم سابق لمادة التربية الإسلامية، ان الفرق بين المعلم قديماً وحديثاً، مثل لاعب منتخب الكويت في العصر الذهبي واليوم، فالقديم أكثر إخلاصاً ومحبة وحماساً من اللاعب الحديث الذي لديه تقنيات أكثر، أما اليوم فإن المعلم يعرف كل الامكانات لكنه لا يملك الحماس والروح اللذين كان يملكهما المعلم في السابق.
وأشار مشوح إلى أن «الحياة في الماضي كانت صعبة للغاية، وكنا نواجه تحديات كبيرة. فالمدارس بلا تكييف ولا برادات مياه ولا أجهزة حديثة»، لافتاً إلى أن زمن التعليم في السابق كان له طبيعة خاصة على الرغم من نقص الموارد وقلة التجهيزات.
أضعف حلقة
أما المعلم فهد المطيري فقال ان طبيعة المجتمع في وقتنا الحالي جعلت المعلم أضعف حلقة، فأي غلطة تتم محاسبته عليها وتحميله المسؤولية، لذلك فإن هيبة المعلم انكسرت، عكس أيام زمان، ولا يوجد قانون يحمي المعلم ويعيد هيبته في المجتمع،. فالمعلم إذا اخطأ، فإن الوزارة تحاسبه، ويتم التشهير به في وسائل التواصل الاجتماعي.
التربوي فهد الجري، كان رأيه مشابهاً، إذ قال إن التعليم في الماضي كان أفضل بكثير، لأن القلوب كانت واحدة والجميع على قلب واحد، كما كانت هناك علاقة احترام متبادلة بين المعلم وولي الأمر، حيث كنت تجد أن الطالب يخشى من إبلاغ ولي أمره بأن المعلم ضربه خوفاً من عقاب آخر.
تعليم التلقين
من جانبه، قال الدكتور عبدالكريم الحميداني إن وسائل التعليم أفضل من السابق حيث كان التعليم يعتمد على التلقين، وكان ناجحاً، أما في الوقت الحالي فلا يمكن التعليم من دون استخدام الأدوات الحديثة، فالجيل والفكر تغيّرا، لكن شخصياً أفضّل التعليم في الماضي، حيث كانت هناك جدية في التعليم وأولياء الامور تغيروا الآن، إذ لايوجد ولي أمر يجلس مع أبنائه في المنزل للمذاكرة.
نسبة وتناسب
وقال الدكتور عايض البرازي «لا أحبذ التعميم بأن التعليم في الماضي أفضل من الحاضر، فالمسألة قضية نسبة وتناسب. ففي التعليم الخاص نرى النسب عالية والتعليم جيد، وتأنيث الابتدائي وجعله للمعلمات، في مجتمعنا لا يصلح أن تدرس المعلمة للطلاب الذكور ولا يوجد استقرار، ويفترض عند التأنيث أن يقوم أهل الخبرة بالتدريس، فهي مرحلة التأسيس للطلبة، وهناك مدارس منذ تأسيسها لم يطرأ عليها تحديث، أما المناطق الجديدة فممتازة».
دور الأسرة
أما المعلم مجبل الشمري فقال ان الفرق بين التعليم في السابق والحاضر هو أن المعلم كان في السابق له هيبة بسبب وعي ولي الأمر، وهذا الأمر غير موجود الآن لعدم وجود قانون حماية للمعلم، فمن الصعب أن يبدع المعلم في التعليم، و«التربية» منعت الضرب في المدارس، وبدأ الطالب التمرد على المعلم، فاليوم نرى ولي الأمر والوزارة ضد المعلم.
وأضاف ان التعليم الحالي أفضل من السابق نظراً لوجود التقنيات الحديثة، لكن وسائل التعليم هي سلاح ذو حدين، ولا بد من تأكيد دور ولي الأمر والأسرة الذي هو أهم من دور المعلم.
المعلم السابق منصور سفاح الراشد قال إن على المعلم أن يواكب العصر، ولابد من تقدير معيّن للمعلم ومنحه الثقة في العمل، فمن غير المعقول سؤال المعلم عن توقيع الحضور والانصراف، مع ضرورة إشراك الأقسام في إدارة المدرسة والعملية التربوية.
وعن الصعوبات التي كان يواجهها الطلبة في السابق، قال الراشد إن «الصعوبات كثيرة من ناحية قلة التجهيزات وعدم وجود مكيفات ولا برادات مياه ولا طاولات حديثة، مثلما نشاهدها اليوم، ولا تكنولوجيا حديثة ولا كتب ملونة أما في وقتنا الحالي فكل شيء متوافر».
وأشار إلى أن الناس في الماضي كانوا يجدون صعوبة في الحصول على التعليم نتيجة الظروف والفقر وقلة الدعم وغياب الوعي.