كان عام 2008 مختلفاً عن الأعوام السابقة، نظراً إلى التقلبات التي شهدها، والتي تعد مفرحة ومحزنة. فعلى المستوى الاجتماعي، كان رحيل سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبد الله قد حط طابع الحزن والألم، وطوى صفحة للمغفور له بإذن الله تعالى كانت عنواناً للعطاء والتضحية وذلك في 13 مايو 2008. وكان النصف الأول من العام قد شهد ارتفاعاً جنونياً لأسعار النفط، إذ بلغ سعر البرميل 136 دولاراً. وجاءت انتخابات الدوائر الخمس بحدث مميز، ولكننا لم نحسن استغلال الفائض في الميزانية، ولم تتحسن الممارسة الديموقراطية.
فالعام 2008 شهد استجوابات، استقالات، وإضرابات، وأزمة مالية مازالت آثارها قائمة حتى تقديم الحكومة استقالتها في آخر العام، بعد تقديم الاستجواب لرئيس مجلس الوزراء!
إنها دورة الحياة التي تمنحنا الدروس والمواعظ، ونحن مازلنا في طور التعلم، ولم نستفد من التقلبات التي واجهتها البلاد... وهذه نتيجة حتمية حينما يقصر البعض في فهم واستغلال الفرص المواتية، والسبب يعود في المقام الأول إلى عدم توافر انسجام بين السلطتين، ودخول صفة الفردية في اتخاذ القرار من قبل البعض، مما غيّب طابع العمل الجماعي.
لقد رحل عام 2008 وترك لنا تداعيات كثيرة، تعد الأزمة الاقتصادية، وتردي الخدمات صوراً ختامية لفصول العام المنصرم: فلا اقتصاد استطاع أن ينهض من كبوته، ولا الاستثمار تم استغلاله بالشكل السليم، ولا حتى الصحة، التعليم، الإسكان، العمالة، الخدمات، قد حظيت بالإصلاح المطلوب، وهذا هو على حد تعبير القادة مؤشراً لانخفاض معدل التقييم الاستراتيجي للمشاريع، نظراً إلى غياب الوعي القيادي، وفشل المنظومة الإدارية في التصدي لعوامل التراخي في التعامل مع القضايا العالقة سواء على نحو قيادي، سياسي، تشغيلي، أو حتى اجتماعي، وتعبير القادة، خصوصاً الاستراتيجيين، منهم يدفع إلى وجوب مراجعة حال التردي، وتحديد مصادر القصور كي يتم وضع خطط عمل لمراجعتها، وتوفير المناخ الخاص لكل واحدة من تلك القضايا بغرض المعالجة في العام المقبل 2009.
إننا أمام قضايا وتراكمات طرحها العام 2008 أمامنا، والحالة أصبحت حرجة جداً، فإما الإصلاح الحقيقي، وإما الاستمرار في ضياع مصلحة البلاد والعباد.
نتمنى أن يخرج لنا التشكيل الوزاري مغايراً ومختلفاً في طريقة التوزير، إذ ينبغي أن يكون معيار الاختيار مبنياً على الكفاءة، وصفة القيادة، والقبول في شخصية المرشح للمنصب الوزاري... والاختيار الأمثل بحاجة إلى خطة حكومية تحدد فيها المشاريع، وتاريخ الإنجاز لكل مشروع، وأن تكون المشاريع مدروسة بعناية فائقة، ومراجعة بشكل دقيق من قبل بيوت استشارية وقانونية.
إننا نأمل في بلوغ حال من الشفافية، الاستقرار السياسي، الإصلاح الاقتصادي، تطوير البنية التحتية، توفير خدمات صحية / تعليمية / إسكانية / كهربائية / مرورية وإدارية تمنح المواطن والمقيم حالاً من الارتياح والثقة بالجهتين التشريعية والتنفيذية.
هذه ملامح العام 2008 قد تركتنا أمام التحديات: فهل نحن مؤهلون للتعامل معها على النحو المطلوب؟ والله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]