لا يكاد دارس في التاريخ الإسلامي إلا ويمر خلال دراسته على ما أطلق عليه (فتنة ابن الأشعث)، وهي فتنة عظيمة وقعت خلال عهد الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد الدولة الأموية، فقد كان عبدالرحمن بن الأشعث قائداً عسكرياً من أهل الكوفة وكان الحجاج يبغضه، ثم إن الحجاج قد جهّز جيشاً لقتال «رتبيل» الكافر، ملك الترك، وجعل الأشعث قائداً على ذلك الجيش وأمره بقتال (رتبيل)، ففتح مدناً كثيرة وغنم أموالاً كثيرة، لكن الأشعث رأى أن يوقف القتال إلى العام المقبل، فكتب إليه الحجاج يأمره بالاستمرار ويذمه ويتهمه بالنكول عن الحرب، فغضب ابن الاشعث، ثم سعى في تأليب الناس على الحجاج والسعي لخلعه، فقالوا: اخلعنا عدو الله الحجاج، فسار الأشعث بجيشه إلى الحجاج ليقاتله، وسعى لخلع أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان، وحذره المهلب أبي صغرة ونهاه عن الخروج على إمامه!
دخل ابن الأشعث البصرة وطلب من أهلها خلع الحجاج والخليفة، وسار معه ثلاثة وثلاثون ألف فارس ومئة وعشرون ألف راجل، وكان ممن شاركوه حملة العديد من الأعيان أمثال سعيد بن جبير والحسن البصري وعطاء بن السالب وغيرهم، ثم التقى الجيشان وتقاتلوا 103 أيام، وقتل أكثر من مئة ألف مسلم وانتصر الحجاج عليهم، فهرب ابن الأشعث إلى بلاد (رتبيل)، فهدده الحجاج وطلب منه تسليم الأشعث إليه، فسلمه (رتبيل) إلى الحجاج، فهرب الأشعث إلى سقط قصر فألقى بنفسه فهلك وانتهت ثورته!
ثورة ابن الأشعث هي دليل على خطر الولوج في الفتنة وتأجيج الناس ضد الولاة الظلمة من دون بصيرة أو إعداد كاف، وقد تابعت ما فعله شخص مغمور (محمد علي) في مصر وتحريضه للناس على النزول إلى الشوارع والتظاهر لإسقاط النظام، ولقد استجاب له بضع مئات من أفراد الشعب ونزلوا إلى الشوارع ليهتفوا ضد نظام الحكم، وكانت النتيجة القبض على كثير من المتظاهرين، والذين يمثل الأطفال غالبيتهم والزج بهم في السجن.