رؤى
العنصرية... فكر شيطاني
أستغرب عندما أسمع أصواتاً من أبناء وطني تتغنى بشعارات القيم والمبادئ السامية، وهي نفسها تبث أنفاساً عنصرية ضد بعضها البعض وضد الوافدين المقيمين في الكويت كل يوم!، وسواء كان هذا التصرف بقصد أو من غير قصد، فهم أو من غير فهم، إلا أن الحقيقة الجلية هي أن أفعالنا وتصرفاتنا مرايا تعكس أفكارنا ومبادئنا وقيمنا الفاضلة عدا ذلك تبقى القيم والمبادئ شعارات نوهم بها ذواتنا بأننا أخيار ونحن نحمل أفكاراً شيطانية رضينا أو لم نرض.
نعم، العنصرية فكر شيطاني فأول من نطق بها إبليس بفكره الاستعلائي، لقول الله جلّ ثناؤه «قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين» الأعراف (12)، فمنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لا يزال هذا الفكر الشيطاني المتعالي يسري في عقول بني آدم حتى صار يعتقد البعض منا أنه يمتلك تمييزاً أو تفضيلاً قائماً على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الجنسية، وانعكس ذلك على حديثه وتصرفاته وتعاملاته اليومية التي تعكس قباحة وجهه.
قالوا عن العنصرية إنها آفة تأكل العقول وتدمر الشعوب والشواهد في هذا العالم كثيرة، ولعل أكثر الدول تطوراً وتقدماً في نظرنا اليوم هي اكثر من عانت من النفس العنصري، فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأميركية عاشت حقبة زمنية استفحلت فيها العنصرية من أصحاب البشرة البيضاء ضد السمراء، ولكنها استطاعت في النهاية تجاوز حقبتها السيئة وأصبحت اكثر الدول تقدماً.
الإعلام عنصر أساسي في بناء الأفكار، وبالإعلام واجهت أميركا تاريخها المظلم، ولا تزال حتى اليوم تتصدى للعنصرية عن طريق إعلام «هوليوود» بالأفلام الدرامية والكوميدية الساخرة، ولعل آخرها فيلم «green book» الحائز على جائزة الأوسكار في عام 2019 كأفضل فيلم درامي، والذي عرض جانباً من العنصرية التي وقعت على فئة كبيرة من المجتمع الأميركي وهم ذوي الأصول الإفريقية في فترة الستينات.
من خلال التجربة الأميركية يتضح لنا أهمية الإعلام في التأثير على بناء الأفكار، واعادة توجيهها حتى نستطيع أن ننشئ بالتربية السليمة جيلاً واعياً يستطيع أن يواجه الأصوات الشاذة ولا يتأثر بها.
ولكن... انتبهوا جيداً... يجب ألا نغفل، المثل يقول أحياناً «القطو العود ما يتربى»، غير أن هناك أشخاص «تخاف ما تستحي»، ومن هنا تأتي ضرورة إعادة النظر في القوانين التي تحارب السلوك والخطاب العنصري، مع تطبيقها تطبيقاً فعلياً خصوصاً بعد تزايد النبرة العنصرية والاستعلائية في الآونة الأخيرة.