هنالك محطات في تاريخ زعماء العالم تبين بوضوح أسرار قراراتهم ومدى تأثيرها في مصائر الشعوب، وللأسف أننا كشعوب لا نملك إلا تلقي الصدمات من دون القدرة على التفاعل أو تغيير الواقع!
بن رودس الذي خدم أوباما مستشاراً لشؤون الأمن القومي وكاتباً لخطاباته الرئاسية من البداية إلى النهاية، أصدر أخيراً كتاباً جديداً بعنوان (العالم كما هو)، بيّن فيه بأن أوباما يكره العرب بشكل غريب، ويردد دائماً أمام مستشاريه أن العرب ليس عندهم مبدأ أو حضارة وأنهم متخلفون وبدو!
وفي المقابل كان يتحدث عن إيران بود ظاهر وإعجاب شديد بحضارتها، وقد بدأ أوباما بالتواصل مع إيران منذ العام 2010 للتوصل إلى وقف لأنشطتها النووية، وقد عرضت إيران التوقف عن الأنشطة النووية لمدة عشر سنوات، مقابل رفع العقوبات عنها وإطلاق يدها في الشرق العربي كله!
وقد حصلت إيران على ما يزيد على مئة مليار دولار، لدعم تمددها في سورية والعراق واليمن ولبنان وأفريقيا ودول المغرب!
يضيف رودس بأن إيران قد انزعجت من فوز اياد علاوي برئاسة الوزراء في العراق عام 2013، وطلبت من أوباما أن يدعم وصول نوري المالكي إلى الحكم، وأن المالكي هو من أمر الجيش بالهروب من الموصل عمداً وترك العتاد العسكري الذي تزيد قيمته على عشرين مليار دولار، وأنه قد تقصد إبقاء مبلغ 600 مليار دولار في فرع البنك المركزي في الموصل عام 2014، وأنه قد ساهم في إدخال 600 عنصر من «داعش» إلى الموصل وزودهم بما يحتاجونه من أموال وعتاد، لكي يبدأ مشوار «داعش» الذي كانت إيران تتحكم فيه، وقد كان أوباما يعرف ذلك ويغض الطرف عنه، لأنه كان يريد أن يختم عهده باتفاق يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وأفاد رودس أن تهديد أوباما بضرب سورية بعد الهجوم الكيماوي على الغوطة في أغسطس 2013 كان هدفه إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران وليس تأديب النظام السوري، ثم بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران أوعز أوباما لمساعديه بألّا يذكروا أمامه أي شيء عن الملف السوري، وقال بالحرف الواحد: تم إنجاز المهمة!
هذه رواية رودس وشهادته على الأحداث، ولكن السؤال: إن كان رودس كاذباً فلماذا لم يستنكر أوباما ذلك، ولم يكذّب مستشاره الذي يشوّه صورته أمام الناس؟!