جودة الحياة

الإعلانات والسلوك الإيجابي

No Image
تصغير
تكبير

عايشنا منذ أيام مضت شهر رمضان، شهر الرحمة والخير والبركات، بجمال روحانياته وتعودنا صيام أيامه وقيام لياليه، ثم لوّح مودعاً ومغادراً لنعيش على أمل أن يهل علينا في السنة المقبلة، كما عهدناه بالخير والبركة.
كل طقوس حياتنا تتغير في شهر الصيام، حيث يزداد التواصل بين الناس خصوصاً مع الأهل والأرحام، ولكن أكثر ما شدّ انتباهي في هذا الشهر الفضيل، ما كنت أشاهده من الإعلانات التي تعرضها العديد من الجهات والشركات الخاصة على شاشات التلفاز، وهي إعلانات ذات محتوى اجتماعي راقٍ تدعو إلى السلوكيات الإيجابية وتدعم العادات الاجتماعية الحميدة بين أفراد المجتمع من مثل التمسك بالترابط الأسري، والتشجيع على عمل الخير ومد يد العون للآخر، والحث على الولاء للوطن وطلب العلم واعتماد حسن الخلق في التعامل مع الآخرين، واحترام الكبير والعطف على الصغير وكبت الغضب وعدم التسرع في إطلاق الأحكام على أقوال وسلوكيات الأفراد والتجاهل والتغاضي عن صغائر الأمور وهفوات الأصحاب، وتقبل الاختلاف واحترام الرأي الآخر... الخ.
وغادرنا شهر رمضان، وغادرت معه تلك الإعلانات الجميلة والتي حفظناها كباراً وصغاراً، ومن لم يحفظ كلماتها راح يدندن بلحنها والتي كان لها الأثر الإيجابي الجميل والواضح على سلوكيات الجميع وبخاصة الشباب والأطفال.
وهنا يتبادر لذهني السؤال التالي: ما الضير في استمرار مثل تلك الإعلانات؟ أم هي فقط لمجرد الاستحواذ على الإعجاب وحصد الجوائز والتقدير .
أعتقد جازمة أن مثل هذه الإعلانات لا يجب أن تقتصر على شهر رمضان. صحيح أن شهر رمضان له خصوصيته ولكن رغم ذلك لا يختلف اثنان على أن المبادئ الراقية والسلوكيات والعادات الايجابية ليست محصورة بفترة زمنية محددة أو بشهر من شهور السنة، والدعوة إلى التعامل بإيجابية في أمورنا الحياتية يجب أن يكون دائماً ومستمراً خلال كل الأيام وعلى مدار الساعة. أعلم جيداً بأن تلك الإعلانات تكلف من الجهد والمال الكثير، ولكن يجب أن يكون الهدف الحقيقي منها تطوير حياتنا وتربية أبنائنا وتهذيب سلوكيات مجتمعاتنا، فأنجح الإرشادات والنصائح هي الإرشادات غير المباشرة والتي تشد الأبناء وحتى الكبار بالمتعة والسلاسة والصور الجميلة المقنعة، وليس هدفها فقط ارتفاع نسبة المشاهدات وحصد الجوائز والاستفادة الشخصية.
وهذا هو الدور الحقيقي للإعلام الايجابي وجميع مؤسسات الدولة العامة منها والخاصة.
فنحن بحاجة ماسة إلى ترسيخ التفكير الإيجابي ليحل وبالتدريج وليزيح التفكير السلبي والدعوات والظواهر السلبية غير المحببة والمرفوضة من قبل مجتمعاتنا.
فهل ينتهي الخير بعد شهر رمضان؟! مجرد سؤال تبادر إلى ذهني.
وأمنيتي بأن تستمر الدعوة إلى نشر الايجابية وتعزيز السلوكيات والعادات الإيجابية في كل شهور السنة، ومن جميع أفراد المجتمع ومؤسساته وهيئاته العامة والخاصة على حد سواء.

* مستشار جودة الحياة
Twitter : t_almutairi
Instagram: t_almutairii
[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي