حروف نيرة

تعدد الزوجات

تصغير
تكبير

كان تعدد الزوجات مشروعاً قبل الإسلام منذ أقدم العصور بغير حـد وبلا ضوابط أو قيود، فعالج الإسلام هذه الفوضى وجعل للتعدد حداً وهو الاقتصار على أربع زوجات.
ويعترض البعض على نظام التعدد ويرون أنه لا يحق للرجل أن يجمع في عصمته أكثر من زوجة، لِما في ذلك من ظلم للزوجة لصعوبة العدل بينهن في رأيهم، واستدلوا على ذلك بأن القرآن اشترط العدل لإباحة التعدد في قوله تعالى: (فانْكِحُوا ما طَابَ لكم مِنَ النِّساءِ مَثْنى وثُلاثَ ورُباع فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)، ثم نفى استطاعة العدل في قوله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُم) فاعتقدوا أنها تعني عدم قدرة الرجل على العدل بين نسائه، ولكن الصحيح أن الآية الأولى اشترطت العدل في ما يقدر عليه الزوج وهو العدل في المبيت - تقسيم الليالي - والنفقة والمعاملة، وأما الآية الثانية نفت العدل في ما لا يقدر الزوج على التحكم فيه، وهو المحبة والمعاشرة الزوجية.
والمراد أنه لا يجوز التعدد إلا مع التأكد من القدرة على العدل بين الزوجات في ما يقدر عليه الزوج كالمعاملة والنفقة، وليس في ما لا يقدر على التحكم فيه كالمحبة؛ فمن حق الزوج أن يعدد إن كان متيقناً من عدم الوقوع في الجور والظلم للزوجة والإضرار بها، وعدم إعطائها حقها المفروض عليه.
ونلاحظ في قوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)، فقد جعل تعالى مجرد الخوف والشك في قدرة الزوج على العدل مانعاً له من التعدد؛ فلا تعدد إلا مع ضوابط العدل.
وظن البعض ان التعدد إهانة للمرأة لأنه متعة للرجل، ولكن الصحيح أنه حماية لسلوك الرجل وأخلاقه خوفاً من الوقوع في الرذيلة، وهو حماية للمرأة أيضاً؛ حيث إن نسبة النساء في العالم تزيد على نسبة الرجال، ولو كان الزواج مقصوراً على زوجة واحدة لأدى ذلك إلى حرمان الكثيرات من النساء من فرصة الزواج، فنظام التعدد حماية للمستوى الأخلاقي في المجتمع.
أما ما نراه اليوم من ظلم ومفاسد، كمَيـل بعض الأزواج نحو إحدى الزوجات من دون ضرائرها فإنها لم تنشأ عن نظام التعدد، وإنما هي ناشئة من سوء تطبيقه، فعلى الزوج ألّا يُقدم على التعدد إلا إذا أيقن من قدرته على العدل بين زوجاته، وعلى الزوجة أن تتذكر أن الرجل لن يعدل بينهن إلا إن كان عادلاً مع نفسه، بحسن خلقه وطيب أفعاله خصوصاً في هذا الزمن.

[email protected]
aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي