في «أسبوع القوانين» الذي عاشه مجلس الأمة قبل فض دور انعقاده الثالث يوم الأربعاء الماضي، عبر تنظيم مهنة المحاماة وتعديلاته، في مداولتيه، وسط ردود فعل واسعة بين مؤيد رأى أن يوم الإثنين «يوم سعيد»، ومعارض اعتبر أن «المجلس يدمر مهنة المحاماة»، ليحتدم الجدل حول المسألة، ولا سيما ما تضمنته التعديلات من السماح لخريجي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بممارسة المهنة من دون الخضوع لأي تأهيل، أضف إلى منع أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وأعضاء مجلس الأمة من ممارسة المهنة ما داموا على رأس عملهم.
وإزاء هذه التعديلات انقسم المجتمع إلى قسمين أولهما رحب ورأى القانون الجديد خطوة نموذجية تواكب التطورات الحديثة، والثاني اعتبر ما جرى تدميرا للمهنة ولا سيما في موضوع السماح لخريجي كلية الشريعة بممارسة المهنة، لينافسوا خريجي كلية الحقوق، وهو ما فسره البعض بأنه محاولة حكومية للتخلص من البطالة التي يعاني منها خريجو كلية الشريعة، في ظل تكدس وصل إلى مستوى الاختناق تعاني منه وزارة التربية، في استيعاب الخريجين كمدرسين لمادة التربية الإسلامية.
ووسط الجدل الذي احتل مساحات واسعة من الفضاء الإلكتروني وعلى صفحات الجرائد، جاء تصريح رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في جمعية المحامين يوم الأربعاء خلال حفل بمناسبة إقرار القانون عندما قال إنه يرى أن «بعض الجزئيات في القانون قد تكون غير دستورية» وأنه صوت أثناء الجلسة ضد التعديلات، ليفتح الباب واسعاً أمام محاولات إيقاف القانون، من خلال الطعن فيه أمام المحكمة الدستورية، داعياً من يعتقدون بمخالفة القانون إلى الطعن فيه، ليس هذا فحسب، بل تنبأ الغانم نفسه بأن ترد الحكومة القانون ولا توافق عليه، بشكل ضمني عندما طالبها بإنفاذ القانون وعدم رده. ومعلوم أن الدستور يتيح للحكومة في مثل هذه الحالة أن ترفض أي قانون يقره مجلس الامة وتعيده إليه، ويمكن للمجلس عندها إذا أصر على القانون أن يقره بغالبية الثلثين، ليصبح نافذاً ويجبر الحكومة على تنفيذه.
ولا شك أن ما يثار في شأن القانون قد يكون له حجية منطقية يستند عليها، فهناك فرق كبير في الدراسة بين منهج كلية الشريعة وكلية الحقوق، ولا سيما أن قانون الكويت وضعي ولا يعتمد في كليته على الشريعة الإسلامية، وتحكمه مواد ولوائح، لا يتعرض لها منهج كلية الشريعة التي تعتمد على مواد الفقه والتشريع وأصول الدين، وبالتالي هناك فجوة كبيرة بين خريج الشريعة ومهنة المحاماة، وهو ما ركز عليه المعترضون الذين انتقدوا ما جاء في تعديلات القانون الجديد، بالسماح لخريج الشريعة بممارسة مهنة المحاماة دون أي تأهيل، أضف إلى ذلك أن سوق مهنة المحاماة يعاني من تخمة في عدد الممارسين، مع ضخ جامعة الكويت وكلية القانون سنوياً المئات من خريجي الحقوق الذين ينضمون إلى المهنة، وسط حديث عن حالة من الركود والبطالة في سوق المهنة، فإذا انضم خريجو الشريعة إلى المهنة فسيصبح هناك تكدس لممارسيها، واختناق يوازي اختناق مدارس التربية بمدرسي التربية الإسلامية.
أخيرا لا يفوتنا أن نهنئ وزير المالية الدكتور نايف الحجرف لنيله ثقة مجلس الأمة الثانية في أقل من شهر.
[email protected]
[email protected]