فلسفة إجراءات تعيين القضاة في الأنظمة القضائية
«وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ».
لا تخلو العلاقات الانسانية من النزاعات التي تهدد وجود الحقوق وتقلل من مزاياها، ولعل المحور الاساسي للعدالة هو القاضي، ويقصد به رجل الهيئة القضائية الذي يباشر وظيفة القضاء بشكل احترافي ودائم، ويحكم بالعدل بين المتخاصمين من دون ميل أو محاباة.
نجد أن اختيار أعضاء السلطة التشريعية يتم غالبا بالانتخاب، بينما يتم دائماً تعيين أعضاء السلطة التنفيذية، أما بالنسبة لأعضاء السلطة القضائية فيثور خلاف تقليدي ما بين الطريقتين السابقتين، نقارن بينهما تباعاً:
أولا: الانتخاب، يدافع المؤيدون لفكرة انتخاب القضاة عن رأيهم بقولهم إن هذا النظام يضمن استقلال القضاة في مواجهة السلطة التنفيذية، وينتقد البعض الآخر فكرة انتخاب القضاة لأنها كطريقة لا تضمن اختيار الأفضل من ناحية معرفة القوانين، كما أن الاعتبارات السياسية قد تفسد الجسد القضائي وتحيد به عن جادة العدالة المبتغاة.
ثانياً التعيين: الكثير من دول العالم - ومنها الكويت - تفضل اختيار القضاة بالتعيين، ويقصد به التعيين بواسطة الحكومة، وفقاً لمؤيديها بضمان إسناد وظيفة القضاء لذوي الكفاءة العلمية والخبرة العملية، بالتعيين يتم الحفاظ على الجسد القضائي متجانساً بعيداً عن الأهواء السياسية، وهذه المزايا لم تمنع من انتقاد طريقة التعيين باعتبارها تمثل وسيلة ضغط بيد الحكومة، سواء لدى التعيين بالوساطة أو إمكانية تدخلها في نظام الترقيات والإعارات.
ويشترط في مَنْ يولى القضاء جملة من الشروط، قد حددها قانون تنظيم القضاء رقم (1990/23) ويتم صدور مرسوم أميري لتعيين القضاة وترقيتهم، ويؤدون اليمين أمام حضرة صاحب السمو أمير البلاد وبحضور وزير العدل أو أمام رئيس مجلس القضاء الأعلى.
بعد عرضنا لما سبق أرى أن اختيار الكويت لنظام التعيين في الوظائف القضائية أصوب، إلا أنه يستحسن من وجهة نظري تطعيم ذلك باختيار بعض القضاة بناء على ترشيح لجان احترافية متخصصة لأشخاص متضلعين في مجال القانون بشكل عميق وقديم، وذلك من أجل تحقيق الكفاءات المؤهلة كي تستتب العدالة بكل مفاصلها في القضاء والله ولي التوفيق والسداد.
* كلية الدراسات التجارية - تخصص القانون