نظمتها كلية العلوم الاجتماعية في قاعة بنك الكويت الدولي

ندوة «العلاقات الاستراتيجية بين الكويت ودول آسيا»: من دون الانفتاح... لا يمكن تحويل الكويت إلى مركز تجاري مالي

تصغير
تكبير
| كتبت غادة عبدالسلام |
«العلاقات الاستراتيجية بين الكويت ودول جنوب شرق آسيا» موضوع المحاضرة التي عقدت في قاعة بنك الكويت الدولي في كلية العلوم الاجتماعية ضمن ندوة «الانفتاح الكويتي على جنوب شرق آسيا»، والتي نظمتها وحدة الدراسات الآسيوية - اليابانية في كلية العلوم الاجتماعية تحت رعاية وحضور القائم بأعمال عميد كلية العلوم الاجتماعية الدكتور حسين الانصاري ورئيس قسم العلوم السياسية الدكتور عبدالرضا اسيري وبمشاركة رئيس اللجنة الكويتية - اليابانية لرجال الأعمال وائل جاسم الصقر وعضو غرفة التجارة والصناعة طلال جاسم الخرافي واستاذ العلوم السياسية رئيس وحدة الدراسات الآسيوية - اليابانية الدكتور عبدالله سهر ومستشار الوحدة الدكتور محمد سليم، اضافة إلى رئيس مجلس ادارة الجمعية الاقتصادية الدكتورة رولا دشتي.
وأكد القائم بأعمال عميد كلية العلوم الاجتماعية الدكتور حسين الانصاري في افتتاح اعمال الندوة ان الكلية «بادرت إلى انشاء وحدة الدراسات الآسيوية - اليابانية منذ عام 2005، كحلقة وصل مع الموسسات الأكاديمية والبحثية ومؤسسات المجتمع المدني ونظيراتها الاسيوية بهدف تنمية المعرفة بشؤون آسيا ودعم العلاقات الآسيوية - الكويتية وتقديم المشورة لمتخذي القرار في الشؤون الآسيوية».
واعتبر الدكتور الانصاري ان «الحديث عن الاستثمار والمال والاقتصاد عموماً يفرض نفسه اليوم على الساحة العالمية على اثر الأزمة المالية الحالية التي يواجهها العالم بجميع السبل والحلول والاقتراحات»، موضحاً ان «ما أولته الحكومة الكويتية ازاء هذه الأزمة بفضل توجيهات سمو الأمير من اهتمام للتغلب على الأزمة ومحاولة تجنب اثارها السلبية وللحفاظ على مستوى ومكانة الكويت الاقتصادية الاقليمية والدولية تعد خطوة حكيمة من القيادة الرشيدة لتجاوز الأزمة».
وأشار إلى ان ما يطرح خلال الندوة يمهد الطريق لبناء ركائز العلاقات المأمولة بين الكويت والدول الاسيوية معتبراً اننا في هذا الوقت بالذات «نمر بتغيرات واحداث اقتصادية عالمية كبيرة احوج ما نكون إلى تأهيل وتفعيل مثل هذه التوجهات والتجارب واستثمار الفرص الواعدة، خصوصاً وان هناك بعض الدول حققت نمواً اقتصادياً ملحوظاً، ودول اخرى لديها تجارب تنموية متميزة في مجال التعليم والحكومة الإلكترونية يمكن الاستفادة منها».
بدوره، تحدث رئيس اللجنة الكويتية - اليابانية لرجال الأعمال وائل جاسم الصقر خلال الجلسة الأولى من ندوة الانفتاح الكويتي على جنوب شرق آسيا حول نتائج زيارة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد إلى دول جنوب شرق آسيا عام 2004 مشدداً على ان «أهم نتائج هذه الزيارة تتمثل في الاطلاع على تجارب الدول والتعرف على العقلية التنموية والمنهجية العلمية وآلية بناء القرارات السياسية التي تقف مجتمعة وراء هذه المنجزات» موضحاً انه «بعد تحرير العراق تحولت الجهود الكويتية وانتقلت في التركيز من الهم الأمني إلى التركيز على الهم التنموي»، مضيفاً «رافق ذلك حملات ترويجية للاقتصاد الكويتي وللكويت باعتبارها بوابة رئيسية لأسواق المنطقة وخصوصاً العراق» ومشيراً إلى «الجهود التي نظمت وشملت وفوداً عديدة تحت ما يمكن تسميته بالديبلوماسية الاقتصادية، والتي شملت اميركا واوروبا وجنوب شرق آسيا»، مشدداً على ان «اهمها كان الوفد الذي ترأسه سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عام 2004 حينما كان رئيساً للوزراء».
وتابع «كان واضحاً انعكاس هذه الحقبة على ادبيات الاصلاح الاقتصادي في الكويت خصوصاً من حيث الاقرار بالدور التنموي للقطاع الخاص»، مشيراً إلى خطاب سمو الأمير في قصر بيان في اكتوبر 2004 حيث جدد سموه خلاله «التزام الكويت بالاصلاح الاقتصادي وبتوفير المناخ اللازم لمساهمة القطاع الخاص في التنمية القائمة على الانفتاح والمنافسة وتكافؤ الفرص».
وقال الصقر «في ضوء أزماتنا السياسية والاقتصادية المتتالية، اتجهت الأنظار إلى آسيا انطلاقا مما تضمنته من تجارب تنموية وفيما يتعلق بحجم تجارتنا مع دول جنوب شرق آسيا»، موضحا انه «في التجارب الآسيوية هناك التجربة اليابانية الأم التي لحقت بمستوى الغرب وتفوقت عليه أحياناً، وهناك تجارب النمور الأربعة لاحقا «كوريا الجنوبية، تايوان، سنغافورة وماليزيا»، والآن تجربة الصين، وكلها تجارب اعتمدت على عوامل ثلاثة: الاستثمار في التعليم ودور الدولة مع القطاع الخاص وسياسة جذب الاستثمار من الخارج مع تعزيز الادخار لتأمين التمويل المطلوب».
وتحدث الصقر عن «الأهمية الاستراتيجية القديمة والمتواصلة للخليج بالنسبة لآسيا والشرق»، موضحا ان «الخليج مصدر رئيسي للنفط لشرق آسيا واليابان على وجه الخصوص، ويحظى بأهمية جغرافية - سياسية من حيث التقريب بين الشرق الأوسط وآسيا، كما ان الخليج أساس في استقرار الشرق الأوسط، كما تعتبر آسيا مهمة بالنسبة للخليج، حيث انها مصدر للتقنيات المتطورة، وشريك بارز في التجارة والاستثمار».
واعتبر ان «ذلك يبرهن على العلاقة البينية المتبادلة والمحورية بين الخليج وشرق آسيا ويشكل الأمن الاقليمي والدولي بالمعنى التقليدي اضافة إلى حماية مصادر الطاقة عنصرين في علاقتنا مع اليابان وآسيا، غير انه ينبغي ألا يقتصر بناء هذه العلاقة على حماية مصدر الطاقة وعلى الأمنين الاقليمي والدولي، بل يجب أن يمتد ذلك إلى الأمن الاقتصادي وإلى مشكلة المناخ، وإلى تعزيز التعاون في قطاع الطاقة».
وأضاف «حيث ان الطلب على الطاقة يتزايد بشدة في الاقتصادات الصاعدة، مثل الصين والهند، فانه ستزداد الحاجة لمضاعفة شحنات الطاقة من الخليج إلى آسيا»، مشيرا إلى «وجود ضرورة لقيام شرق آسيا والخليج بتعزيز الأمن الاقتصادي».
وذكر ان تلك البلدان «تتميز بنسب نمو مرتفعة، وتمثل أهمية خاصة وكبيرة كأسواق للنفط ومنتجاته، واقتصادياتها غنية بالفرص الاستثمارية الواعدة والمتكاملة مع القطاعات الاقتصادية الكويتية».
ولخص الصقر نتائج زيارة سمو الأمير إلى جنوب شرق آسيا «بالتعرف على العقلية التنموية والمنهجية العلمية وآلية القرارات السياسية التي بنت هذه المنجزات لتسهيل تنفيذ الاصلاح الاقتصادي في الكويت، وهو الأمر الذي تعرقله أزماتنا الداخلية حتى الآن، والتعريف بالأهمية الاقتصادية والتنافسية للكويت في علاقة آسيا بمنطقتنا»، إضافة إلى «دعوة هذه الدول للاستثمار في مشاريع الكويت الاستراتيجية والدخول في مشاريع مشتركة داخل هذه الدول. وركز سموه في هذه الزيارات على مشروع الاصلاح الاقتصادي ودور القطاع الخاص الكويتي في التنمية، وقد ساهمت هذه الجولة في تعديل قانون الضريبة بعدما استمع سموه إلى شكاوى المسؤولين الآسيويين في العرقلة التي يسببها هذا القانون القديم للاستثمارات والكويت خصوصا ما يتضمنه من ضرائب عالية».
وقال «أكد سموه خصوصا، في اليابان، على خلق بيئة مشجعة للاستثمار وتقديم حوافز للمستثمر الاجنبي للاستثمار في التقنيات التكنولوجية المتقدمة، إضافة إلى التوقيع على اتفاقات تعاون خصوصا في مجالات النفط والغاز، وتوقيع اتفاقية في المجال التجاري والاقتصادي والفني بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين، حيث كانت الكويت رئيسة لدورة مجلس التعاون الخليجي ومساعدة الكويت على تطوير موانئها وقد حرص سموه على القيام بجولة في ميناء هونغ كونغ بصفته الميناء الأكثر تطورا في العالم، ونتيجة لذلك حضرت إلى الكويت بعثة من ميناء هونغ كونغ للمساهمة في وضع خطط اقامة مرفأ بوبيان المرتقب وتطوير بقية الموانئ خصوصا مرفأ الشويخ».
كما نتج عن زيارة سموه مساهمة اليابان في معالجة قضايا البيئة وحمايتها وإعادة تأهيلها، وذلك في اطار مبادرة التعاون الياباني - الكويتي حول قضايا البيئة ونقل التكنولوجيا وتوطينها».
وتطرق إلى «مشاركة سنغافورة في عملية اصلاح المرافئ الكويتية وتوسيع المطار ليصبح قادرا على استيعاب ثلاثة أضعاف طاقته الحالية وانشاء منطقة تجارة حرة بين الكويت وسنغافورة، ومساعدتها الحكومة الكويتية في تطبيق برنامج الحكومة الالكترونية لا سيما وان سنغافورة دولة رائدة في هذا المجال».
وختم انه «جرى التأكيد في هذه الجولة على أهمية الدور المحوري للقطاع الخاص في تنفيذ كل هذا البرنامج وسبل تسهيل التعاون معه خصوصا من خلال قوانين تشريعية مثل قانون الضريبة والاستثمار».
بدوره، أشار عضو غرفة التجارة والصناعة طلال جاسم الخرافي إلى ان الكويت «سلطت الضوء على الاقتصاد الآسيوي حكوميا ورسميا منذ عام 2004»، مشددا على «ضرورة وجود الدعم الحكومي لانجاح التجارب في القطاع الخاص التي غالبا ما تكون ناقصة بسبب غياب الدعم الحكومي»، مشددا على أن «جولات سمو الأمير في جنوب شرق آسيا عام 2004 كانت من أهم الجولات التي تركت آثارها على القطاع الخاص وتم التوقيع خلالها على بروتوكولات تعاون على المستوى الحكومي»، مضيفا ان زيارة سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد العام الحالي جاءت تأكيدا لنفس التوجه».
وأضاف انه «كان لدى التجار اهتمام قديم بالتواجد في الأسواق الآسيوية إلا ان الفرص في أوروبا وأميركا كانت أكثر إغراءً»، مشيرا إلى ان «الاحتياط الأجنبي الصيني اليوم يبلغ أعلى مستوى في العالم»، موضحا ان «الاستقرار يعد المصدر الأول لشراء المواد والاستثمار».
وفي الوقت الذي أشار فيه طلال الخرافي إلى اعلان شركة زين دخول الأسواق الآسيوية والتوسع في الاتصالات، واعلان شركة الغانم نيتها التوسع استثماريا، أكد ان التجارب في القطاع الخاص «غالباً ما تكون ناقصة بسبب غياب الدعم الحكومي»، موضحا ان القطاع الخاص عليه علامة استفهام كبيرة مع ان غالبية العاملين فيه مخلصون وأكفاء ونظاف الكف والقلة منهم مستغلون لعملهم»، مضيفا ان تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري «يستلزم الاهتمام بالتشريعات»، مشيرا إلى ان قانون الشركات «لم يتغير منذ العام 1965 وان هذا التحويل يجب أن يمر بمراحل تحددها الدولة ولن يحدث التحول دون حل مشكلة التجار والاقتصاد وعدم معالجة مشاكلنا».
وشدد على ان «الاقتصاد الوطني يمر بمرحلة حداد على حال الوطن»، مبينا تفاؤله «بوجود المهتمين لتطوير الوضع الاقتصادي وقوانين الدولة».
من ناحيته، قال مستشار وحدة الدراسات الآسيوية - اليابانية الدكتور محمد سليم ان «آسيا بحاجة الى النفط الكويتي في حين ان الكويت لديها معظم العمالة آسيوية»، مشيراً الى ان «أمام الكويت فرصة الدخول في التعاون الاقتصادي لتصبح «شريك حوار» مع دول الآسيان»، موضحاً ان «شريك الحوار» دولة ليست عضواً في الآسيان بل تستطيع الاستفادة من التعاون الاقتصادي معها دون الالتزام بشروط العضوية في المنظمة».
من جانبه، تحدث رئيس وحدة الدراسات الآسيوية - اليابانية استاذ العلوم السياسية عبدالله سهر عن الاحتياجات الأساسية التي تتطلب تأهل البنى التحتية التي تحتاج الى خطوط تجارية وزيادة الطاقة والخدمات حتى نستطيع «استيعاب القدرات التجارية والتوسع في المناطق الخارجية، اضافة الى ضرورة تحديث التشريعات التي تعاني مشكلة الازدواجية مع منظمة التجارة العالمية والنظر الى منظومة الامن الاقليمي بشكل أوسع».
وتحدث سهر عن مسارات الجسر الأوروبي - الآسيوي ومسار النقل الأوروبي - القوقازي - الآسيوي التي لا تشتمل على الكويت، مؤكداً انه «دون الانفتاح لا يمكن ترجمة رؤية صاحب السمو بجعل البلاد مركزاً تجارياً ومالياً».
من جانبه، تحدث رئيس مجلس ادارة الجمعية الاقتصادية الدكتورة رولا دشتي عما تمثله دول جنوب شرقي آسيا من تعداد للعالم «يمثل 52 في المئة ونمو الناتج المحلي فيها بين 8.5 و10.5 في المئة، وامتلاكها احتياطي نقد اجنبي نحو 4 تريليونات دولار»، مشيرة الى ترتيب هذه الدول حسب مؤشر التنافسية والسياحة والسفر ومؤشر تمكين التجارة فيها واستعداد شبكة التكنولوجيا فيها.
وأشارت الى وجود تحولات اقتصادية حصلت خلاله 30 الى 40 عاماً الماضية ما يجعلنا نعمل على التركيز على نواحي الاستثمار، حيث تم اتخاذ قرار من الهيئة العامة للاستثمار عام 2005 بزيادة الاستثمار في آسيا من 10 في المئة الى 20 في المئة، اضافة الى مضاعفة الاستثمارات في اليابان لتصل الى 48 بليون دولار والعمل في الصناعة المالية الاسلامية وقطاع السياحة والتكنولوجيا والقطاع اللوجستي».
وتابعت ان منطقة جنوب شرقي آسيا «ثاني منطقة للاستيراد منها بعد اوروبا بما يعادل 20 في المئة من الاستيراد وتعتبر ثاني جهة لتصدير المنتجات غير النفطية ونحو 60 في المئة من الصادرات النفطية».
وختمت الدكتورة دشتي بالقول ان «العالم يمر بأزمة مالية عمقها لم يظهر بعد، ولا يمكن التخيل الى اين ستصل»، مشيرة الى ان «لدى دول جنوب شرقي آسيا احتياطيا يمكن الاستفادة منه لانه سيكون فيها نمو أكثر من غيرها».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي