تخبّط موقفي واشنطن وطهران يثير حيرة المراقبين

ترامب... إلّا الدّم الأميركي!

No Image
تصغير
تكبير

الحرب والمفاوضات والعقوبات «ذخيرة» تصريحات متضاربة تتغير  مع مرور الدقائق

 

أعرب عدد من متابعي سياسة أميركا الخارجية، عن عجزهم عن تفسير السيل الجارف من المواقف التي يطلقها مسؤولو حكومتي الولايات المتحدة وإيران، وهي مواقف متضاربة، تتغير مع مرور الدقائق، وتجعل من الصعب رصد أنماط معينة تسمح بتفسير تفكير هذه الجهة أو تلك.
وفي جلسة جمعت عدداً من المسؤولين السابقين، من الجمهوريين والديموقراطيين، رددت غالبيتهم بأن المواجهة الأميركية - الإيرانية صارت تبدو مثل «مباراة في الصراخ» يصعب فيها تحديد ماذا يريدان.
في القواسم المشتركة بين الاثنين، تعلن كل من أميركا وإيران أنها لا تريد الحرب، ولكنها تردد أنها ستلقن المعتدي درساً. كما تعلن الحكومتان نيتهما التفاوض بلا شروط، لكن الجمهورية الإسلامية تشترط رفع العقوبات الأحادية عليها، فيما تتراوح طلبات واشنطن بين منع طهران من حيازة أسلحة نووية، وبين مطالبتها بوقف تجاربها الصاروخية و«نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة».


يقول الرئيس دونالد ترامب، إنه لا يريد حرب، وإنه ينتظر إيران على طاولة المفاوضات صباحاً... ويغرد مساء بأنه ينوي «محو» إيران عن وجه الأرض. ومثله يفعل المسؤولون الإيرانيون، الذين يصرّون على أن طهران لا ترغب في التفاوض، ثم يكررون أن المفاوضات هي الطريق الوحيد لأميركا لأن الحرب لا تجدي.
وفيما يقول الرئيس حسن روحاني إن إيران ليست مهتمة بالعقوبات، التي لا تؤثر بالمرشد علي خامنئي، يعلن وزير خارجيته محمد جواد ظريف أن العقوبات هي «إرهاب اقتصادي»، وبمثابة حرب، وأن إيران لن تسكت في وجه أي اعتداء عليها.
وفي وسط السيل الجارف من التصريحات، والتصريحات المضادة، والتصريحات المتضاربة من الجانبين، اعتبر المسؤولون الأميركيون السابقون والخبراء، أن ما جرى حتى الآن - بما في ذلك قيام طهران بإسقاط طائرة استطلاع أميركية في الخليج، وتراجع ترامب عن الرد عسكرياً في اللحظة الأخيرة - رسم «قواعد للمواجهة».
من هذه القواعد أن أحدث «الخطوط الحمراء» التي رسمها سيد البيت الأبيض في وجه الإيرانيين، هي «الدماء الأميركية»، أي أنه يمكن لطهران ضرب أي أهداف تابعة للولايات المتحدة أو لحلفائها في المنطقة، من دون أن تقلق من إمكانية رد عسكري، باستثناء في حالة واحدة، وهي وقوع إصابات في صفوف الأميركيين أو سقوط ضحايا. وقتذاك، يصبح الرد «محسوماً».
وفي مقابلة، لخص السناتور الجمهوري عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ ماركو روبيو، سياسة ترامب تجاه إيران على الشكل التالي: «إستراتيجيتنا تجاه إيران هي أقصى الضغط الاقتصادي، ورد عقابي إذا ما هاجمت إيران، أميركيين في المنطقة».
ويوافق الخبراء الأميركيون والمسؤولون السابقون، روبيو، ويعتقدون أن «الوقت هو في مصلحة أميركا وعقوباتها القاسية، إذ يمكن لواشنطن الانتظار، لكن الاقتصاد الإيراني لا يحتمل الانتظار».
أما ترامب، فبدت سياسته تجاه إيران مشابهة لسياسته تجاه كوريا الشمالية، التي سبق للرئيس الأميركي أن هدد زعيمها كيم جونغ أون بالقول إن «زرّي النووي أكبر من زرّك». كما هدد بيونغ يانغ بـ«النار والغضب»، قبل أن «تتطور» الأمور إلى لقاء شخصي بين الرجلين، وإصرار ترامب على أن التسوية مع الشمال أنجزت، وأن كيم يرسل إليه «رسائل حب»... لكن لا كوريا الشمالية تخلت عن ترسانتها النووية، ولا أميركا والعالم رفعا العقوبات عنها.
ربما يعتقد ترامب أن خطابه التهديدي سيفضي للقائه نظيره الإيراني حسن روحاني وجهاً لوجه، لكن في الحالة الإيرانية، يبدو أن عدداً من أقرب حلفاء الولايات المتحدة لن يوافقوا على «التظاهر» بأن الأزمة النووية، وغير النووية، وصلت خواتيمها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي