نفسياسي

دستور... بحاجة إلى... دستور!

تصغير
تكبير

أعتقد أنه آن الأوان لنتناول بصراحة شديدة مثالب دستورنا، والتي تم التحذير من بعضها في مناقشات المجلس التأسيسي مع الدعوة لتطوير الدستور لمزيد من الحريات، بعد سنوات خمس من تطبيقه، لكن كل هذا ذهب أدراج الرياح!
تنص المادة الخمسون من الدستور على أن يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات، مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور.
ومؤدى هذه المادة أن لدينا سلطات ثلاث، تشريعية، وتنفيذية، وقضائية، «يفترض» أن يكون هنالك فصل بين اختصاصاتها مع تعاونها وفقاً لأحكام الدستور، لكن الواقع والمكرس دستورياً - أيضاً - هو أن الوزارة والتي يكون تشكيلها بالتعيين المباشر هي جزء - أيضاً - من السلطة التشريعية، فالوزير هو عضو - أيضاً - في البرلمان له جميع ما لأعضاء البرلمان من حقوق وواجبات، إلا المساهمة في الاستجوابات وطرح الثقة وإعلان عدم التعاون، بل للحكومة الأفضلية على البرلمان بحكم الدستور فلأعضاء الحكومة الحق في المداخلة متى ما أرادوا ذلك من دون التزام الدور المتبع في تسجيل الأعضاء للحديث!


ما يحدث في الحقيقة هو أن لدينا سلطة تشريعية وهي البرلمان المنتخب، ولدينا سلطة تنفيذية غير منتخبة - إلا بأعضائها المحللين من داخل المجلس - ولكن هذه السلطة ليست تنفيذية فقط، ولكنها سلطتان في سلطة واحدة، فهي سلطة تنفيذية وتشريعية تساهم في التصويت على جميع قرارات المجلس - ما عدا ما أشير إليه أعلاه - بل تساهم في التصويت على جميع مناصب ولجان المجلس وتوصياته، بما فيها لجان التحقيق المنوطة بكشف الخلل في مواقع عملها!
هذا الواقع - والذي انتبه إليه الآباء المؤسسون في نقاشهم لوضع الدستور، والذي ارتؤوا تجاوزه لخصوصية المجتمع الكويتي وخصوصية نظامنا الدستوري الهجين بين النظامين الرئاسي والبرلماني - أصبح أحد أهم مواضع الخلل في العمل البرلماني وأدى ويؤدي لتقويض التجربة البرلمانية وإحجام الناس عن التفاعل معها، فالحكومة تدخل للبرلمان وفي جيبها ستة عشر صوتاً متضامناً ولا تحتاج أكثر من «إرضاء» ثمانية عشر نائباً من أصل خمسين عضواً منتخباً لتكون لها الغلبة الدائمة في المجلس، وإدارة دفة العمل البرلماني وفق ما ارتأت وحيثما شاءت!
مرة أخرى... أعتقد أن الأوان قد حان لإصلاح هذا الاعوجاج الدستوري، بتعديل دستوري واضح يحدد صلاحيات السلطة التنفيذية بحيث لا يحق لأي وزير غير منتخب أن يمارس دوراً تشريعياً، تطبيقا للمادة خمسين من الدستور والتي تشير إلى ضرورة التزام جميع السلطات بالمهام الموكلة إليها مع عدم التدخل في مهام السلطة الأخرى!
والله من وراء القصد.
alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي