ضوء

الصراع الديني

No Image
تصغير
تكبير

بدأت الخطة العملية المتصهينة بخلق صراع ديني ديني، واستبدال الصراع الوطني القومي إلى صراع ديني ومذهبي منذ القرن الثامن عشر، لكن تم تجديدها في بداية القرن العشرين، ليقتل العربي المسلم أخيه العربي المسيحي، كما حدث في مصر، أو يقتل العربي المسلم أخيه المسلم، كما حدث ويحدث في أغلب أقطار الوطن العربي، لتحل الفوضى وسفك الدماء بين العرب أنفسهم، لتنفيذ المخطط الاستراتيجي الناجع والذي أتى بأكله ونتائجه الإيجابية بالنسبة إلى أميركا والغرب منذ الثمانينات وحتى اللحظة، بجعل (العدو) يقتل نفسه بنفسه، بدل من أن يزج الغرب وأميركا المتصهينة بجنودهم في الحرب، فالاستعمار الجديد حل محل القديم. وفكرة الدولة اليهودية المطروحة حديثا لتهويد الكيان الصهيوني تصب في المخطط نفسه.
أما المخطط القديم، فقد طُرح ضمن توصيات المؤتمر الأول 1907، برئاسة رئيس وزراء بريطانيا، اليهودي المتصهين عضو المحفل الماسوني، كامبل بنرمان، حيث دعا سبع دول أوروبية لعقد مؤتمر في بريطانيا، محذراً إياهم بأن أوروبا الآن على شفير الهاوية وفي مرحلة الانحدار، فإن أردتم البقاء على القمة أم الهبوط إلى القاع والحضيض، فاتفق الجمع بالطبع على الرغبة في البقاء على القمة، فقامت بريطانيا بتوزيع خرائط الوطن العربي على الوفود السبعة، وبالحرف الواحد قال لهم بنرمان: إن هذه المنطقة سر قوتنا وسر ضعفنا، وهي الآن ضعيفة متشرذمة لكنها تمتلك كل مقومات النهضة، لأن لديهم قوة بشرية غالبيتها تتبع دينا واحدا، يتحدثون لغة واحدة من المشرق إلى المغرب، ولديهم تاريخ مشترك، وموقع جغرافي استراتيجي أساسي، فهذه المنطقة تشرف على أوروبا والهند وافريقيا وآسيا، وتحتوي على كل المواد الخام الأساسية التي نحتاجها، إضافة إلى أن المنطقة تتحكم في أهم الممرات المائية العالمية، مضيق هرمز، باب المندب، قناة السويس، ومضيق جبل طارق، ولا يحتاجون إلا إلى قيادة صالحة للنهضة.
وعلينا من أجل ألا تنهض أبداً، زرع جسم غريب فيها، يكون مواليا لنا وتحت حمايتنا، وينفذ مخططاتنا ويحقق مصالحنا، ومن أهم أهداف هذا الكيان: فصل المشرق عن المغرب، وجعل المنطقة في وضع اللاتوازن واللا استقرار، لتعطيل نهضة الأمة العربية.
فتوجه وفد يهودي صهيوني بقيادة حاييم وايزمان إلى بريطانيا، لعرض موافقتهم على زرع الجسم الغريب، بعد أن رفض السلطان العثماني عبدالحميد الثاني خطتهم، وبسبب ذلك تم خلعه في أبريل من عام 1909.
وكانت الماسونية الصهيونية العالمية تبحث منذ عام 1880 عن الأرض المناسبة لزرع كيانهم، وقد تباينت الخيارات والآراء بين أفريقيا وبالتحديد غينيا، أو آسيا وبالتحديد في المملكة العربية السعودية، واستقروا على أفضل خيار في نظرهم، في عمق ضلوع الوطن العربي في المشرق، ما بين الأردن ولبنان ومصر وسورية، ألا وهي فلسطين، وقد كانت تحت مسمى الشام، وكانت فلسطين باسم متصرفية القدس. وهكذا استطاعت الماسونية تحويل الصراع من قومي إلى ديني، لكي لا يكون الكيان الغريب مهدداً، ولحمايته ايديولوجياً وعسكرياً وسياسياً واقتصادياً.
وكان مخطط سايكس بيكو آنذاك قد شارف على الانتهاء، وتم توزيع تركة الإمبراطورية العثمانية كلها تقريباً عام 1917، وقُسّم الوطن العربي إلى أقطار متعددة بعد أن كان موحداً، وبعد احتلال العراق تغيرت معالم الوطن العربي مجددا، فبالنسبة لهم، العراق وسورية ومصر والسعودية في المشرق العربي هي حجر الزاوية، لذلك هذه الدول مستهدفة ولا بد من تفكيكها والسيطرة عليها، ولا ننسى بأن دولة إسرائيل المزعومة حدودها غير معلنة رسمياً، لكنها تشمل كلا من الأردن وفلسطين ولبنان، ونصف كل من سيناء وسورية، وثلثي العراق والسعودية، أما في المغرب العربي، فإن ليبيا والجزائر والمغرب هي حجر الزاوية، لذلك بدأوا بالجزائر في التسعينات، وانتهوا بليبيا، وها هم الآن يعدون العدة لتقسيم ما تبقى منه، في ما يسمى بصفقة القرن، فهل نُسهّل لهم المهمة أم نعيقها؟

aalsaalaam@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي