ماذا سيفعلون إذا استمرّ سعر الصرف في التدهور؟
هبطت الليرة فزادت عقارات الكويتيين بتركيا 33 في المئة
وافدون وبدون تقدموا للحصول على الجنسية بعد شرائهم شققاً
الشمالي: الاستثمار في تركيا غير مشجع على... المدى القصير
أيوبي: هناك مشاريع واعدة قد تزيد أسعارها ما بين 20 و30 في المئة
فتحي: يتوجب العمل بنظام حساب الضما لتطمئن كل الأطراف
رغم التذبذب الكبير الذي شهدته الليرة التركية في الأشهر الأخيرة، وأفقدها نحو 9 في المئة منذ بداية 2019، بعد أن هبطت 28 في المئة خلال 2018، إلا أن المستثمرين الكويتيين قرروا خلال الأشهر الخمسة الماضية مخالفة الاتجاه النزولي لليرة، بزيادة استثماراتهم العقارية في تركيا بمعدلات بلغت بنحو 33 في المئة، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي، وذلك وفقاً لمعهد الإحصاءات التركي.
وفيما تركّزت استثمارات الكويتيين في المشاريع الجاهزة للسكن أو للاستثمار، فتحت هذه الشهية الاستثمارية الكبيرة النقاش واسعاً حول إمكانية استمرار نمو عمليات شراء الكويتيين العقارية في الأشهر المقبلة، خصوصاً لو استمرت الليرة في تسجيل مزيد من الخسائر؟.
استثمارياً، هناك من يعتقد بجدوى مستقبل هذه الاستثمارات لكن شرط توجيهها نحو مشاريع معروفة، معتمدين في ترجيحهم في هذا الخصوص أن تراجع سعر صرف الليرة في الأساس هو من حفّز على تسجيل هذا النمو الكبير بعمليات الشراء العقاري، وأن المستثمرين الكويتيين انتهزوا تراجع سعر صرف الليرة بضخ مزيد من الاستثمارات.
وفيما هناك من يعاكس هذا الرأي ويعتبر أن الاستثمار في تركيا على المدى القصير غير مشجع، يعزّز أصحاب النظرية المتفائلة توقّعاتهم، بأنه تم توجيه غالبية استثمارات الأفراد الكويتيين نحو عقارات بغرض السكن، وبعضها عقارات استثمارية، ما يجعل الشريحة الأكبر منها مبوبة محاسبياً في خانة الاستثمارات طويلة الآجل، وهذا يقلّل من حدة الانعكاسات السلبية المتأتية عادة من التذبذب الكبير في سعر صرف الليرة خلال الفترة الماضية.
وأوضحوا أن الانخفاض الحاد في أسعار العملة يسبب خسارة كبيرة للأموال الساخنة، أما الاستثمارات المستقرة، فتتمتع بمصدات قوية أمام تذبذب عملة البلد، باعتبار أن خسارتها من الناحية المالية غير محققة، باعتبارها استثمارات غير مطروحة للبيع.
الرئيس التنفيذي لشركة «لاند المتحدة»، طلال مصطفى الشمالي، رأى أن الاستثمار العقاري في تركيا حالياً غير مشجع على المدى القصير، نظراً لعدم وضوح الرؤية لما تتعرض له البلاد من تحديات سياسية ومالية انعكست بشكل سلبي على الاقتصاد.
وفي الوقت نفسه ينصح الشمالي بعدم التخارج من العقارات الاستثمارية في الوقت الحالي، بسبب التراجع الكبير الذي تعرضت له الليرة منذ بداية العام الحالي، لأن البيع سيسبّب خسائر كبيرة.
ولفت إلى أن الخيار الاسثتماري الأفضل حالياًَ هو التوجه نحو الأسواق الأوروبية، عازياً توقعاته في هذا الخصوص إلى ما شهدته أسعار عقارات هذه الدول من انخفاض خلال الفترة الماضية، تراوح بين 10 و15 في المئة، معتبراً أن هذا المعدّل من التراجع يزيد من فرص الاستثمار المشجعة مستقبلاً.
ويعتقد الشمالي أن الاستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وما يترتب على ذلك من إمكانية تخارج العديد من المستثمرين من عقاراتهم في الأسواق الأوربية، ومن بينهم إنكليز، يعزّز توقعاته المتفائلة حول مستقبل هذه الأسواق، مشيراً إلى أن الدول الأوروبية امتصت بالفعل صدمة «بريكست» وهبوط الأسعار خلال الفترة الماضية.
وذكر الشمالي أنه في حال اشترى المستثمرون العقارات حالياً في دول أوروبا ولم يحدث «بريكست» فإن أسعارها سترتفع على المدى البعيد، وسيحظى مشتروها بربح كبير.
أما مدير عام شركة «ماغنت» للدراسات والاستشارات، عضو مجلس إدارة شركة أتيش للإنشاءات، ماهر أيوبي، فأكد وجود فرص استثمار عقاري محفزة في تركيا حالياً، موضحاً أن تزايد إقبال المستثمرين الكويتيين خلال الفترة المذكورة يعود في المرتبة الأولى إلى تراجع الليرة أمام الدولار، التي تصبّ في مصلحة المشتري الأجنبي، مبيناً أن الكويتيين لا يهتمون كثيراً لاحتمال حدوث انخفاض آخر للعملة بعد شراء الوحدة لأن هدفهم منها السكن.
ولفت إلى أن بيانات معهد الإحصاءات التركي أظهرت أن الكويتيين اشتروا 605 شقق سكنية خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، مقابل 402 شقة في الفترة المقابلة من 2018، ما يشكل زيادة بـ33 في المئة، مبيناً أن أكبر نسبة مشتريات للكويتيين من الشقق خلال الأشهر القليلة الماضية كانت في اسطنبول وبورصة.
وأشار أيوبي إلى أن الإقبال على شراء شقق في المشاريع الجاهزة زاد، خصوصاً في المشاريع التي تحمل أسماء مطورين معروفين، في حين سجلت المشاريع قيد الإنشاء تراجعاً كبيراً، وذلك بعد توجيهات رسمية من القنصلية الكويتية في تركيا بتوخي الحذر عند شراء وحدات بمشاريع غير جاهزة.
وأكد أن قرار تركيا الأخير بمنح الجنسية التركية للمستثمرين الذين يشترون عقاراً بقيمة 250 ألف دولار على الأقل، زاد من استقطاب المستثمرين الاجانب، خصوصاً من العراق، وإيران، والأردن، وفلسطين، ولبنان، مبيناً أن هناك وافدين يعملون في الكويت وأشخاصاً غير محددي الجنسية تقدّموا بطلب للحصول على الجنسية التركية بعد استثمارهم عقارياً وفقاً للحدود المقررة.
وذكر أيوبي أن هناك مشاريع واعدة ومميزة جداً قابلة لأن تزيد أسعارها بنحو يتراوح بين 20 و30 في المئة سنوياً، ما يخفف نوعاً ما من خسارة المستثمرين الكويتيين المتضررين بسبب تذبذب سعر صرف الليرة، وقال «من الخطاً أن ننصح بالبيع أو عدمه بصفة عامة، قبل تحديد نوع الاستثمار سواء كان شقة أو مكتباً أو محلاً تجارياً».
أما بالنسبة للعقارات الموجودة في مناطق تشهد مشاريع عديدة قيد الانشاء، نصح أيوبي بالتخارج منها، معززاً كلامه بترجيحه أن تسجل مثل هذه المناطق هبوطاً بالأسعار، بعد اكتمال تشييدها، إذ سيختلّ ميزان العرض والطلب لصالح زيادة المعروض للبيع.
ولفت إلى أن عدداً محدوداً من عمليات النصب والتعثر في بعض المشاريع أثّر على معنويات المستثمرين الكويتيين ولذلك بات من شبه المستحيل أن ترى من يستثمر في مشاريع قيد الإنشاء، مؤكداً أن الهيئات الرسمية التركية بدأت تتعامل بشكل منظم أكثر من ذي قبل تجاه الشكاوى التي تأتي من قبل المستثمرين، ناصحاً جميع المستثمرين بعدم شراء أي عقار بالدولار، لتجنب أي مشاكل قد تحدث لاحقا مع المقاول.
من ناحيته، أكد رئيس مجلس الإدارة في شركة القصور الحديثة العقارية محمد فتحي، أن أسعار العقارات في تركيا تراجعت بنسب كبيرة وصلت في بعض المناطق إلى 40 في المئة، منها كوشاداسي، وذلك بسبب كثرة المعروض وقلة الطلب وتزامناً مع انخفاض الليرة.
ولفت فتحي إلى أن المستثمرين الراغبين في التملك بقصد السكن لن يتأثروا مثل من اشترى بقصد الاستثمار، إذ سيخسرون من فرق سعر الصرف واستمرار تراجع الليرة.
وبيّن أن الوافدين الذين يعملون في الكويت يركّزون على شراء العقارات التي يتراوح سعرها ما بين 10 و30 ألف دينار، موضحاً أنهم يركزون على اسطنبول، وبورصة، وفتيحه، وطرابزون، والأماكن الساحلية مثل كوشاداسي.
ودعا فتحي وزارة التجارة والصناعة في الكويت إلى فتح حساب ضمان توضع فيه قيمة العقار إلى أن يتم تسليم الوحدة للعميل، بهدف ضمان حقوق كل أطراف العملية البيعية، ويزيد من المقدرة الرقابية على مكافحة عمليات الغش والنصب.