الإقبال الأكبر محلياً على معارض الروايات والشعر الشعبي والتنمية البشرية

تراجع صناعة الكتب ورقياً ... الإنترنت ليس المتهم الوحيد

تصغير
تكبير
  • العجمي:  الكتاب الورقي لا يزال صامداً أمام التكنولوجيا 
  •  مصطفى:  المشروع  قد يكون مربحاً... حتى وقت معين 
  •  قنديل: من يؤسس داراً للنشر فعليه أن يملك مال قارون وصبر أيوب 
  •  رزق: مستويات القراءة انخفضت بوضوح منذ العام 2000   
  • مروّة: البيع «أونلاين» تجربة فاشلة وسط صعوبة منع السرقة إلكترونياً

فيما شهدت دور النشر المحلية تنامياً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إلا أن هيمنة التكنولوجيا وتغلغلها الكبير في هذه الصناعة سجلت تزايداً أكبر، بعد أن باتت أغلب الكتب متوافرة بالمجان على شبكة الإنترنت، لكنه لا يمكن تصنيف ذلك، على أنه السبب الوحيد وراء تقدم التكنولوجيا عن الصناعة الورقية في السنوات الأخيرة.وإلى ذلك يمكن القول إن شباب كويتيين يتبنون مشاريع دور النشر الورقية، لجأوا إلى الاستفادة من ثورة التكنولوجياً، في مسعى لتعزيز قدراتهم الترويجية لبضاعتهم، وذلك من خلال جذب مشاهير الفن و«الفاشينيستات» لخوض تجربة الكتابة، والتي عادة ما ينفذها لهم «كاتب شبح»، واستغلال هذا العامل من خلال رفع أسعار الكتب التي لا تقل في الغالب عن 3 دنانير، ويصل متوسط سعرها لـ5 دنانير، رغم ضعف ما تقدمه من محتوى.
وتستغل هذه الدور المعارض الدولية للكتاب، وتختلف الإيرادات التي تحققها بحسب قوة الإصدارات التي تطرحها والكتّاب الذين تجتذبهم إليها، وعادة ما يشهد المعرض ازدحاماً كبيراً من قبل الشباب، والمراهقين الذين يقبلون على دور النشر التي تعرض روايات وكتب الشعر الشعبي والتنمية البشرية.
ووفقاً لمسؤول دور نشر شهيرة في الكويت، فإن المعرض يمثل فرصة مهمة لارتفاع مستوى مبيعات داره، والتي يبلغ متوسط إيراداتها في اليوم الواحد 2000 دينار.


في الوقت نفسه، أشار مسؤول آخر إلى أن تحقيق دور النشر لأرباح كبيرة، يأتي نتيجة أسعارالكتب المبالغ فيها، خصوصاً الإصدارات الكويتية، والتي وصل أحدها إلى نحو 10 دنانير، رغم أن عدد صفحاته لا يتجاوز 200.
ورغم أن هذه الطريقة في توزيع النسب، تعكس القيمة الكبيرة التي تربحها دار النشر من إصدار الكتب إلا أن العديد منها يواجه تراجعاً في هذه الصناعة خصوصاً في بعض البلدان العربية.
إلى ذلك بحثت «الراي» مع عدد من أصحاب دور النشر ومسؤولين، جدوى مثل هذه المشاريع في الكويت وعربياً، في مسعى لتسليط الضوء على جدلية تأثير التكنولوجيا عليها.
من ناحيته، أوضح صاحب دار «ماي بوك» للنشر والتوزيع، فيصل العجمي، أن رغم قوة حضور التكنولوجيا في صناعة الكتب إلا أن الورقي منها لا يزال صامداً، مبيناً أن تحقيق النجاح في تأسيس مشروع خاص بدور النشر، يعتمد على قدرتها في الترويج لبضاعتها ونوعية الكتب التي تعرضها.
ولفت إلى أن داره لا تواجه صعوبات في جني الأرباح، كونها تلتزم باختيار النص ومراجعته وأيضاً أسماء الكتاب، مشيراً إلى أن مستوى الأرباح في حالة تصاعدية منذ تأسيسه، فيما نوه بأن التكنولوجيا لا تشكل خطراً على الكتاب الورقي، بل ساهمت في تسويقه وانتشاره أكثر.
وذكر أن الكثير من القراء لا يفضلون القراءة من خلال الأجهزة الإلكترونية، إذ إن لذة القراءة لا يستشعرونها إلا حين القراءة من كتاب ورقي يتصفحونه بأيديهم.
ورغم ذلك، يخالف مسؤول التسويق في المركز القومي للترجمة، ياسر مصطفى، رأي العجمي حول تأثير التكنولوجيا على الكتاب الورقي، موضحاً أن هذا الأثر بدا واضحاً، من خلال انخفاض مبيعات الكتب الورقية سنة تلو أخرى.
ولفت مصطفى إلى أن عدم تحقيق هذه الصناعة للربحية، لا ينسحب على المركز القومي للترجمة كونه كيان يحظى بدعم حكومي وهدفه الأساسي نشر الثقافة، بل إن التأثير يمكن ملاحظته على دور النشر الأخرى، مبيناً أن أسباب هذا التراجع قد تكون بسبب الظروف المعيشية التي تعاني منها الأسر في بعض الدول العربية.
وأوضح أن مشروع دار النشر قد يكون مربحاً حتى وقت معين، لكنه في نهاية المطاف تهيمن التكنولوجيا بشكل أكبر على هذا القطاع.
وتتباين تكلفة طباعة الكتاب وفقاً لعوامل مختلفة، ومنها جودة الورق والحجم وعدد النسخ، ويبلغ متوسط سعر طباعة نسخة واحدة نحو 750 فلساً، وتحصل دار النشر عادة على ما يقارب أكثر من 80 في المئة من قيمة الكتاب الذي تبيعه، في حين تذهب النسبة المتبقية إلى الكاتب.
من جانبه، أوضح المدير التنفيذي لدار «ملهمون» الإماراتية محمد قنديل، أن عدداً كبيراً من دور النشر يتذمر من مبيعاته، رغم أن تأثير التكنولوجيا عليهم ليس بالكبير، خصوصاً وأن الكثيرين لا يتقبلون الكتاب الإلكتروني، ويفضلون حضور المعارض ومقابلة الكتاب والحصول على توقيعهم.
وأفاد قنديل «نستطيع أن نقول إنه منذ 2011 شهدت مهنة النشر تراجعاً في الوطن العربي لاسباب عدة، منها الأوضاع الاقتصادية، وتغيّر طبيعة المواضيع التي يفضل الإنسان العربي قراءتها».
وأضاف «في السابق كانت دور النشر تهتم بطرح الكتب الفلسفية، أما اليوم بتنا نرى هيمنة الروايات على المشهد مع وجود تنوع كبير وانفتاح على الشرائح كافة، ما جعل الكثير من دور النشر، لاسيما المتخصصة منها، تعرض مختلف المواضيع للإمساك بيد العميل بأي طريقة كانت».
وتابع «لهذه الأسباب وغيرها، يعتبر مشروع دار النشر غير مربح، ويحتاج إلى فترة طويلة ومتابعة مضنية حتى يجني ثماره»، معتبراً أن من يريد أن يؤسس داراً للنشر فعليه أولاً أن يملك مال قارون وصبر أيوب.
وفي سؤاله عن سبب استمراره في مشروع دار النشر التي أسسها رغم كل هذه التحديات، أوضح قنديل أن داره تحاول دائماً البحث عن فرص مناسبة وسط التفاؤل باستمرارية حضور الكتاب في المجتمع، وحب نشر الثقافة وتنوير الناس.
من جهته، أشار مدير دار «التنوير» فرع مصر، شريف رزق، إلى أنه لا يمكن ربط تراجع الناس عن اقتناء الكتاب الورقي تحديداً بقوة حضور التكنولوجيا في هذا المجال، مبيناً أنه منذ العام 2000 كان هناك انخفاض واضح في مستويات القراءة، رغم أنه لم تكن التكنولوجيا حاضرة بالقوة التي تشهدها اليوم.
ولفت رزق إلى إحدى الاحصائيات المهمة التي تشير إلى أن نحو 70 في المئة من الشعب الأميركي يفضلون قراءة الكتب الورقية على الإلكترونية، رغم ما تتمتع به الولايات المتحدة، من تقدم علمي وتبنٍ واسع للتكنولوجيا في مختلف المجالات.
بدوره، أشار مدير التسويق في دار الانتشار العربي، نديم مروّة، إلى أنه يصعب تأسيس مشروع دار نشر في مثل هذه الظروف الاقتصادية المتراجعة التي يعانيها المواطن العربي في كثير من دوله، في وقت يجب الأخذ بالاعتبار أن شعوب المنطقة ليست قارئة، ما يكشف أيضاً عن تراجع ثقافي تعاني منه هذه الدول.
وأضاف أن صناعة الكتاب في الوطن العربي، مرت بعصر ذهبي في أيام الثمانينات والتسعينات، ولكنها تتجه اليوم نحو التراجع.
وحول فكرة استغلال دور النشر للتكنولوجيا في إصداراتها، نوه مروّة بأن بيع الكتب «أونلاين» تجربة أثبتت فشلها لاسيما مع صعوبة منع سرقة النسخة الإلكترونية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي