جعفر رجب / تحت الحزام / قدرنا قندرتنا

تصغير
تكبير
لم اكتب منتظرا ما أقرأ... فقرأت أشعارا تمجد بالحذاء، ومؤتمراً للحذاء الدولي، ومطالبات بشراء القندرة دعما لفلسطين، والعاباً مقندرة، واحتفالات ومظاهرات تأييد للقندرة... وهذا ليس بجديد فعالمنا العربي مشهور بالمظاهرات تأييدا للقنادر، سواء كانوا أحذية او بشرا... انتظرت لحظة حتى تخف آثار القندرة، فأخرجت دواة وقلما، وكتبت:
نحن شعوب نحترم النعال لا الحذاء لأننا شعوب نعالية، وليست حذائية، فالنعال جزء من تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا الارستقراطية، أما الأحذية الحديثة فهي من أدوات وبدع الاستعمار والغرب، لذلك يبدو اننا كرهنا الحذاء واحتقرناه لأنه حمل المستعمر الى بلادنا، وأوضح دليل علمي على ذلك، هو مسلسل درب الزلق، «فالأخوان» حسين وسعد يفتحان محلا لبيع الأحذية المستوردة، في مواجهة الخال «قحطة» الذي يبيع النعل، ومشاهد الصراع بين الطرفين تعبير صادق، عن الصراع الثقافي بين الحداثة والأصالة، بين المتحول والثابت...!، ولكي أبين حالة الغل تجاه هذا الحذاء، أو القندرة، أو الجزمة، أو الجوتي، أو الصرماية... ومدى اضطهادنا له وممارستنا العنصرية ضده، لابد أن أشير الى بعض المفردات، ضد الحذاء دونا عن النعال:
فالغبي نقول عنه «مخه فردة جزمة»!

واللاعب الغبي نقول عنه «مخه في جوتيه»
والإنسان الخسيس نقول عنه «قندرة»!
ومن نريد ان نمنعه من الكلام نهدده بوضع «القندرة في فمه»!
والوصف الشائع لقبيح الوجه هو «وجهه قندرة»!
وعند اهانة شخص نقول عنه «ضرب بالجزمة»!
وعندما سقط «صدام» كانت القنادر تودع صوره، وتماثيله، تعبيرا عن احتقارهم له!
هذا الحذاء المسكين رغم حمله، وتحمله لنا، الا اننا مازلنا نحتقره، وان كان هذا لا يضره كثيرا، ففي العالم الآخر هو محترم، ففي هولندا الحذاء رمز للبلاد، ونحن عندنا رمز للبلاء الذي نعيشه!
الشعوب تعيش في الماضي وشعوب تعيش المستقبل، شعوب تخطط لمصالحها وشعوب عاطفية يسيرها الإعلام وأدواته، شعوب تتحرك وتسير، وشعوب ثابتة ساكنة في مكانها منذ قرون، وعلامة السكون «الجزمة» الظاهرة، نحن شعوب لم يحرك مشاعرنا ما يوجد في بلادنا من أقبية للسجون «خمس نجوم» ولا المقابر الجماعية من المحيط الى الخليج، ولا الهزائم والنكسات... بل حركت مشاعرنا «قندرة»..! لا تجزعوا ولا تحزنوا، هذه حال الدنيا يوم لك، ويوم عليك، أمم تصعد وأمم تزول، وأمم «مقدر» لها أن تقود العالم، وأمم «مقندرة»!
***
عندما شاهدت الصحافي يرمي حذاءه تجاه الرئيس الأميركي، قلت: لقد فضحنا بين الأمم، والشعوب، والقبائل... فبينما الأميركي يستطيع أن يوجه صواريخه بدقة لهدف على بعد عشرات الآلاف من الأميال، لم نستطع أن نصوب حذاء، لهدف على بعد مترين!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي