أم صجمة والنباطة والمقلاع

تصغير
تكبير

قبل سنوات طويلة، ومع انخفاض منسوب الغيظ الكويتي من الموقف الفلسطيني السلبي المؤيد بشكل عام للغزو العراقي لبلادنا - التي كانت تحتضن أصلاً بين أضلعها 450 ألف فلسطيني مطرود من وطنه - وصدمتنا من هذا الموقف بالذات منهم دوناً عن بقية شعوب «الضد»، ليس فقط لأن الكويت آمنتهم من خوف، ولكن لأنهم ذاقوا مرارة الاحتلال والطرد ونهب الخيرات، فكيف يصفقون لمن يفعل ما حدث لهم مع غيرهم؟!
في تلك الأيام، وكرد فعل معاكس لإحباطنا من مواقف نصف الشعوب العربية، تداعى الكويتيون مؤيدين لمنح الرئيس الأميركي الراحل جورج بوش الأب الجنسية الكويتية، وتبارى الشعراء في امتداح فضائل (كحيلان) هذا (القرم) الأحمر القادم من بلاد وراء المحيطات لقيادة حرب تحريرنا من ظلم ذوي القربى، ويا ويله يا سواد ليله من ينتقد بوش أو الأميركان.
بعدما مضت السنون وراء السنين، ولأن الطبع يغلب التطبع، خفتت تلك المشاعر الموقتة مقابل ارتفاع مؤشرات الحماس للقضية الفلسطينية من جديد، حيث بدأت تنشط التحركات والتجمعات والتظاهرات المناصرة للقضية، وتعالت أصوات تأييد ثورة الحجارة وأطفال الحجارة ومقاليع الحجارة مؤازرة لمن خذلونا... فنحن نؤازر المبدأ أولاً! وتصاعدت الأمور شيئاً فشيئاً، حتى جاء ذلك اليوم المشهود الذي لبس فيه الشيخ أحمد القطان أطال الله في عمره (قحفية) ذهبية اللون للتدليل على تلك القبة الذهبية الفلسطينية الشهيرة التي صارت رمزاً للنضال الفلسطيني. وأمسك الشيخ بنباطة مميزة وأطلق شعاراً عظيماً بلحن جميل يقول... (بالنباطة والمقلاع... دمر بني قينقاع). وبنو قينقاع - عليهم من الله ما يستحقون - هم من يهود يثرب، وقد طردهم رسولنا الكريم من المدينة المنورة جزاء خيانتهم، فمضوا إلى خيبر وإلى الشام.


ومضت السنون من جديد، والمؤكد أن النباطة لم تدمر أحفاد بني قينقاع، بل جاءهم السيد ترامب وأهداهم القدس كاملة، ويقال إنه يعد العدة لتمرير صفقة القرن التي لا يعرف كنهها أحد، ولكنها يجب أن تمضي ولو كره الكارهون، فهي من مقومات تعبيد ما بقي من الطريق أمامه ليعود رئيساً للولايات المتحدة الأميركية من جديد.
الآن، وفي غمرة ما يحدث في المنطقة وهي مهددة باندلاع حرب أو مواجهات خطرة جداً على حدودنا مع أي غلطة يرتكبها أي طرف، أقرأ خبراً عن إعداد حكومتنا الموقرة العدة لمواجهة خطر رهيب يتهددنا جميعاً... ألا وهو (أُم صجمة) التي يجب أن تتضافر جهودنا وتتلاقى إرادة مجلسنا التشريعي مع مجلسنا التنفيذي ويتجاوز أعضاء السلطتين جراح «دورة الروضان» ليجلسوا على مائدة الاتفاق على حظر هذه البندقية الهوائية من جديد، لتتواصل مسيرة الارتباك الحكومي في تقييم بندقية عشنا طفولتنا وهي بين أيدينا حيث كانت مباحة ومشروعة نطوف الأزقة ونحن نحملها، ونصوب على كل طير ربيع يقف على غصن سدرة.
ولكن دارت الأيام وصارت (أم صجمة) ممنوعة، ويا ويلك يا سواد ليلك اذا صادوك وانت تحملها، وصار توفير (الصجم) وهو ذخيرتها أشبه بعمليات التهريب في سوق السلاح!
ثم دارت الأيام من جديد كما تقول (الست) أم كلثوم، وعادوا وسمحوا ببيع وشراء وحمل (أم صجمة)، ولكنهم الآن من جديد يعدون العدة ويشحذون الهمة للقضاء عليها حالها حال كل ما يرتبط بالذكريات أو بالعادات والتقاليد.
بالمناسبة... وبما أننا على أعتاب مواجهة كبرى محتملة، تباع في الكويت (نبابيط) أشد قوة من (أم صجمة) وهي تستخدم في الخارج ليس لصيد الطيور، بل لصيد الأرانب والحيوانات البرية الصغيرة... ذخيرتها حبات دائرية من الحديد، وهي أشد إيذاءً وأكبر حجماً من صجم أم صجمة، فعليكم بها أيضاً... امنعوها وامنعوا النباطة والمقلاع... وخلونا ننتظر بني قينقاع... والسموحة... رمضان كريم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي