بحسب خبراء علم التواصل الجماهيري، فإن الإنسان يتواصل لفظياً بنسبة 20 في المئة، في حين أن نسبة تواصله اللالفظي 80 في المئة، وهذا التواصل ما اصطلح على تسميته لغة الجسد.
للجسد لغة يعبر عنها حركياً - من نظرة عينين إلى إيماءات يدين، إلى خطوات قدمين - تفضح ما يحاول أن يخفيه كلامه، فيكشفه ارتباكه حين يدعي الثقة، وغروره حين يدعي التواضع.
برز في الآونة الأخيرة خبراء في علوم: تحليل شخصيتك من خطك أو من ألوان ثيابك، وحتى في طريقة احتساء قهوتك.
لكن الغريب أنه مع التطور العلمي، وتطور وسائل التكنولوجيا، وكثرة الأطباء النفسانيين، و«المنفسين»، لم يبرز لنا حتى الآن تحليلات تستند على حسابات الأشخاص في وسائل التواصل الاجتماعي على غرار: قل لي ما هو انستغرامك أقول لك من أنت!
يدعي الشخص الانفتاح على معارضيه، وتقبل النقد ونقاش الرأي والرأي الآخر، حتى إذا ما فتح له حسابا في السوشال ميديا، تراه يقوم بمسح ردوده التي معظمها من نوع «تخسي وتعقب»، ويبلك كل من تسوّل له نفسه الخروج عن نص مدحه والثناء عليه.
أو يدعي أنه شخص اجتماعي وهو لا يتابع أحداً ويتابعه عشرون ولا يضع له لايك إلا أبناؤه والتعليقات في حسابه من نوع: طرق تخسيس مضمونة.
في عصر التوثيق لا شيء يمكن إنكاره، وفي زمن السوشال ميديا كل شيء يمكن إثباته، وفقا للحسابات الموثقة التي لا تكذب، ولكن تتجمل وفي تجملها مساحة كبيرة تقول كل شيء من دون أن تنطق، فالصورة بألف كلمة والانستغرام بألف ديوانية.
صار انستغرام العروس أو العريس أهم من كل ما يقال عنه في الديوانيات، وصار انستغرام المدير دليل الموظفين على كيفية التعامل معه، وانستغرام المرؤوسين أداة مراقبة من رؤسائهم، قد يتم الحكم عليهم بموجبها قبل التعيين وبعضهم يعمد إلى مسح ما خطته يداه عندما يخطو في درب جديد، يتطلع من خلاله أن يرتقي على ماضيه «الانستغرام» ومنهم من يستخدم حاضره الانستغرامي لصياغة مستقبله.
ومن أدق العبارات وصفاً للواقع المتواصل اجتماعياً أن قبل الهواتف الذكية لا يعرف «الخبل» إلا أهله، أما بعدها فصرنا نعرف معظم «الخبلان» ويا ما أكثرهم!