تعود كل عام قبيل دخول شهر رمضان المبارك بأيام

«قريش»... عادة كويتية تأبى الاندثار

تصغير
تكبير

حمد القحطاني: 

قريش مأخوذة في اللغة من «قرش الشيء» أي أكله سريعاً

زيارة المنازل والدواوين عادة رمضانية توارثها الكويتيون

 

يعود شهر رمضان الكريم من كل عام حاملا معه عادات متأصلة في المجتمع توارثها الأبناء عن الأجداد، فالخير في شهر الخير ليس وقفا على الصدقات وإفطار الصائم والعبادة فقط، بل يمتد ليصل إلى العادات والتقاليد الخيرة التي جبل عليها الشعب الكويتي منذ زمن طويل ومازال يواظب عليها حتى يومنا هذا.
فقد عرف أهل الكويت بعاداتهم المميزة الكثيرة في شهر رمضان، ابتداء من حفل «قريش» الذي عادة ما يسبق دخول شهر رمضان الكريم بأسبوع أو أيام قليلة، مروراً بالقرقيعان والغبقات، وليس انتهاء باحتفالات استقبال عيد الفطر السعيد.
وتلقي «الراي» اليوم الضوء على العادة الكريمة الأولى التي يحييها الكويتيون عند قرب حلول الشهر المبارك وهي «قريش».


قديماً كان «قريش» لا يتعدى كونه يوما عائليا تجمع فيه العائلة الكويتية ما تبقى لديها من طعام لا يصلح في رمضان، مثل السمك المجفف والتمر المجفف وخلافه، ويقيمون احتفالا يضم جميع أفراد العائلة في بيت «العود»، ويتناولونه لهدفين، ألا يتلف في شهر رمضان، وأن تجتمع العائلة على وجبة أخيرة سويا قبل دخول الشهر الكريم.
ويختلف المعنى الذي يحمله مسمى «قريش» باختلاف آراء الباحثين الذين رأى بعضهم أنها تصغير لكلمة «قرش» أي مأخوذة من النقود، وبعضهم قال إن معناها يعود لصفة الكرم، أي أن كل عائلة تجود بما لديها من طعام، ويقرقش الإنسان جيبه فيسمع صوت النقود، والبعض الآخر ذهب إلى أن قريش تدل على صغر الوجبة أو قيمتها المادية.
وبغض النظر عن معناها قديما، فإن معناها اليوم في عصرنا الحالي مختلف تماما، إذ تقوم الجامعات والمدارس والشركات والبيوت بإقامة حفل «قريش» احتفالا بدخول شهر رمضان بكل ما لذ وطاب من أصناف الطعام، حتى أن بعضهم أصبح يحجز الفنادق حتى أن حجوزاتها تكون ممتلئة قبل رمضان بأسبوع من أجل إقامة «بوفيه قريش».
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الكويت، الدكتور حمد القحطاني قال لـ«الراي» إن «عادة قريش قديمة جدا وتاريخية في الكويت، ويأتي معناها من (قَرش الشيء) أي أكل الشيء بشكل سريع، وهي أكلة سريعة يتناولها الأصحاب والأهل سويا في المنازل أو الدواوين قبل دخول شهر رمضان بيوم أو يومين»، مؤكداً أن العادة محافظة على نفسها حتى الآن، ويقام حفل قريش اليوم حتى في الوزارات والهيئات.
وأضاء القحطاني على عادات كريمة أخرى تعود بعودة شهر رمضان، منها عادات زيارة البيوت والدواوين خاصة في أول 3 أيام من الشهر الكريم، مشددا على أنه «حتى صاحب السمو يحافظ على هذه العادة بزيارة الدواوين بدخول شهر رمضان، مثل ديوان ولي العهد ودواوين المؤسسات الرسمية». ورأى أن من العادات المميزة التي تمنى ألا تنتهي هي عادة تبادل الأطعمة، وتبادل الأطعمة في شهر رمضان يتم بشكل يومي وهو من العادات القديمة جدا، مبينا أن «قديما كانت الفتيات في سن الـ15 و16 عاما هن من ينقلن الأطعمة للجيران والآن باتت مهمة الخدم».
ومن سمات شهر الخير أيضا أنه يفتح أبواب رزق وفيرة على أصحاب المهن والحرف، فقال القحطاني إن «الناس تذهب بأوانيها النحاسية إلى رجل النحاس لإعادة صقلها وتلميعها وتنظيفها، كذلك تذهب العائلات بسجادها وفرشها من المنازل والدواوين لغسلها استعدادا لاستقبال الضيف الكريم»، مؤكدا أنها عادات موجودة حتى اليوم لدى العائلات الكويتية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي