No Script

خواطر قلم

الشيخ ابن عثيمين ... والحيوان الناطق!

تصغير
تكبير

في كتاب (فتاوى العقيدة) للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، من طباعة الدار السلفية لنشر العلم (مكتبة السنة)، تم توجيه السؤال التالي الذي أنقله بنصه مع إجابة الشيخ عليه.
(سئل الشيخ: عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق؟ فأجاب بقوله: الحيوان الناطق يطلق على الإنسان كما ذكره أهل المنطق، وليس فيه عندهم عيب، لأنه تعريف بحقيقة الإنسان، لكنه في العرف قول يعتبر قدحاً في الإنسان، ولهذا إذا خاطب الإنسان به عامياً فإن العامي سيعتقد أن هذا قدحا فيه، وحينئذ لا يجوز أن يخاطب به العامي، لأن كل شيء يسيء إلى المسلم فهو حرام، أما إذا خوطب به من يفهم الأمر على حسب اصطلاح المناطقة، فإن هذا لا حرج فيه، لأن الإنسان لا شك أنه حيوان باعتبار أنه فيه حياة، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق.
ولهذا قالوا: إن كلمة «حيوان» جنس، وكلمة «ناطق» فصل، والجنس يعم المُعرَّف وغيره، والفصل يميز المعرَّف عن غيره).
ليست الرسالة التي أريد تسليط الضوء عليها من إجابة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أن الشيخ مدرك لمصطلحات المناطقة؟
وليس لأنه وافقهم على التعريف (الماهوي) للإنسان، وليس لعقد مقارنة مع ما جاء في ذات الموضوع من كلام الإمام ابن تيمية في كتابه الرد على المنطقيين، وليس لما تنبه إليه الشيخ العثيمين من ضرورة مراعاة حال المخاطبين وثقافتهم وإدراك وقع المصطلحات الخاصة على أسماعهم، وليس لتوضيحه المهم جداً في معنى الحيوان، من خلال السياق التعريفي، حيث بيّن أن الحيوان أي الذي فيه حياة، وليس بمعنى الدابة أو البهيمة.
هذا كله جيد، ولكن القصد الأكبر من اختيار هذه الفتوى للشيخ، هو البيان والتنبيه على لعبة شيطانية ازداد تفعيلها هذه الأيام، من خلال اختيار مقاطع فيديو لمحاضرة فتُبتر من سياقاتها أو انتقاء نص من كتاب وتحذف السطور السابقة له واللاحقة عليه، ليتم التلبيس والتدليس لتحريف المعنى الأصلي للكلام، وتشويه مراداته وتتويه المشاهد والقارئ!
فكيف إذا كان هذا العمل الشيطاني تقوم عليه فرق محترفة، بل كيف إذا جاءت في ظل صراعات سياسية وأيديولوجية واقتصادية وأحقاد وثارات!
ولنأخذ مثلاً على ذلك التدليس والتشويه الذي يمارسه شياطين الإنس من فتوى الشيخ ابن عثيمين السابقة، فلو أتى إنسان مغرض واقتطع هذا النص من فتوى الشيخ رحمه الله (الإنسان لا شك أنه حيوان)، ثم سلط عليه الضوء وشطب السابق واللاحق من كلامه فماذا سيفهم المتلقي؟!
لذا وجب على عموم الناس الانتباه والتحوط والحذر من تصديق كل ما يأتيهم من مقاطع فيها طعن، وعدم العجلة في التصديق والتورع من تدوير ونشر ما فيه ظلم وافتراء، كي لا يكون مجمع الآفات و(كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع)، وليحرص على أعراض الناس كحرصه على عرضه.
وأخيرا فإننا لا نستطيع منع مصادر البكتيريا التي تصنع مثل هذا الفجور في الخصومات، ولكن نستطيع بقوة المناعة الأخلاقية لدينا أن نصدها بإذن الله، بتبيان حرمتها وعِظَمِ افترائها وتحذير المسلمين من الوقوع في براثنها وعدم التعاطي معها نشراً وتوزيعاً، وإنما إنكاراً وتحذيراً ليصدق فينا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).

@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي