قيم ومبادئ

إذا سرق فيهم الشريف تركوه!

تصغير
تكبير

هذا شعار ودثار أساطين العمل السياسي للأسف في الشرق والغرب.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»، وهذا من انتكاس بني إسرائيل وما أكثر انتكاساتهم في الدين التي أورثتهم خَلْعَة الذُل.
واليوم نسمع من يطالب بتطبيق القانون ومحاكمة سرّاق المال العام، وفي هذه الحال الواجب إذا قطعنا يد الواحد من الضعفاء، أن نقطع اليدين الاثنتين للشريف من الشرفاء، لأنه يجب عليه لشرفه أن يترفع عن هذه الأمور وانظروا إلى فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله وقال لهم: إني نهيت عن كذا وكذا وأن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم «يعني يترقبون الفرص»، فلا يذكر لي أن أحداً منكم فعل ذا «يعني ما نهى عنه»، إلا أضعفت عليه العقوبة... رضي الله عنه، لماذا ؟ لأنهم ربما يفعلون هذا ويجرؤهم على الفساد لأنهم أقارب من عمر فيتوسلون بقربهم منه إلى أن ينتهكوا ما نهى عنه، وإلا لقيل لماذا عمر يضعف عنهم العقوبة ؟ أليس العدل أن يكون الناس سواء؟ بلى ولكن هذا لأنهم توسلوا بشيء لا يحل لهم التوسل به وهو قربهم من ولي الأمر وعلى هذا نقيس قانون محاكمة الوزراء.
والحقيقة أن من سلك هذا المسلك هلك، فمن كان لا يقيم الحد إلا على الضعيف ويمنعه عن الشريف، فهذا سبب الهلاك لأن بني إسرائيل هلكوا بذلك، ونحن وبنو إسرائيل سواء عند الله، إذا لم نتميز بما ميزنا الله به قال الله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ).
ليس بين الله وبين الخلق نسب حتى يقول هذا أقربه لنسبه وقرابته وصلته بي (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، فما أصاب بني إسرائيل حين عطلوا الحدود سيصيبنا إذا عطلنا الحدود، والواقع شاهد بهذا، أترون هلاكاً أشد من هلاك الأمة الإسلامية الان؟ كم عددها؟ مليار ونصف المليار مسلم، يعني بالنسبة للعالم حوالي الربع! إذا كان هذا عددهم انظروا إلى قيمتهم الآن في المجتمع العالمي ليس لهم قيمة إطلاقاً، مع أن عندهم القوة المعنوية والقوة المادية والقوة البشرية، لكن لما أضاعوا دين الله أضاعهم الله عز وجل، حتى كان الإنسان ربما يركن إلى الذين ظلموا من الكفار، أكثر مما يركن إلى إخوانه من المسلمين وهذه مصيبة ومحنة.
والحقيقة التي أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، أنه أقسم أن فاطمة بنت محمد لو سرقت لقطع يدها ومثّل بفاطمة، لأنها امرأة من بطن شريف والمخزومية امرأة من بطن شريف، ولأنها أقرب النساء إليه، مثّل بها لأنها أشهر البنات، حيث قال: هذه لو سرقت لقطعت يدها، وكلمة لقطعت لباشرت القطع، والظاهر أننا نحمله على المباشرة يعني لكنت أنا الذي أباشر قطعها، فنسأل الله أن يوفق ولاة الأمور لمثل هذه الحال.
وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة»، قيل يا رسول الله وما إضاعتها؟ قال: «إذا وسد الامر الى غير أهله فانتظر الساعة».
المؤدي للأمانة مع مخالفة هواه يثبته الله فيحفظه في أهله وماله في حياته وبعد موته، والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده، فيذل أهله ويذهب ماله.

الخلاصة:
لن تتحقق التنمية المستدامة إلا بالنزاهة والتجرد، والمال المسروق - وإن بلغ أرقاماً فلكية - فمآله إلى زوال ويبوء صاحبه بالعذاب، لأنه سيسأل يوم القيامة عن كل درهم فيم اكتسبه وفيما أنفقه.
قال تعالى: «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً * وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ * كَذَ?لِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَال».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي