وجع الحروف

عفواً... أين تجد نفسك؟

تصغير
تكبير

لا تحدثني عن غيرك? ولا تتبع غيرك... أنت عفواً... أين تجد نفسك؟
حديث ذو شجون ربطني بزميل مخضرم يتابع ما نكتب، ويزعجه ما يحصل، ويبحث عن توافق من خلاله نستطيع إيجاد بصمة إيجابية تجاه المعطيات والمتغيرات.
أخاف عليك من هوى النفس... والهوى هو ميل النفس إلى ما يلائمها «ميل إلى مطعم? مشرب ومنكح»... فالهوى ساحب الإنسان لما يريد... وسمي بالهوى لأنه يهوي بصاحبه.


 وفي التعاملات الإنسانية هو ميل النفس إلى ما يتوافق مع انطباعاتها وثقافتها وأخلاقها: إما كذب? مجاملة? تقارب «شللية»، أو عدل? مساواة واحتكام للقانون الالهي والوضعي والأعراف: والعرف إما أن يكون صالحاً مصلحاً لشؤون العامة وإما فاسداً مفسداً لكل شؤون الحياة.
قال تعالى: «فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا»? وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى».
قيل للحسن البصري رحمه الله: يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل؟ قال: جهادك هواك.
ذكرت ما وجب ذكره لصاحبي وها أنا أشارككم فيه? ليس من باب التنظير، بل من دافع المسؤولية الاجتماعية لعل وعسى أن تعم الفائدة.
المراد... إنه من جهل نفسه? جهل كل شيء!
يعني? عندما نتحدث عن الظواهر الدخيلة على المجتمع ومؤسساته فنحن نوجه النصيحة لا تشاؤماً ولا تفاؤلاً بل عرض محايد لا يسمح لهوى النفس التدخل في مضمونه... إن أخذ به كان بها وإن تم تجاهله فنحن قد أدينا المهمة.
اسأل نفسك: أين تجدها؟
هل أنت مع من اتبع مصالحه الشخصية لمكسب ما يظفر به أيا كان نوعه? أو أنت من النوع الذي حدد إطار عمل مقنن لنفسه تحكمه القوانين والأعراف الصالحة، والسلوكيات المثلى والعادات التي جبل عليها المجتمع الكويتي قبل عقود من الزمن؟
من يقبل بالرشوة? أو مرر تجاوزا إداريا أو ماليا? أو سمح لسلوك مشين أن يفسد في المجتمع ومكوناته، فهو يكون قد اتبع هوى النفس الأمارة بالسوء.
إن كثر متبعو الفساد ورموزه، فنحن نخشى أن نهلك بسببهم، وهنا ذكرت صاحبي بالحديث الشريف: «إنما أهلك الذين قبلكم? أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه? وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد»... هنا تكون ميول الأنفس لهواها سبباً في وقوعها.
وتمعن بقوله تعالى: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا».
فأين نحن مما ذكر أعلاه... أين تجد نفسك؟

الزبدة:
إستراتيجية النهوض بالمجتمع، تبدأ من تفعيل مكوناته وفئاته و«النخب الثقافية» الصالحة لمسؤوليتهم الاجتماعية، التي تبدأ من أطر عمل أخلاقية فيها تطبيق القانون والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص وأدب الحوار محرك لها... لا فرق بين فرد مثقف وآخر، فالجميع يجب أن يكون تحت مظلة معينة «ديوانية? ملتقى أو كتلة»، وينتسب لها جميع الأخيار ويكون القصد منها توجيه الرأي العام، لما هو صالح للبلد والعباد، ويفترض بمتخذي القرار منطقيا الأخذ بها.
القصد هو أننا لا نريد أن نهلك ويهلك معنا أحبتنا.
لاحظ ما جاء في الحديث الشريف: «... يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث»!
فكل ما ترونه من أوجه/ نماذج للفساد الإداري والمالي والمعنوي وهوى الأنفس «عنصرية»، «فئوية» أو «شللية» إنما هي صور للخبث.
إن الإصلاح الفوري مطلب حتمي حماية للنسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، وتداركاً للوضع قبل أن نهوي وتضيع كل آمال الصالحين.
مجرد نصيحة فيها المكاشفة لغة صاغت المضمون وعرضت المحاذير، لأننا منذ أن عرفنا التوجيه الرباني المذكور في الكتاب والسنة النبوية، وهي ثابتة، ولنا في أممٍ سبقتنا قد هلكت بسبب مترفيها ورموز الفساد فيها? حتى في العهد الحديث? لنا في فنزويلا التي حددت معيار الولاء عاملاً مؤثراً في اختيار القياديين، وها هي الآن تعاني الانهيار.
عودوا إلى رشدكم... عندكم مجاميع وخبرات صالحة: فلماذا لا تستعينون بها قبل أن نهلك.
لسنا في خانة المتشائمين، لكن الأزمات الأخيرة تشير إلى أننا أخطأنا الاختيار، عندما سمحنا لهوى النفس بالتدخل في اختياراتنا لقيادات المؤسسات، حتى على مستوى علاقاتنا الإنسانية.
قد تكسب شهادة? مالاً? منصباً لست مستحقاً له، وقد تستقي الاستشارة ممن لا يملكون الكفاءة/ الجدارة والخبرة وحسن السيرة والسلوك، وبالتالي ستجد نفسك مساهماً في التيه الذي نعيش صوره... الله المستعان.
[email protected]
Twitter: @Terki_ALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي