وجع الحروف

التعليم و«هشاشة» التدريب...!

تصغير
تكبير

أمضيت قرابة عشر سنوات في مجال التدريب، وقبلها كنت أظن أن التدريب هو حضور دورة للاستفادة من معلومة.
الثابت أن التعليم ينحصر في مفهوم اكتساب علوم ومعارف في تخصص أو مجال معين، بينما التدريب هو ما يكسبك المهارات اللازمة لأداء/ تنفيذ ما تعلمته على أرض الواقع... يعني أن المتعلم لا يمكن أن يكون مدرباً ولا المدرب يمكن أن يكون معلماً.
التدريب يحتاج إلى متعلم والخبرة والقدرة على إيصال المعلومة عن طريق استخدام وسائل التدريب، كل وحسب مجاله.


الذي ألاحظه - في كثير من مؤسساتنا - أن شهادة «مدرب معتمد» لا تكفي لأن تكون مدرباً لموضوع يحتاج إلى معرفة وخبرة... فقد تجد مدرباً ما حديث التخرج وبخبرة متواضعة يعد برنامجاً تدريبياً من خلال «القصّ واللزق»، ويقدم المادة التدريبية، التي لا يخرج منها المتدربون بالمهارات المطلوبة، التي تحسن من أدائهم المهني، وتساهم في رفع مستواهم الوظيفي من ترق وإنتاجية أفضل بما فيها المهارات السلوكية.
حتى أنني لاحظت زيادة عدد الملتقيات والمؤتمرات... ولو دققنا في الأمر لوجدنا الهدف لا يتجاوز الكسب المادي، الذي يحصلون عليه من الرعايات والدعم، وكل وحسب علاقاته «واسطته»، ولهذا السبب نادراً ما نجد مردوداً إيجابياً لكثير منها، ناهيك عن «التفنن» في اختيار موضوع تلك الملتقيات والمنتديات، وحسن الفوائد المصاغة إنشائياً لتبهر عقل صاحب القرار في الجهة الراعية/ الداعمة.
ولوحظ في السنوات الأخيرة? أن كثيراً من المؤسسات قلصت ميزانية التدريب، وهذا ما أثر سلباً على أداء العاملين وربما أن «هشاشة» التدريب كمادة تدريبية فعالة، هي السبب، ويعود هذا كله للأسباب التالية:
ـ الافتقار إلى معايير تحدد الخبرة والمواصفات اللازمة للعاملين في مجال التدريب داخل المؤسسة.
ـ غياب المعرفة الكافية بماهية التدريب، وأهميته في تطوير العمل ورفع مستوى الإنتاجية، وصقل مهارات وسلوكيات العاملين في مختلف المستويات.
ـ عدم وضوح الفروقات بين المعلم والمدرب، وكثرة المنخرطين في مجال التدريب تحت مسمى «مدرب معتمد».
ـ استغلال التدريب كمصدر للدخل والربح.
فهل عرفتم سبب تدني مستوى الإنتاجية لدينا? وافتقار كثير من العاملين لأبسط المهارات من ضمنها «التعامل مع الجمهور»، والأنظمة الحديثة تكنولوجيا.
الزبدة:
نحتاج لجهاز خاص بالتدريب بمثابة مرجعية يضمن توافر الخبرة والمعرفة في المدرب، ويحمي الملكية الفكرية خلاف ما هو حاصل الآن «البعض يقوم بتسجيل المادة التدريبية وهو لا علاقة له بها... فقط معرفة بسيطة من حضوره لدورة قدمها متخصص آخر لم يسجلها باسمه».
ونحتاج لمَنْ يفهم أصول العملية التدريبية والمؤسسات، يجب أن ترفع الميزانية الخاصة بالتدريب، لأنها هي المجال الوحيد لرفع مستوى الأداء، وتعتبر عاملاً يعزز الولاء والانتماء للمؤسسة.
إنها جزء من الثقافة المراد تحسينها، حيث إن المتعلم حصل على الشهادة العلمية وحضر المحاضرات وأدى الاختبارات، بينما المتدرب يحضر الدورة أو ورشة العمل، ليكتسب المهارة المطلوبة، منها ما هو متصل في كيفية أداء الواجبات الملقاة على عاتقه، ومنها ما هو مرتبط بضبط علاقاته وسلوكياته داخل وخارج المؤسسة بما فيها ميكانيكية اتخاذ القرار بالنسبة للقياديين.
إنها جزء من التنمية البشرية... الله المستعان.

[email protected]
Twitter: @Terki_ALazmi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي