الأمن «السيبراني» وخصوصية المواطن

No Image
تصغير
تكبير

تحدثت في مقالي السابق عن «الثورة الصناعية الرابعة والأمن الداخلي»، وركزت على الطابعات ثلاثية الأبعاد ومدى مخاطرها المحتمل في المستقبل. في هذا المقال سأركز على الأمن «السيبراني» كأحد الثورات الصناعية الرابعة وأشدها خطراً.
مما لا شك فيه أن العالم يتغير ويتقدم بسرعة خيالية، والعلوم والتكنولوجيا أحد أهم هذه التطورات السريعة. سبّبت الهجمات على الأمن «السيبراني» الكثير من المشاكل وانتهاك الخصوصيات والقضايا، التي كادت أن تسقط دول وسبّبت فوضى كمثال جوليان أسانغ (مؤسس ويكيليكس) وتسريباته التي سببت فوضى في الولايات المتحدة وأيضا التأثير بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحد عام 2016. بل على الأقل سبّبت خسائر مليارية في بعض الدول في المؤسسات الحكومية والخاصة. الأمثلة كثيرة جداً، من اهمها الانتخابات الأميركية عام 2016، والهجوم السيبراني على بعض البنوك العالمية في بريطانيا وأميركا وأوروبا... الخ، أيضاً الهجوم السيبراني الذي تعرضت له دول الخليج بالسعودية كمثال عندما تعرضت أرامكو لهجوم على آلاف أجهزة القرص الصلب، وكذلك الهجوم السيبراني على موقع وزارة الداخلية الكويتي منذ حوالي عام. لذلك يرتبط الأمن السيبراني بخصوصية المؤسسات والأفراد. فلا خصوصية لأي من هؤلاء من غير أمن سيبراني.
لم أشك بتقييم الأمن «السيبراني» في الكويت بـ«الضعيف جداً» في هذه الأيام. حيث إن الكويت تعتبر - وبكامل الأسف - نموذجاً قديماً جداً «old fashion» في هذا المجال. تبقى لديّ أسئلة ذات أهمية كبيرة فيما يتعلق بـ«الجهاز المركزي للأمن السيبراني» حسب ما صرح به رئيس هيئة الاتصالات المهندس الفاضل سالم الأذينة، والتي ترتكز على الأمن السيبراني والاقتصادي والاجتماعي وخصوصية المواطنين، وهي كالآتي:


1 - ما هي نوع الخطة الاستراتيجية للأمن السيبراني المتعلقة بالجهاز المركزي للأمن السيبراني في دولة الكويت؟ هل هي خمسية؟ عشرية؟ عشرينية؟... خمسينية؟ وما هي المدة الزمنية التي سيقوم بها الجهاز المختص بحفظ أي معلومة تخص كل مواطن والمؤسسات الحكومية أو الخاصة؟ وهل توجد مساحة كافية لأجهزة التخزين؟
2 - هل سيتطلع الجهاز المختص على سرية وحركة ومعلومات المواطنين من دون إذن من المواطن؟ وما هو وضع الخطة الاستراتيجية من الكثير من مواد الدستور التي تتعلق بحرية المواطن كالمواد (17 - 18 - 30 - 31 - 44 - الخ)؟ وهل ستشمل الاستراتيجية تشريع قوانين تتبنى حماية المواطنين، وإعطاءهم حق التحكم والمسح والنسيان للمعلومات، كقانون حماية المعلومات العامة بالاتحاد الأوربي 679 /‏2016؟ هل سيدرس الجهاز المختص مدى التأثير الاقتصادي (إيجابي/‏ سلبي) في حال تشريع مثل هذه القوانين؟
3 - هل الجهاز المختص سيدافع عن المواطنين في حال تعرض خصوصياتهم للاختراق في مواقع التواصل الاجتماعي، كالفيسبوك والانستغرام والتويتر والسناب شات والواتس آب وتعويضهم على ذلك؟ وكيف سيتعامل الجهاز مع بيع المعلومات الخاصة بالمواطنين من قبل شركات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى شركات ضخمة كأمازون وبقية شركات السلع الالكترونية.
4 - ما هي آليات التنبؤ الذكي والحماية للهجمات الالكترونية المتوقعة في المستقبل البعيد، بعد عقد أو عقدين أو ثلاث من الآن، حسب ما يعتقده خبراء الأمن السيبراني؟ وهل هناك «خطة جاهزة لمواجهة - لاقدر الله - أي كارثة سيبرانية قد تحدث؟
5 - هل سيتم دراسة المهاجمات السيبرانية المستقبلية، ووضع خطط وحلول وحماية مسقبلية لها؟
6 - كيف سيتم حماية الاسلحة المتطورة والذكية في حال عزمت وزارة الدفاع شراءها في المسقبل كالدرون والروبوتات؟
7 - هل استراتيجية الجهاز المختص تشمل حماية المواطنين، بعد انتشار منظومة إنترنت الأشياء «Internet of Things» بين المواطنين والمقيمين أو في حال سكنهم في المدن الذكية؟ وكيف ستسيطر على أنظمة المرور ومراقبة الشوارع والأماكن العامة بعد تطورها بشكل ذكي في حال اختراقها؟
8 - ماذا لو تم سرقة معلومات المواطنين أو الدولة السرية، وتم بيعها بسوق الفضاء الالكتروني السوداء، كيف سيتم استرجاعها أو التعامل مع هذه القضايا؟ وهل سيراقب الجهاز المركزي للأمن السيبراني سوق الفضاء الالكتروني السوداء؟
9 - هل ستقدم الاستراتيجية بساط حماية الكترونية كافٍ لتطور الحكومة الالكترونية؟ وكيف ستحمي آلية الانتخابات في حال تطورها لتصبح الكترونية كانتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأميركية؟
10 - ما هو دور الجهاز المركزي للأمن السيبراني من العملات الالكترونية، وتطور التجارة الالكترونية عن طريق التطبيقات «Apps»؟
11 - هل ستلعب الجهة المختصة دورا في حماية نجاح الشركات الالكترونية الكويتية، التي ساهمت برفع اقتصاد الدولة، أي هجمات أو سرقات سيبرانية؟ وهل سيتم دراسة التأثير الاقتصادي في حال تعرض الشركات الكويتية الرقمية لهجوم او سرقة سيبرانية؟
لست عضواً في البرلمان الكويتي، لكي أنتظر إجابات من المسؤولين أو الجهة المختصة، ولكن ما أردت إيصاله هو تنويه/‏ توعية لصناع القرار على بعض أسئلة كثيرة الأهمية ذات بعد أمني، سياسي، اقتصادي، واجتماعي. فالخطط الشفافة مطلوبة بشكل مفهوم ومبسط للجميع، وتسويقها بشكل جيد مطلوب أكثر من قبل الجهة المختصة (كون هذه أحد نقاط ضعف المؤسسات الحكومية) للمواطنين بجميع أطيافهم لتحصل الجهة المسؤولة أو المؤسسة الحكومية على الدعم والتفاؤل الشعبي.

 [email protected]
t: @alsabri1

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي