يقول الخبر: العدساني ينبش «صندوق الموانئ»? وذكر النائب رياض العدساني... إنه سيقوم بتسليم عدد من الوزراء جميع المستندات والوثائق التي يملكها بشأن وجود تجاوزات وتزوير ومخالفات في بعض الملفات... «الراي» عدد الجمعة الماضي.
أعتقد بأن ما ذكره النائب العدساني فيه نوع من المكاشفة، التي نحن أحوج إليها من أي وقت مضى، لكننا - رغم إيماننا بأهمية المكاشفة كسبيل أمثل لحل معظم الملفات العالقة - نرى أن الاستماع كعادة مؤثرة تحتاج لمن يطبقها كي تؤتى الاجتهادات ثمارها.
قد تتفق أو تختلف مع نائب? قيادي? مختص? كاتب? باحث أو أي فرد معني بقضايا المجتمع... ويبقى احترام الرأي والرأي الآخر مبدأ أساسياً في التعامل مع مجريات الحياة.
كي تكون مستمعاً مؤثراً? يجب أن تكون ملماً بالموضوع? وتملك القدرة على الاستماع ولديك - وهذا الأهم - الرغبة في الاستماع.
بعض أحبتنا? يستمع لما يطرح? ويفهم حيثيات الموضوع، لكن المعضلة الرئيسية أنه لا يرغب في الاستماع يعني «خل يقولون اللي يقولونه... وننفذ ما نريد»، وهذا - وإن تحققت أركان المكاشفة المطلوب الأخذ بها - فإن الحلول لن تجد طريقها لعلاج معظم قضايانا... ناهيك عن الاستماع لطرف واحد فقط وفي الغالب هذا الطرف هو سبب في تدهور الأوضاع.
الجميع? من يفهم ومن لا يعلم عن تفاصيل بعض القضايا... أصبح على قناعة كاملة بأننا في حل من كل متطلبات الأرضية المناسبة من مكاشفة ومصارحة ومناصحة، لتجاوز العقبات التي تواجه التنمية المستدامة التي يعتبر العنصر البشري أهم جوانبها.
يسهل الحديث مع الكم الهائل من المعلومات، التي تتناقلها وسائل الإعلام، التي ذكرت بأن جلها «سطحي»... لكن هل من مستمع من جانب متخذي القرار؟
لا أعتقد ذلك والاعتقاد هنا أقرب إلى اليقين، فمؤشرات تدني مستوى التعليم? وسوء الخدمات الصحية والبنية التحتية والطرق، وحتى حالات التجاوزات والمخالفات والتزوير، التي ذكرها النائب رياض العدساني، وكثير من النواب الحاليين والسابقين والمختصين قد تحدثوا عنها... ما زالت قائمة منذ عقود من الزمن.
الزبدة:
كي نفهم المعادلة الأخلاقية الوطنية للعملية الإصلاحية? نحتاج لفهم الحاجة للمكاشفة والمناصحة بعيداً عن «التنبيش».
عندما توجد حوكمة ورقابة وتدقيق على القرارات قبل صدورها? فأنت لا تحتاج إلى من «ينبش» في صندوق هنا واستثمار هناك.
عندما ندرك من تجارب دول سبقتنا? أن التعليم هو أساس التنمية المستدامة، كونها تهتم في صناعة ثقافة جيل متعلم مثقف، ونتابع الإخفاقات التي حلت بملف التعليم واستمرار «التيه» القيادي في ملفات الخدمات الصحية? الطرق? المشاريع? الحيازات... فإننا نفهم أنه لا توجد مكاشفة ومناصحة فعلية ليس لأن مطلقها غير منصف، لكن متخذي القرار لا يجيدون عادة الاستماع المؤثر، وكأن حالات الفساد «جايزة لهم»، وهذا ما يردده السواد الأعظم.
لذلك? نطالب بإيجاد منظومة إدارية مستقلة، تعمل على إيجاد حوكمة صارمة وتدقيق فعال (مالي وإداري)، وتكون مهمتها رصد القضايا المعروضة وتحديد المتسببين في وقوعها، ومن ثم وضع آلية لاتخاذ القرار... يعني منظومة استشارية متخصصة.
هذه المنظومة? تحتاج لاستقلالية تسمح لكل فرد متخصص، أن يدلي بدلوه حول كل قضية يرى أنها مصدر من مصادر الفساد ولديه رؤية للعلاج.
وهذه المنظومة تحتاج لمختصين من المتقاعدين أصحاب الخبرة الطويلة، ومعروف عنهم الحياد وحسن السيرة والسلوك في مجال التعليم بشقيه العام والعالي، وآخرون في المجال الصحي? الطرق? المشاريع? الاستثمار وخلافه... هؤلاء هم من سيكون بمقدورهم صياغة عهد جديد.
تبقى هنا «المكاشفة» وحسن «الاستماع» مدخلاً للإصلاح... الله المستعان.
[email protected] Twitter: @Terki_ALazmi