أصبوحة

البقشيش

تصغير
تكبير

في كل مطاعم وكافيهات دول العالم، تضاف نسبة مئوية كضريبة خدمة، لكن الندل والنادلات يتوقعون بقشيشاً إضافة إلى ذلك، يقدمه الزبون كدليل رضا عن الخدمة، علماً بأنه غير ملزم بأن يدفع مبلغاً إضافياً.
هذا ينطبق على كل الخدمات السياحية، مثل حمل حقيبة السفر، خدمة الغرف وحتى فتح الباب وأنت قادم، حتى شملت هذه الخدمات التحيات الصباحية والمسائية، والتحيات التي ليس لها لزوم أو مناسبة محددة.
وأوضح مظاهر البقشيش نجدها في الدول العربية، خصوصاً الدول الفقيرة أو ذات المستوى المعيشي المتدني، فقد تحولت الظاهرة من خدمات جيدة أو إضافية، إلى حق ملازم لأقل خدمة من الخدمات، سواء خدمات الفنادق المختلفة، أم في سيارات الأجرة، هذا عدا عن عمليات الاحتيال والنصب في كل شيء تقريباً.


ويتحول أحياناً شبه الاستجداء إلى وقاحة، في طلب البقشيش أو زيادته، ولا يتوانى الطالب عن المعايرة أو حتى الشتيمة، خاصة عندما يكون السائح من الدول الخليجية، فيصبح صيداً ثميناً سواء لنفحة مالية كبيرة، أو لعملية نصب واحتيال.
بالطبع ازدادت وتنوعت فنون الحصول على المال، بدءا من سائق التاكسي الذي يسألك مباشرة من أي بلد أنت، كي يقدر ثمن أو طريقة الحصول على اكرامية كما يسميها البعض، أو يفتح حوارات حول والدته المريضة التي تحتاج إلى دواء غال، أو حول ابنته التي طردت من الفصل الدراسي لأن الرسوم ناقصة ستين دولاراً، بل تشابهت بعض الطرق في الدول العربية المختلفة، بأن يتفق السائق مع أحد ليهاتفه في وقت معين، كي ينقل له خبراً وهمياً، مثل ولادة الزوجة أو تعرض الابن إلى حادث طريق، أو أو...، وغيرها من التمثيليات السمجة، لكي تعطف عليه وتساعده.
هناك تعبير في بعض البلدان أن المدينة خشنة، والقرية أكثر مرونة وإنسانية، لكن مع اختفاء الفروق بين المدينة والقرية، يصبح البلد ساحة معركة، اي تحتاج إلى أن تكون متيقظاً في كل الأوقات، سواء عند انتظار أو طلب سيارة أجرة، إلى سؤال عن اتجاه أو مكان، أو تضطر الا تخرج لاكتشاف المدينة.
ونتساءل هل اختفت الكرامة والحياء من هذا الشعب أو ذاك؟ لا شك أن الأوضاع الاقتصادية البائسة التي تعيش فيها شعوبنا العربية، سبب رئيسي لذلك الذل، هذه الشعوب تمر في هذه الفترات، بأسوأ المراحل في ظل النيوليبرالية الرأسمالية، وفرض سياسات اقتصادية جائرة عليها، من قبل المنظمات الرأسمالية، مثل صندوق النقد الدولي، من أجل رفع الدعوم عن السلع والخدمات، والاتجاه للخصخصة وبيع القطاع العام، وغيرها من إجراءات إفقار الشعوب، وتوسيع الهوة بين الغني والفقر.
لكن هذه الشعوب تخفي دائماً مفاجآت، فعندما تُضغط تنفجر في انتفاضات وثورات، وتخرج أفضل إبداعاتها، دفاعاً عن كرامتها وحريتها، وضد الظلم والفساد، فكل شيء يمكن أن تخطط له الاستخبارات الأجنبية مسبقاً، إلا موعد الانفجار الجماهيري.
[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي